الأحد، 22 نوفمبر 2015

قلب طالب العلم

P
قـلب طـالب العـلم
للأستاذة: أناهيد السميري ـ حفظها الله تعالى ـ
محاضرة ألقتها يوم الأربعاء الموافق لـ   / 11/1427هـ

 المقصود بـــ(قلب طالب العلم): هو وعاء العلم، أي المكان الذي سيقع العلم فيه ، واعلم أن من كان قلبه وعاءً للخير ملأ الله وعاءه .
         وإذا لم يصلح الوعـاء فــسـد المــــاء
إما بتسربه إذا كان الوعاء مثقوبا
أو اختلاطه بأن يكون الوعاء ملوثا

فلو وضع الماء في الوعاء، فما الذي سيفسد؟
المـاء.
إذن: سبب فساد الماء فساد الوعاء.
وعلى ذلك إذا صلح قلب العبد - طالب العلم - استطاع أن يحفظ الزاد.
وصلاح قلب طالب العلم يخاطب به طالب العلم في بداية الطلب ، وفي أثناء المسير إلى أن تنتهي حياته.
ففي كل مرحلة من مراحل الطلب يحتاج طالب العلم إلى قلبه ، لذلك يحتاج أن يفهم أنه إذا فسد الوعاء الذي يضع فيه العلم ( قلبه ) انتهى العلم ، وأصبح شاهد عليه، لا شاهدًا له.
هل يمكن أن يحمل الإنسان العلم وقلبه فاسد؟
نعم ، يمكن أن يحمل العلم وقلبه فاسد ، وهذا من تمام البلاء الذي وصف في أواخر سورة الكهف، قال تعالى: ] قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً{104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً{105} ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً  [[ الكهف :103 – 106 ]
من هم الأخسرون أعمالاً ؟!
الذين يعيشون وهم يحسبون أنفسهم أنهم يحسنون صنعًا ، والحقيقة أنهم يسيئون صنعًا.
إذن :-
أول اتفاق نتفق عليه: أن القلب هو مكان العلم ووعاؤه، وصلاح القلب سبب للانتفاع بالعلم .
ما الذي يصلح القلب ؟ وما الذي يفسده ؟
بماذا نبدأ أولاً ؟ ولماذا ؟
نبدأ بما يفسد قلب طالب العلم ، على قاعدة : أن التخلية قبل التحلية.  
فمهما أعطيتك من حل ينفعك أو ينفع غيرك ، فلن يكون له أثر إذا لم يكن المحل صالحًا .
سنتكلم عن حواجز تحجز قلب طالب العلم عن الطلب ، يجب عليه أن يخليها عن قلبه ، ثم يحليه بما يجب .
الحواجز التي يجب على طالب العلم أن يخليها عن قلبه :-
الحاجز الأول: فقدان الاستعانة بالله ، مع الثقة بالقدرات الذاتية .
وهذا يشمل صنفين:
أ) أناس يشعرون أن قدراتهم عالية ، فيعتمدون عليها.
فأول وأهم تخلية لا بد أن تنسلخ من قلب طالب العلم : إحساسه بأنَّ له ثقل ، بأن له حول وقوة ، بأنه ذكي ويفهم ، بأنه مميز ، وقس على هذه الكلمات .
وهذا الإحساس أكبر حاجز بينه وبين صلاح قلبه ، وليس بينه وبين العلم .
فهو بإمكانه أن يُحصِّل، ويقرأ ، ويتكلم ، ويسمع ، لا إشكال عنده في ذلك ، لكن ليس هذا هو المقصود من الطلب والعلم ، وإنما المقصود صلاح القلب الذي عليه مدار الحكم .
ماذا سنفعل في قلوبنا الآن ؟
لا بد من إصلاحها ، حتى تصلح أن تكون أوعية للعلم .
ماذا نفعل من أجل أن تصلح قلوبنا لأن تكون أوعية للعلم ؟
    نخلي قلوبنا من إحساسنا بقدراتنا .
هل معنى ذلك أن أعتبر نفسي غبيًا ولا أفهم ؟!
ليس هذا هو المقصود ، ولكن المقصود أن تنسب كل ما تملك من قدرات لله ، فكل ما أعطيت وأعطي غيرك تنسبه لله U.
  فليس المقصود - منك يا طالب العلم - أن تُهمل نفسك ، وأنك لست بشيء ، وإنما أنت لست بشيء إن لم يعطك الله ، وكل ما عندك هو من عند الله ، لذلك لا بد أن يُبتلى الشخص ، بأن يعطيه الله من القدرات والإمكانيات ، ثم يبتليه هل سيميل إلى الثقة بقدراته ؟!
ومن الابتلاء أيضًا:- الناس المحيطين بنا، يقولون لنا : لا عليك .. قبل الاختبار بنصف ساعة راجع الدروس وستجد نفسك حافظًا ! .
فالناس الذين حولنا يُوهِمُونا أن هذه القدرة ملك لنا، وأننا نستطيعها إلا ولا بد، فيزيد علينا البلاء، فنُمَكّن فنكتشف أن كلام الناس صحيح، وأنه حقيقة قبل الاختبار بربع ساعة أراجع الدروس فأجد نفسي حافظًا !
وكل هذا ماذا يفعل بطالب العلم؟
يزيد قلبه قسوة ، وبُعدًا عن التعلق والانتفاع .
وقليل من طلاب العلم الذين يلهجون في صلاتهم بقول الله تعالى :-) وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً  ([طه :114 ] بل يُعدُّون على الأصابع.
والعلة في وجود هذا البلاء : إحساسه بقدرته وقيمته، فأصبح حاجزًا له عن الذل.

  • من هو شيخ ابن عباس t؟
مات النبي r وابن عباس t ما زال صغيرًا، فطلب العلم على يد الصحابة y، وكان شيخه زيد بن ثابت t ، فكان ابن عباس t ينام عند عتبة باب زيد بن ثابت t وهو ابن عم النبي r، وكان يتعلق براحلته وهو من دُعِي له بالفقه والعلم.
إذن: بهذا المفهوم ما الذي ينقص طالب العلم ؟!
   ابن عباس t ذلّ للطلب ، فأعزّه الله .. فكان مطلوبًا.
في زمن الطلب كان في حال الذل للطلب، الذل لله أن يزيده علمًا، فلما أصبح عالمـًا أعزّه الله بأن كان مطلوبًا.
يضرب الناس بطون الإبل ويرحلون من أجل أن يصلوا إلى ابن عباس t، وما كانت تنـزل نازلة في العراق أو الشام إلا رحلوا إلى ابن عباسt. يقول ابن عباس – رضي الله عنه - :  لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت لرجل من الأنصار:- هلم فلنسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم اليوم كثير. قال :فقال: واعجبًا لك ، أترى الناس يفتقرون إليك ؟ قال : فترك ذلك وأقبلت أسأل فإن كان ليبلغني الحديث عن رجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه تسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني فيقول: يا بن عم رسول الله ما جاء بك ؟ هلا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول : لا أنا أحق أن آتيك ، فأسأله عن الحديث ، فعاش الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي ليسألوني ، فقال :- هذا الفتى كان أعقل مني .
لاحظ أن ابن عباس - رضي الله عنه - دُعي له ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - :" أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءًا ، قال: ( من وضع هذا ) ؟. فأُخبر فقال: ( اللهم فقهه في الدين ).رواه البخاري .
لاحظ أنه ابن عم النبي r.
لاحظ أن النبي r خصه ببعض الأحاديث.
ومع كل هذا لما تعلّم ذلّ للعلم من أجل أن يصل.
إذن: معنى ذلك أن قلب طالب العلم إذا كان مائلا إلى الثقة بنفسه، وعدم التعلق بربه، بنى لنفسه حاجزًا بينه وبين الانتفاع بالعلم، وليس بينه وبين التحصيل؛ لأنه ربما يستطيع أن يُحَصِّل، لكنه لن ينتفع بالعلم.
ب) أناس يشعرون أنهم ليسوا ذوي قدرات، وبسبب ذلك يهتمون بغيرهم، ويعطون غيرهم، ويبحثون لغيرهم .
نقول له : وأنت؟؟!!
يقول: لست مثلهم، هم أذكياء و يفهمون.
نقول له: الزم نفسك.
يقول: ألسنا مأمورون بالتعاون على البر والتقوى؟!
نقول: بلى .. نحن مأمورون بهذا ، لكن عندما أغرق أن وآخر ، ماذا أفعل ؟ هل أنقذه وأغرق من أجل التعاون على البر والتقوى ؟؟!!!!
أنت مطلوب منك شرعًا أن تنجو بنفسك.
إذن: معنى ذلك أنه لابد من الاعتقاد أن الاستعانة هي الطريق ، وهذه هي التــحـليــــة.
تخلَّ عن حولك وقوتك، والذي يتخلى عن حوله وقوته يكون لا يمين فقط ولا يسار فقط ، فلا يقول: أنا ليس عندي قدرات، أو أنا عندي قدرات ؛ بل لا بد أن يكون في المنتصف .
قد يقول قائل :- أن هناك أناس عندهم قدرات، فنقول له : إن القضية كلها أرزاق.
وأهل العلم يقولون العلماء ثلاثة:" حكيم ليس بعالم، وعالم ليس بحكيم، وحكيم عالم".
حكيم عالم: عنده علم وحكمة.
وأقل كلمة: عنده قلب وقَّاد أقل شيء  يؤثر فيه، يفهمه ويستنتج منه، وهذا وُصف في سورة ق:) إٍنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ([  ق : 37 ] .
حكيم ليس بعالم: ليس المراد أنه ليس عنده علم، وإنما علمه قليل ولكن رفعته حكمته، بالعلم القليل استطاع أن يعلم ما يحتاج إليه الناس.
عالم ليس بحكيم: عنده علم، لكن ليس عنده حكمة، فعنده من المعلومات الشيء الكثير، لكن لما يلتقي بالناس أو يريد أن يزكي علمه لا يعرف من أين يبدأ.
معنى ذلك: أن الناس متفاوتون، والمسألة كلها أرزاق من عند الرب، يعطيها عباده، فربما كنت أنت الذي عندك العلم القليل لكن عندك الحكمة، فتنفع أهلك ومجتمعك ومحيطك، وتبارك المكان الذي تنـزل فيه ، وأينما ذهبت رزقت شيئًا من ذكر الله في ذلك المكان الذي ذهبت ، وأنت لا تعلم أين ستكون فربما يتم لك الأمر فتكون عالمًا حكيمًا، وربما لا تكون إلا عالمًا بسبب القدرات التي عندك لكنك لست بحكيم.
فمن الممكن أن تكون أي واحد من هؤلاء.
إذن معنى ذلك :- ماذا نريد ؟
الاستعانة بالله U، والتبرؤ من حولنا وقوتنا إلى حول الله وقوته، وهذا هو المراد.
لا يمين فقط ولا يسار فقط ، فلا تقول :- أنا عندي قدرات حتى أصل، ومثلي لا يتوقف في الطريق، نقول: العلم نور يقذف في القلب، ولا يملك قذفـه إلا الرب.
من هذا الذي يستحق أن يقذف الله النور في قلبه؟
الصادق.
فالكذب من أهم الحواجز.
الحاجز الثاني :- الخوف من غير الله.
ما معنى الخوف من غير الله؟
 يخاف من الفشل.
في بعض البلدان ـ بعيدًا عن الطلب ـ الثانوية العامة أصبحت بالنسبة لهم هاجسًا ، كل شيء ممكن يصير من أجل هذا، وبعد ذلك لما يتخرج يا ليته يحل مشاكل الناس، وإنما يبدأ مشاكل جديدة.
ما الذي أوصلهم إلى هذا الحد؟
خوفهم من أن يمنعوا من الجامعة إذا لم يحصلوا على الثانوية العامة ، لأنه لن يصبح عنده مستقبل وظيفي ، فتنتهي حياته.
ومثل هذا عند طالب العلم :- يخاف من الفشل، يخاف على سمعته أمام الناس، يخاف على موقفه، يخاف على .... .... إلخ ، وكأن هذا الخوف من غير الله ( الفشل ) يبين أن الطالب غير فاهم قضية غاية في الأهمية، وهي التي ذكرها الرسولr لطالب العلم حال خروجه من بيته .
قال r:" من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة".
إذن: " من سلك " وليس شرطًا أن يحصّل، الأجر مرتب على نفس السلوك، فأنت إذا اجتهدت وذاكرت وفشلت ورسبت بمقاييس أهل الدنيا، ما هي المشاعر المثالية في هذا الوقت؟!
المشاعر المثالية: هي أنني ما دامت في سلك الطلب أبقى مع المحبرة إلى المقبرة، وأيًا كان الحال والنتيجة، طالما أنا اجتهدت فأنا مأجور على ذلك.
لكن أحيانًا يأتي الخوف من الفشل فتهتز نية طالب العلم فيصبح غير فاهم هو أصلاً يخرج ويعمل هذا العمل من أجل من؟!
كأنه أحيانًا يعمل لنفسه عزلا نفسيًا.
ما معنى عزل نفسي؟
يعني إذا ظهرت النتائج ورأى نتيجته ولم تعجبه، فيأتي اللقاء ويضع القلم ولا يكتب !! كأنه يعاقب من علمه بأن لا يكتب ما يقوله في اللقاء لأنه لم يعطه الدرجة التي يريد ؟!
لا أحد يتعاقب إلا هو.
أتاه إحباط، نقول: كلمة إحباط، اكتئاب، ... عند مقاييس أهل الدنيا، أما طلاب العلم فلا علاقة لهم بذلك.
أنت في مكان ومع قوم تحيط بهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده، وهذا هو الأجر الذي حظيت به، ولو قبضت وأنت في مثل هذا المكان، أو وأنت خارج من هذا المكان، وأنت مجتنب للكبائر ختم لك بخاتمة حسنة، ولا تنس قوله r:" وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء " رواه الترمذي وقال الألباني: صحيح .
وهذا هو الذي نريده، لذلك لما يتشتت القلب عن المراد، وينسى ما هو المراد تصبح القضية كلها تنافس وخوف من الفشل وخوف من الاختبارات.
طالب العلم لابد أن يجاهد نفسه، فالقضية ليست تحصيلا، وإنما القضية أن يعلم أن هذا الدين منصور بنا أو بغيرنا، لكن الشرف لمن كان في ركب من انتصر.
ومهما تعلم طالب العلم من العلوم الشرعية وهو غير مخلص فلن يذوق طعم العلم ، لأن العلم بالإخلاص له طعم آخر، فالفرق ليس في المعلومات وإنما في ذوق طعم الإخلاص،  فلما يذوق الشخص طعم الإخلاص ينـزل العلم في قلبه مختلفًا عن غيره.
نفس المعلومات لما تكون قلوبنا صافية من الشوائب تنـزل على قلوبنا بصورة مختلفة.
إذن: مما يدخل في قلب طالب العلم: الخوف من غير الله.
ما الحل؟ دفع التشتت عن قلوبنا، وتوحيد المطلوب.
فأنت تريد أن ترضي من؟ أليس الله U؟!
إذن: دع عنك أي أحد، يا طالب العلم واعتنِ بالفرصة ،أنت تحاسب على الفرص من عند الله.

الحاجز الثـالث: عدم الصدق .
تقول: ورد فيما ورد أن الناس طلبوا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله.
نقول: صحيح، هذا الكلام لا أحد ينكره.
أنت إذا تعلمت واكتشفت حقيقة نيتك: إما أن تُصحح نيتك، أو تترك الطريق إلى أن تصح نيتك .
ما معنى هذا الكلام؟
 هذا الكلام مخيف ؛ لأننا تأتينا مواقف فنجد في أنفسنا شائبة، سرعان ما تظهر على السطح بالنسبة لطالب العلم.
مثال ذلك :-
طالب علم يجادل وينافح من أجل الحصول على درجات عالية فإما أن يكون الأول أو يترك الطلب .
إذا تردد طالب العلم في مثل هذه المفاهيم، ووجد نفسه غير قابلة إلا بالتنافس، فالحل بالنسبة له :- البحث عن مكان آخر يتنافس فيه على ترهات الدنيا ، غير الطلب.
إذا قال :- أبقى من أجل أن أُهذَّب؟
نقول: اعلم أن أول من تُسعَّر بهم النار قارئ القرآن، وفي روايات: طالب العلم، طلبه لغير الله.
ماذا نفعل؟
لا تأتي وتحسب نفسك على الطلب، وتكون مفتاحًا للشر؛ لأن الناس واحد من اثنين  إما مفاتيح للخير، أو مفاتيح للشر ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :" إن من الناس مفاتيح للخير ، مغاليق للشر ، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير ، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه ، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه " رواه الترمذي ، وقال الألباني : حسن .
كيف يكون الشخص مفتاحًا للشر؟
قد يكون الشخص مفتاحًا للشر بأن يكون معتادًا أن يكون ناجحًا ومميزًا ، فلما يأتي للطلب ويجد نفسه في لحظة غير قادر على النجاح ، أو لا يفهم، أو أحيانًا يجد كل ما يُطرح واضح بالنسبة له، فيصرح بذلك فيؤثر على غيره، وربما من أجل هواه فقط يقنع هذا وهذا وهذا بأننا غير محتاجين لهذا العلم، أو لهذه المفاهيم ، وهو غير صادق في قوله ، وإنما كل مراده تنفيذ هواه.
ماذا نفعل من أجل أن نصلح المسألة؟
بقدر ما نستطيع نتعلق بالله أن يُصحح نياتنا.
فمن أهم الحواجز: عدم الصدق في الطلب .
ما معنى ذلك ؟
لم يجد مكانًا يذهب إليه إلا مجالس الطلب فدخل فيها .
نقول: مثل هذا – الذي دخل أول الأمر في الطلب وتعلّم وفهم وعلم أنه لابد أن يصحح نيته - فقد بلغته الحجة ، فماذا يحتاج الآن؟
يحتاج أن يُجاهد نفسه .
  فلا يُتصور أن العلم ينقل الإنسان، ويضعه في مكان آخر، هو يتغذى بالعلم، فلو أهمل نيته ، فهل سيُفَعّل العلم في قلبه؟!
هذا مثل من يقول إننا حين نذهب للحرم نجد أنفسنا معظّمين ، ولما نذهب للمشاعر ( منى ومزدلفة ) نجد أنفسنا مؤمنين!!
نقول: الأرض لا تبارك أحدًا، وإنما ارحل من بلدك وأنت معظِّم، تجد أثره وأنت هناك.
 وكذلك العلم، خذه واستوعبه وبه عالج قلبك، فلا تغيّب الصدق عن حياتك وتفكيرك وأنت طالب علم، مثلما تُجاهد نفسك في االدقائق التي تصلي فيها، جاهد نفسك في الأربع ساعات التي تأتيها للطلب، فطلب العلم من أعظم أنواع العبادات، ولن تستوعب هذه المسألة إلا إذا قررتها في ذهنك مرة واثنين وثلاثة ومائة، فلما تجلس في حلقة الطلب فكأنك تصلي قيام الليل ، أو تصوم الإثنين والخميس، أو تذهب لعمرة نافلة.
في هذه العبادات ماذا تفعل؟ تجاهد نفسك على ألا تُرائي، على ألا تكون كاتمًا للعلم، ولا يكون مبعثك فاسدًا.
كذلك عند طلبك العلم جاهد نفسك؛ لكن لأن الوقت يطول في الطلب أربع ساعات في اليوم وطوال الأسبوع ولمدة سنة ننسى المجاهدة فيصبح الطلب عادة من العادات التي نمارسها، فيصير الدخول والخروج للطلب أمر عادي بالنسبة لنا.
  إن الإخلاص في هذا الزمن أصعب من الزمن السابق؛ لأن الناس في الزمن السابق ما كانوا يجتمعون للطلب والعلم إلا من كان على الحقيقة طالبًا، وربما دخل فيهم من لهم أغراض أخرى، لكن لم يكن سائدًا عندهم أن الناس كلهم طلاب علم ، ولا يخرج للطلب لأن أهله قالوا له: اخرج ؛ كما يحصل الآن في التعليم العام ، أو يخرج لئلا يكون جاهلاً والناس متعلمون .
   فالآن أنت تريد أن تغير كل هذا التفكير الذي عشته في السابق، فتصير درجة المجاهدة الآن أصعب من درجة المجاهدة فيما مضى.
ومن أعظم المشاكل أن العلم أصبح اليوم مصدرًا للتكسب .
فقد يتعلم الشخص ويتخرج ويذهب لمدرسة تحفيظ، ويجد مدرسة تحفيظ أخرى فيُعلم فيها، يَدرس في المعهد ويجد مكان آخر فيُدرس فيه، وهكذا .
 فكلما زاد الزمن كلما زادت فتن القلب الذي تفتن طالب العلم.
من أجل ذلك: ليكن محركك الإخلاص.
أما إذا كنت تدرس من أجل أن تجاري العلماء، وتماري السفهاء، فالزم بيتك أسلم لك.
والذي لم يدخل في قلبه محبة الطلب، نقول له: عش الطلب تحبه . ولا بأس بذلك.
لكن الذي يأتي وفي تفكيره شيء غير الطلب، وتعلّم وبقيت هذه الشائبة في قلبه ، فيخشى على هذا الشخص أن يقبض منافقًا؛ لأن النفاق إظهار شيء وإبطان شيء آخر، فيأتي للطلب ويتكلم بلسان العلم وهو في نهاية المطاف يقول ما لا يعتقد ، لذلك نقول :- هذا الوصف مخيف وأثره ترك الطلب ، لذلك لا بد أن نذكر أنفسنا، نحمد الله أننا أتينا حلقة الطلب، فهذا من فضل الله علينا، لكن اعلم أن هذا بلاء .
كم من أشخاص كانوا مجتمعين على الطلب وبعد ذلك فرقتهم نياتهم.
 من فضل الله وحده أن يكثر عدد الطلاب، ومن فضل الله أن يبقى المجتمع يشعر بقيمة الطلب، كل هذا من فضل الله علينا .
لكن أنت اسأل نفسك لماذا أتيت ؟
ومن أجل ماذا بقيت في هذا المكان ؟
وتقدمت من أجل ماذا ؟
وجاهدت كل المشاكل من أجل ماذا ؟
كل هذا يحتاج إلى إجابة.
 هناك أناس اعتادوا الاستيقاظ في الصباح ، والذهاب إلى مكان حتى الظهر ، والمذاكرة في البيت ، هذا أسلوبهم في الحياة، لذلك نحن بحاجة إلى أن نراجع الباعث على خروجنا والتحاقنا بالطلب.
فقد يكون الباعث على التعلم ضعيف، وقد يكون الباعث هو الرغبة في السير مع الركب فقط، فالبواعث الغير صادقة لا تنتهي.
 كن صادقـًا تنجو.
فالحل: المجاهدة، واعلم أن هذه المجاهدة لها من الدرجات العلا ما وعد الله بها {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }[العنكبوت:69]
هذا هو الذي يمهد الطريق بينك وبين بلوغك الطلب.
الحاجز الرابع : الشعور بعدم الحاجة للطلب.
وهذا كأنه مُكمّل للحاجز الأول، لكنه بصورة أخرى، وهذا لا يتكلم عن قدراته وحوله وقوته، وإنما يتكلم عن أن الطلب معنى زائد.
يعني هو يستطيع أن يعيش حياته من غير أن يكون طالب علم، وممكن أن يمارس حياته بدون طلب، وهذا كأنه شعور موجود عند كثير من طلبة العلم.
 فلو جاءهم صارف عن الطلب انصرفوا له بدون إشكال، فهو يطلب مادام ليس عند شاغل آخر فلن يخسر شيئًا، وما أن يأتي أول شاغل يصرفه عن الطلب ينصرف إليه .
 وهذا أحد الموانع التي تقع في قلب طالب العلم، وأنت إذا لم تعط العلم كُلك فلن يعطيك شيئًا.
أنت إذا  أعطِيت العلم كلك يعطيك بعضه، فكيف لو لم تعطه؟!
فالذي يسير في الطلب وهو يشعر بعدم الحاجة إليه سيكون الناتج أن يحرم من الطلب.
يقول: أنا جلست سنين أطلب، ولم أخرج بأي نتيجة!
نقول: بسبب الحاجز الذي وقع في قلبك بأنك شعرت أنك غير محتاج للطلب.
التحلية: الإحساس الشديد بالحاجة إلى العلم ، وأننا نحتاج العلم أكثر مما نحتاج الماء والهواء
قال ابن القيم  – رحمه الله – في مفتاح دار السعادة :" فحاجة القلب إلى العلم ليست كالحاجة إلى التنفس في الهواء بل أعظم ، وبالجملة فالعلم للقلب مثل الماء للسمك إذا فقده مات " .

الحاجز الخامس: الحسد في قلب طالب العلم:-
تأتي هذه المشكلة إذا شعر الطالب بالاهتمام وأرد أن يتعلم ، فإنه يجتهد بقدر المستطاع، ويجد الجماعة الذين معه في الطلب أقل منه اجتهادًا وأكثر منه تحصيلاً ، وجماعة لا تجتهد أبدًا ويأتيهم الرزق، فماذا يحصل في قلب طالب العلم؟ الحسد.
حديث سهل بن سعد t الوارد فيه قصة علي بن أبي طالب t في غزوة خيبر:"أنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: "لأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ".  فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ، أيُهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ r، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: "أيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟". فَقِيلَ: هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرِئ، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ. فَقَالَ: "انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ تَعَالَى فِيهِ، فَوَاللهِ لأََنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ".
 بات الصحابة y يدوكون ليلتهم من يعطى الراية؟ وكان الصحابة y حاضرين في الصباح، فقال النبي r:" "أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟"، قالوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، يعني به رمد.
ولم يكن عليًا t مع الصحابة الذين سمعوا الخبر، ولا مع الذين باتوا يدوكون، وإنما أُتي به يُقاد إلى النبي r، فبصق النبي r في عينيه، وكان ذلك آية من آيات النبوة، فشفي، وبعد ذلك أعطاه الراية.
هم الآن باتوا يدوكون ليلتهم يبحثون ويتناظرون من صاحب هذا الوصف ؟ ولم يكن واحدًا منهم وإنما كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه !
الآن يأتي سؤال لطالب العلم: لماذا شوقهم النبي r ؟ ، ولماذا لم يعطِ الراية مباشرة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟!
قال أهل العلم: باتوا وزاد إيمانهم ما الله به عليم.
كيف زاد إيمانهم؟
شوقهم أن يكونوا هم المحبوبين، فتأملوا، وربما دعوا .
فلما باتوا بهذه الحال ، ماذا حصل لهم ؟
زيادة الإيمان في قلوبهم التي جعلتهم يقبلون أن لا يكونوا هم، ويعلمون أن مثل هذا أرزاق، وأنهم إذا ما رزقوا الآن سوف يرزقون في موطن آخر، وإذا لم يشهد الرسول r لهم الآن ربما يشهد لهم في موقف آخر.
وإذا لم يحصل لهم كل هذا سيكونون متعلقين بالرب أن يرزقهم رضاه.
إذن: ماذا يُشكل على طالب العلم؟
أن يجد غيره مرزوقًا من حيث لا يحتسب، وهو يبذل الجهد ولا يحصّل.
وهذا من الممكن أن يكون ابتلاء يبتلى به، لذلك على طالب العلم أن يخرج من قلبه التنافس ويذلّ لرب أن يعطيه.
والقضية تحتاج إلى تأمل أكثر.
ماذا نحلّي في أنفسنا؟
ما ضد الحسد؟
التعلق بالرزاق والإيمان بأن كل شيء رزق.
لماذا رُزق فلانًا وأنا لما أُرزق؟
نقول: من قال لك أنك ما رزقت؟! إذا كان الأول رُزق في الظاهر كذا وكذا، فأنت ترزق أعلى منه، وليس شرطًا أن يشهد الناس على ذلك.
ما الإشكال؟
المشكلة أن أحدد لنفسي صورة معينة للرزق فأظن أن الرزق لا بد أن يكون كذا وكذا، مثلاً : لا بد أن يأخذوا أوراقي ويعلقونها في لوحة الإعلانات، لا بد أن أكون من البارزين، لا بد أن أكون الأول على الدفعة، فأضع لنفسي صورة لو ما صارت، وصارت لغيري يقع في قلبي أني غير مرزوق!!ويأتي الشيطان ويفعل فعائله في القلب من الحسد.
    يكون القلب أصلاً مليء بالدخن ويأتي العلم فيطفو الدخن على السطح، يعني يكون الشخص أصلاً في طبعه الحسد، فلما يأتي في الطلب ويصير كذا وكذا ، يخرج هذا الدخن .
وطالب لا يكون في طبعه الحسد، ويأتي للطلب وهو نظيف القلب من الحسد، وما يراعي قلبه فيبتلى بالحسد.
فالطلب يأتي بلاء وامتحان، لذلك هو من أعظم أنواع المجاهدة، لماذا؟
لأن النفوس تنكشف حقائقها، وما بداخلها عند الطلب.
المسألة واسعة، وأنا أشير إشارة تغني عن طول العبارة.
الحاجز السادس:- عدم الشعور بالنعم.
طلاب العلم الذين يعيشون بالمملكة لا يشعرون بالنعمة، ولن يشعروا بالنعمة إلا لما يخرجوا إلى أماكن أخرى.
فمن أعظم النعم أننا حُصِّـنَّا من المذاهب المختلفة بدون أن نشعر بذلك.
هناك أماكن تجعل أي شخص يتكلم، رافضي يتكلم، صوفي يتكلم، .... إلخ .
الأشعرية تضرب بعمق في العالم الإسلامي.
فنعمة أننا حُصِّـنَّا من المذاهب المخالفة، هذا غير محسوس به.

والنعمة الثانية :-
نجد في بلدان أخرى أي تجمّع للناس على الطلب والعلم ممنوع؛ وذلك لأغراض سياسية.
وهذا هو الموجود في العالم الإسلامي، واحد من اثنين:
1.    حرية، اختر بنفسك ما تريد.
2.    جماعة قضوا تمامًا على الحرية.
ونحن عندنا طالب الصف الأول ابتدائي يدرس في مادة السلوك:( أن القرآن هو كلام الله المتعبد بتلاوته) يدرس قلب اعتقاد أهل السنة والجماعة، الذي به يستطيع أن يرد على أي شخص يتكلم في مذهب الإمام أحمد، أو يرد مسالة إثبات أن القرآن كلام الله U.
هذه النعمة اعلم أنها متنقلة؟
ما معنى متنقلة؟
يعني بين الدولة السعودية الأولى والثانية انتقل هذا العلم السلفي كله إلى الهند، وأصبح مكانه في الهند، وأصبحت الهند مركز للعلم.
ما السبب؟
نقول الله حكيم، لكن لابد أن نفهم: أن القوم إذا رزقوا علمًا وفهمًا، ورزقوا علماء، وما شكروا هذه النعمة، النعمة تبقى ماداموا شاكرين، والله U لا أنساب عنده، فلا نقول: نحن جماعة الحرم سيبقى العلم عندنا، أو نحن الجماعة الموجودين في الجزيرة سيبقى العلم عندنا، نقول: القضية ليست بهذه الصورة، وإنما القضية أن الشكر قيد النعم، وممكن العلم يزول عن شخص أو عن أمة كلها ـ نسأل الله أن يسلمنا ـ.
فإذا وصلت إلى أرض تتعلم فيه، فأنت من أهلها، ومن أهل العلم، ومنعم عليك.
مثال: شخص مكث 33عام في بلاد الكفر، ويكتب الله في قلبه تحبيب الحرم، ويأتي إلى مكة هو وزوجته في آخر المطاف، وتجلس زوجته بجوار امرأة تطلب العلم في أحد مناطق المملكة ، فتتعرف على مكان يطلب فيه العلم، فتذهب وتتعلم!! أمر حُبب في قلبها لمَِا قام في قلبها من صدق.
أنت ترزق فكن شاكرًا، تُدرّ عليك النعم فلا تكن معرضًا، أو عندك شعور بأن كل شيء سيبقى كما هو، إذا أتتك الفرصة فلا تضيعها، فلا تفوت على نفسك ولا طرف معلومة، ولا اسم كتاب، ولا ... ... إلخ ، وتعتقد أنه بإمكانك أن تحصّله متى تريد، لما تُمكّن من المعلومة وما تشكر، انتهى! اعلم أن الفرص لن تتكرر.
لما تُهيأ لك الفرص لا بد أن يأتي معه الابتلاء، فأنت ترزق من أوسع الأبواب، وتعطى ما دمت صادقًا، والله ما يخذل عباده، فلو اعتنوا وبذلوا فلن يخذلهم، وإنما سيعطيهم ويفهمهم المسائل أوسع ما يكون، ويجدوا من اللذة ما يستعجبوا كيف الناس يعيشون من غير أن يطلبوا؟!
 لا بد أن تأتي البلايا حتى تشعر بالنعم، وتقبض عليها كالقابض على الجمر.
الله عالم بضعفنا ودرجة إيماننا فيسر لنا كل السبل، بعد ذلك ماذا يجب أن نكون؟
يجب أن نكون عندنا شعور بالنعم، لذلك إذا وقع في قلوبنا عدم الشعور بالنعم فهذا حاجز من أعظم الحواجز للانتفاع بالطلب.
الحل: رقق قلبك للإحساس بالنعم .
واعلم أن تعلم التوحيد يقلب الوجدان، يقلب الحياة ويغيرها، ويغير أسلوب تفكيرك، إلى درجة أنك لا تعرف ما نقطة البداية في التغيير، وماذا حصل لك؟ لكن تعرف أنك أصبحت شخص ثاني، وهذا في حد ذاته يحتاج إلى شكر، نحمد الله على ما أنعم به علينا، ونسأله أن يؤلف بين القلوب، وهذا من أعظم النعم، من أجل ذلك ابذلوا الجهود لأن تكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر.

وختـامـــًا:
    اعلم أن من أعظم الابتلاءات التي يبتلى بها طالب العلم وهو يحتك أن يقع في قلبه شيء على إخوانه.
فمع زيادة الاحتكاك لابد أن يكون هناك شيء من التوتر الذي يمكن أن يصاب به الإنسان، فاجعل نفسك مفتاحًا للخير مغلاقـًا للشر، ولا تسيء الظن، ولا تطلق الأحكام، ولا تنظر لكل واحد وتقول هذا قصده كذا، وهذا قصده كذا، وهذا أحبه، وهذا لا أحبه.
طالما أنكم اجتمعتم من أجل التوحيد، فاعلموا أنكم في دائرة الغرباء.
إذا دخلت إلى بيتك وتكلم أحد فينظر إليك كأنك غريب ، فإذا شعرت بهذا الإحساس فاحمد الله أنك أتيت لمكان تجد أحد يعيش معك حب التوحيد، فلا تُكوِّن بينك وبين هذه النعمة حاجز الطباع المختلفة، فالجميل أنه ما ربطنا إلا التوحيد، وهذا هو الذي ارتبط به الأوس والخزرج والمهاجرين، هذا هو الذي ربطهم لنصرة الدين، ونصرة أنفسهم على الشيطان، ونصرة الإيمان على الكفر في القلوب، واعلم أن الشيطان إذا لم يجد إليك سبيلاً، وإلى أهل التوحيد وسيلة، فما يتبع إلا وسيلة التحريش، فلا تستلم له؛ لأن الطباع مختلفة والاحتكاك ممكن يولد مفاهيم، لكن المهم اغسل قلبك، والإشارة تغني عن العبارة.

أســـأل الله أن يـنـفـعنــي ويـنـفـعـكـم.
الخلاصة:
كن وعاء للخير يملأ الله وعاءك
  في كل مرحلة من مراحل الطلب يحتاج طالب العلم إلى قلبه، فالقلب هو مكان العلم ووعاؤه، وصلاح القلب سبب للانتفاع بالعلم، فإذا صلح قلب طالب العلم استطاع أن يحفظ علمه.
فما الذي يصلح قلب طالب العلم؟ وما الذي يفسده؟
نبدأ بما يفسد قلب طالب العلم، على قاعدة: أن التخلية قبل التحلية.
فسوف نتكلم عن حواجز تكون في قلب طالب العلم نحتاج أن نخليها من قلبه، ثم نحليها بما يجب.
التخلية التي يجب أن تقع في قلب طالب العلم
التحلية التي يجب أن تقع في قلب طالب العلم
1. فقدان الاستعانة بالله ، مع الثقة بالقدرات الذاتية .
الاستعانة بالله U
2. الخوف من غير الله.
دفع التشتت عن قلوبنا، وتوحيد المطلوب
3. عدم الصدق حال الطلب
جاهد نفسك على الإخلاص والصدق
4. الشعور بعدم الحاجة للطلب.
طلب العلم أعظم النوافل، بل من أعظم العبادات بعد الفرائض
5. الحسد
التعلق بالرزاق والإيمان بأن كل شيء رزق.
6. عدم الشعور بالنعم.
رقق قلبك للإحساس

وختامـًا:
    لا تُكوِّن بينك وبين إخوانك الذين ما ربطك بهم إلا التوحيد حاجز الطباع المختلفة، فالشيطان إذا لم يجد إليك سبيلاً، وإلى أهل التوحيد وسيلة، فما يتبع إلا وسيلة التحريش، فلا تستلم له، واغسل قلبك.

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.