السبت، 16 مايو 2015

استعد لرمضان بالإيمان - الدورة الأولى


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سنناقش في هذه الدورة موضوع تأخّرنا عنه ثلاثة أشهر؛ وهو موضوع الاستعداد لرمضان، لكن أي استعداد هذا الذي نريده؟ غالباً الوعاظ وطلبة العلم يطرحون موضوع رمضان وقت الأزمة؛ وقت المفروض الإنسان قد انتهى من استعداداته وها هو يستقبل.

اعتبري رمضان ضيف -وهذه هي الحقيقة- وانظري متى ستستعدين؟ ومتى ستستقبلين؟
دائمًا الناس يسبقون الاستقبال بالاستعداد؛ وعلى قدْر مكانة الضيف على قدْر الزمن الذي يُقضى في الاستعداد. ولنا في صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير قدوة ومثال، فقد كانوا قبل أن يأتي زمن رمضان بستة أشهر وهم يطلبون من الله أن يبلغهم رمضان وهم في خير حال.

لكن السؤال: بماذا يستعد لرمضان؟ بكلمة واحدة مختصرة يستعد لرمضان بالإيمان.
وسيتبين لنا ماذا نقصد بالإيمان وكيف يكون هذا الاستعداد؟ نحن نتوسل إلى الله أن يكون هذا اللقاء لقاءًا حقيقيًا نافعًا وليس مجرد كلام .

نبدأ بالقاعدة التي بنينا عليها كل هذا النقاش، من أين لكم أن تقولوا أن رمضان يُستعد له؟
طبعًا نحن يكفينا فعل الصحابة، لكن لا بأس سيتبين لنا من قواعد كثيرة أن هذا عمل صحيح.

نبدأ بالقاعدة التي تقول:
تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ.
لكن أين الرخاء وأين الشدة في موقف مثل موقف رمضان؟ ما علاقة الرخاء والشدة برمضان وغيره من الشهور؟
·                  الشدة: وقت ضيّق ووضع حرج، الإنسان يريد أن يخرج منه إلى نتيجة.
·                  والرخاء: وقت فيه سعة.

لو قارنّا هذا برأس مالنا وهو (الوقت) ثم هذا الوقت بالصحة يكمل، وبدون الصحة يبقى هو رأس المال؛ لأنك أنت وإن كنت  بدون صحة وعندك وقت يبقى هذا المرض سبب لرفعتك عند الله -عز وجل- وقد أقسم -سبحانه وتعالى- بالعصر الذي هو الزمن، العمر الذي هو رأس مال الناس، ثم بعد هذا القسم انقسم الناس لنوعين:
·                  ناس في خسر.
·                  وناس في ربح.

نحن في هذه الأيام (جماد الثاني ورجب وشعبان) يعتبر زمن رخاء، وتأتي الشدة في رمضان. يقال لك: تضاعف الأعمال، الفرص أكثر، نريدك أن تقوم الليل، وتصوم النهار وتختم القرآن وتحسن إلى الوالدين وتفعل وتفعل... كلها مرة واحدة  في ثلاثين يوم! لو كنت مقطوع الصلة بهذه الأعمال ماذا سيكون عليك؟ سيكون من الصعب جدا أن تمارسها كما ينبغي جامعًا قلبك كما ينبغي، هي تمارس لكن ليس كما ينبغي.

في 30 يوم يقال لك: كلما أكثرت من قراءة القرآن كلما ارتفع أجرك وعظم. ويقال لك: كلما وقفت على قدميك تقوم في الليل جامعاً قلبك كلما زاد أجرك إلى أن تأتيك الشدة في العشرة الأخيرة، ويقال لك: قلل من نومك وقلل من وقت أكلك واغتنم العشر.

هل تتصورين أن هذا أمر يستطيعه شخص لم يعط نفسه فرصة للاستعداد؟! لا، ثم أنت إذا تعرّفت إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، فما موطنه هنا في رمضان؟ موطنه: أنه لو تعرفت إلى الله بالأعمال الصالحة؛ بقراءة القرآن بكثرة ذكره بمحاولات جادة لقيام الليل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وفقك الله ،لماذا؟ لإحسانها، ليس مجرد ممارستها، وإنما للإحسان فيها.
تصوري من 1-6 إلى 30-6 تختمين القرآن، ثم من 1-7 إلى 30-7 تختمين مرة أخرى، على أنك تختمينه كل شهر بتدبّر، ومثله في شهر شعبان. ماذا سيحصل في علاقتك مع القرآن؟ ماذا سيحصل في كلمات القرآن التي تسمعينها؟  ماذا سيكون عندما نتفق على برنامج هذا الشهر؟ ننتبه للأمثال في القرآن الشهر القادم ننتبه للقصص في القرآن الشهر القادم ننتبه.. المفروض أن يكون هذا من أول لكن ها نحن أمام ثلاثة أشهر.

تصوري عندما تدخلين إلى رمضان والعهد قريب بهذه المعارف، ماذا سيكون؟ ليس تعرف لهذه المرة، ليس تعرف السنة الماضية لرمضان، سيكون ها هو قريب العهد، فالتعرف إلى الله في الرخاء يورثك إحسان في الشدة، وهذه القاعدة تنفع في الدعاء، في الصلاة، تنفع في سائر أحوال العبد. تعرف إلى الله في الرخاء، لما يكون عندك وقت، والأمر ليس في حال اضطرار ويبقى لسانك لاهجًا بالدعاء، وقت الشدة ستجد لسانك طلقًا في دعاء الله. إذا كان حالك في الرخاء أنك طوال الوقت تدعو الله، عندما تأتي الشدة سينطلق لسانك في دعاء الله وهكذا. أنت في هذا الزمن اعتنيت بالقرآن اعتنيت بالإيمان في رمضان وقت الشدة وقت الضيق ستجد نفسك تستطيع أن تحسن في زمن ضيق.

وهذه القاعدة قد رددناها مراراً وتكراراً في سنوات ماضية ونحن نقول عمرنا في السنة إحدى عشر شهراً رخاء وعندما نأتي في رمضان يكون عندنا شدة، كل أنواع العبادات يقال لك: اجمعها هنا، ومثله طبعاً في الحج وربما أكثر منه، لكن في الحج شدة أكثر من شدة رمضان عشرة أيام مطلب منك أن تحسن فيها إحساناً تاماً. فالمقصود أن مثل هذه البرامج أو الاجتماعات أو الدورات يقصد بها تطبيق هذه القاعدة، أن ننتبه لا نكون في غفلة عن ما سنستقدم.

يأتي من يقول ربما يكون الإنسان يغفل عن هذا المفهوم الذي هو (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) نقرأ كلام للشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله- يتكلم فيه عن هذا الجزء.
قال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله- عضو اللجنة الدائمة للإفتاء: "الإنسان يذهب في الأوقات الفاضلة وفي الأماكن الفاضلة ليتفرّغ للعبادة لكنه لا يعان! لماذا؟" يذهب في رمضان ويترك كل شيء خصوصًا نحن الحمد لله نستمتع بإجازة في شهر رمضان يذهب ويترك أحواله وأوضاعه ويذهب إلى مثلاً أحد الحرمين ليتفرغ للعبادة، لكن يجد نفسه لا يعان، يجد نفسه نعسان، يجد نفسه متشتت، لماذا؟! قال: "لأنه لم يتعرّف على الله في الرخاء، يهجر القرآن طول العام، وإذا ذهب إلى الأماكن الفاضلة يريد أن يقرأ القرآن في يوم كما كان عليه السلف أو في ثلاث أيام! كلا، لا يمكن" لابد أن تكون في الرخاء قد عمرت أيامك من أجل أن تعان على الإحسان، لا تعان على الإحسان إلا عندما تتعرف إلى الله في الرخاء. يقول: "ويسمع الحديث الصحيح: ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ))[1] ويقول: (المسألة أربعة أيام، لن أتكلم بكلمة)؛ ولكن هل يستطيع أن يسكت؟! هل يعان على السكوت؟!  لا يمكن وقد فرط في أوقات الرخاء!".

وعلى هذا سنخرج من هذا النقاش بمسألة غاية في الأهمية من كلمة قالها الشيخ (لكنه لا يعان) العبادة منك يا عبد الاستعانة، الفضل من الله أن يعينك، فأنت لا تتصور أنك محسن بقوتك، لا تتصور أن إحسانك في رمضان بقوتك. وقد اتفقنا سابقاً على هذه القاعدة ولا زلنا ونكررها: ابتلاؤنا ليس في قوانا الذاتية. نحن أصلاً عبيد لا قوة ذاتية عندنا، إنما كل بلائنا في قوة استعانتنا بالله. ففي الرخاء تدرب نفسك على العمل الصالح مع الاستعانة، الجزاء أنك وقت الشدة تعان.

ثم قال الشيخ: "ورأيت شخصاً في العشر الأواخر من رمضان بعد صلاة الصبح، وظاهره الصلاح قبل أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، شغل الجوال وتكلم إلى أن انتشرت الشمس"!! هذا الوقت يعتبر وقتاً فاضلاً في الأيام العادية فكيف في رمضان كيف في العشرة الأخيرة كيف وهو في الحرم؟! فتصور الجمع بين كل هذه الفضائل بعد ذلك هذا الرد. قال الشيخ: "فهل مثل هذا يليق بمسلم هجر أهله ووطنه وتعرض لنفحات الله أن يكون بهذه الصفة، وعلى هذه الحالة؟!" انتهى كلامه. الجواب: لا، طبعاً، لكن السؤال لماذا يحدث مثل هذا؟ لماذا نجد أنفسنا في الحرم مثلاً ونفتح المصحف بعد ما نقرأ آية أو نقرأ صفحة نجد نفسنا نتلفت يمين ويسار؟ لماذا لم نعان على أنفسنا؟ لأن العبد من أجل أن يعان لابد أن يعبد الله-عز وجل-بعبادة الاستعانة، وهذا يحتاج إلى تدريب إلى زمن ويكون هذا الزمن في وقت الرخاء، ها نحن يفصلنا عن رمضان ثلاثة أشهر المفروض تلاحظ دائماً زاد، تستزيد به وتستعد به لاستقبال مثل هذا الشهر العظيم، وأنت ترى أن فرصة أن تعيش إلى وقته، ثم يمكن أن لا تعيش! فنقول:
قَدْ لا يُبَلِّغكَ إلى رَمَضَانَ أجلُكَ فَلْيَسْبقْ إليْهِ قلْبُكَ.

ليس شرطًا لهذا الاستعداد أن تكون ممن يبلغ الزمن، لكن يمكن أن يسبق قلبك إلى الشهر قبل بلوغه. المقصد أن هذا الاستعداد لا يمكن أن يضيع، ستجد آثار الاستعداد هنا ولما تبلغ هذا الشهر الفاضل.

نستعد لرمضان بالإيمان، من أين لنا بهذا؟
نأتي لنصين محفوظين متفّق عليهما، لا يوجد أي خلاف لا عند أهل الحديث ولا عند الخلق أهل القبلة.
قال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[2].
وقال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[3]
من أين آتي لنفسي بالإيمان في رمضان الإيمان ؟
 لابد أن أدخل رمضان ومعي الإيمان، إذاً الإيمان كأنه متطلب سابق الإيمان موجود أصلاً وبعد ذلك تدخل وتصوم ومعك إيمان، والإيمان سيأتي لك بالأمرين ، أهم عملين الفرض الصيام، وأعظم نافلة في رمضان قيام الليل، وقيام الليل له تفاصيله.

ما الشرط من أجل أن يكون صيامك وقيامك سبب لمغفرة ذنوبك؟
 لابد من شرطين ((إيماناً واحتساباً)).

ما معنى احتساباً؟
شخص قام يصلي وفي قلبه مشاعر (يا رب أنا احتسب عليك هذا العمل أنا قمت من أجلك، وانتظر الأجر عندك، والناس لا قيمة لهم عندي ولا أريد ثناءهم ولا أريد رضاهم، فقط الأجر عندك يا رب).
ننظر لحالتنا وقت الصيام والقيام، لنتحدث عن الناس الذين يواصلون ويؤذن الفجر ثم يصلون الفجر وينامون في النهار، سيأتي رمضان في الصيف سيكون مبكراً، لنفترض أنه الساعة الرابعة وبدأ يقلب نومه ويشعر بدوار سيدخل نهار رمضان وقت (الاحتساب) أين عقله؟! يصلي فقط الفجر كما اتفق، ويقوم الليل، أيضًا هو يقوم الليل ما حالته؟ الناس ذاهبون لصلاة التراويح نذهب معهم يأتي في العشرة الأخيرة ذاهبين إلى التراويح والتهجد نذهب معهم، لا تتصوري  أن (احتساباً) هذه تأتي في تلك الساعة، الاحتساب هذا تدريب عملي وليس يأتي واحد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم (إيماناً واحتساباً) يقول:  لو لم أجمع قلبي وركزت أن هذا العمل لله أدخل في الحديث ولا ما أدخل؟  نقول نحن: من جهة كونك فعلت إن شاء الله تكون ممن فعلوا، لكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يشترط الشرطين يقول لك: ((إيماناً واحتساباً)) يعني طول السنة غافلين عن (احتساباً) ونأتي ونقوم في رمضان وأيضاً غافلين عن (احتساباً)! الحل: ليس في وقت رمضان أفتش عن (احتساباً) وأقول ذهبت عشر ليالي وأنا لم أجمع قلبي على إني يا رب أريد أن يكون هذا العمل لوجهك واحتسب كل كلمة أقولها، ذهبت العشرة أيام ماذا بقي لي؟ يأتي في العشرة الثانية وقد ذهبت همتنا العالية..

المقصد أن هذا الاحتساب مثل الإيمان يحتاج تدريب، الناس اليوم كلهم مقتنعين أن كل شي يأتي بالتدريب.
خطك ليس جيداً، أدربك، مشيك ليس جيداً. لو كان طفل صغير أدربك، حتى الأعمال التعبدية يحتاج لتدريب لكن تدريب القلـــــب، الاحتساب هذا يحتاج إلى تدريب القلب من أجل أن لا يأتي شهر كامل ويمر كل يوم وأنت تقولين: والله أنا غفلت وربنا غفور رحيم، لا ننكر أن الله غفور رحيم، أنا لا أكلمك على أنك ستدخلين  إلى عذاب، بل أكلمك عن الدرجات العلا التي نخسرها بسبب انشغالنا عن قلوبنا هذا هو الأمر الخطير.

أنتم تتصورن أن درجات الجنة مثل هذا الدور والدور الذي يليه !؟ ترى الناس الذين في الأدنى من الجنة يرون الأعلى مثل ما يرى الكوكب الدري ! مثل ما يرى اليوم  أهل الأرض النجم الذي فوق تلمع من بعيد ! هذه فوارق في الدرجات ما هو الفارق الأعمال متقاربة ؟! قلوبهم، العناية بها، تدريبها، بذل الجهد من أجل أن ينجز الإنسان عملاً بقلبه ليس فقط بجوارحه. المقصد سواء أقول: إيماناً أو احتساباً في الاثنين النتيجة: لابد من تدريب سابق على هذه الأعمال.

إلى الآن عندي ثلاثة أسباب تجعلني أفتح هذا الموضوع:
1.              تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة.
2.              قَدْ لا يُبَلِّغكَ إلى رَمَضَانَ أجلُكَ فَلْيَسْبقْ إليْهِ قلْبُكَ.
3.              ترتيب الأجر على الصيام والقيام مرتب على ما مع العبد من إيمان.
نحن ندخل هذا الشهر العظيم غالباً بهمة عالية، نجلس عشرة أيام أو اثنا عشر يومًا إلى خمسة عشر يوم ثم ماذا يحصل ؟؟ تقل الهمة، وأقول لنفسي لا بأس فقط خمسة أيام ثم تأتي العشرة الأخيرة أشد همتي! وأجد نفسي على الوراء ! ما العلة؟ ولماذا كل سنة يحصل ذلك؟! وكل سنة أجد نفسي أكثر سرعة في نزول الإيمان ؟! السبب: الإيمان. يعني الإنسان أصلاً فيه (ضعف إيمان) فيأتي موسم الطاعة ما يكون نفسه عميق يستطيع أن يتجاوز زمناً محدوداً وبعد ذلك ينزل، نحن متفقين على قاعدة عند أهل السنة والجماعة يرددونها دائماً : (إن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) كلما زدت طاعة كلما زاد إيمانك كلما أقبلت على الأعمال أكثر.

المفروض بهذه القاعدة أن أكون ثاني يوم من رمضان أفضل من أول يوم؛ لأنني قمت بأعمال صالحة في أول يوم، فالمفروض أنه زاد إيماني فالمفروض ثاني يوم أكون أحسن، لكن ليس منطقي أن أجد نفسي بعد خمسة عشر يوم أنني كنت في اليوم الأول أو الثاني أحسن من السادس عشر أو السابع عشر، إذاً أين المشكلة؟ أنه حتى هذه الأعمال فيها من النقص ما يسبب  عدم زيادة الإيمان، إذاً أصبحت العلة أساساً في الإيمان، الإيمان فيه خلل أو عدم عناية أو عدم تفتيش لإشكالاته، من أجل ذلك ما نجد الأعمال تصب في الإيمان، المفروض الأعمال تصب في الإيمان تزيدك إيماناً وإذا زادتك إيماناً ويقيناً أول الشهر تعمل وأنت عندك شيء من الثقل آخر الشهر تعمل وأنت عندك شيء من القوة لماذا؟ لأن اليقين يزيد وإحساسك بأن الدنيا ستذهب لابد ولابد أن يذهب أهلها ولابد أن استعد لما وراء ذلك وهذه فرصة من أجل أن أعظم أعمالي، فالمفروض أن يزيد الإيمان الذي يسبب الزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة. نحن نسأل حقيقة عندما يأتي آخر شهر رمضان هل يحصل الإقبال على الآخرة أو الإقبال على الدنيا؟ الجواب: الإقبال والاشتياق على الدنيا، معناه أن هناك أمر مخبأ؛ الإقبال على الدنيا.

نقسم الدنيا إلى ثلاثة أقسام:
·                  العشرة الأولى الدنيا في الأكل.
·                  العشرة الوسطى الدنيا في الملابس.
·                  والأخير في ترتيب المنزل.
 وكل هذا من الوراء ولا أحد يحس أن هذا ينخر في الإيمان، ثم اسأل الناس عموماً والصلّاح خصوصاً كيف تستهوينا؟! ـ خصوصاً النساء ـ عندما نتكلم عن رمضان كيف تستهوينا تلك الأطعمة والكلام الدقيق فيها؟! وكلها تحتها أعذار مئة ألف عذر عندنا نريد شيء خفيف وإلى أخر ما نتكلم.

هل تفهم من هذا أنه ممنوع الأكل والشرب؟
الجواب: لا، لكن أنت في شدة وتفكر في هدوء ماذا يأكل وما هو الحلى من هذا الذي في هدوء؟ إلا أنني لا أفهم ما هي القصة؟!غير فاهمة أننا في حالة اضطرار وشدة واستنفار من أجل ذلك لابد أن نقبل إقبالاً ونترك أي شيء خفيف يكفينا زاداً، لكن نحن نتفنن مع الإعلام والتجار والصبغة الاجتماعية العامة فتجد في النهاية تجد شهراً مقسوم عشرة وعشرة وعشرة لأعمال الدنيا لا نكذب على أنفسنا، أهم شيء في هذا الموضوع نحن يكون عندنا نهم للدنيا ونحن لا نشعر، وطبعاً هذا عدوك يستغل الفرصة التي قبل رمضان من أجل أن يجعل هذا الطمع شيء يسري فيك. يعني مثل: المخدرات-أسأل الله أن يحفظ الجميع-يسري في الإنسان، عندما يأتي رمضان لا تستطيع أن تتخلص منها هو يحبس وأثاره لا زالت عليك هو الشيطان يحبس وآثار إغرائه بالدنيا لا زالت على الخلق، وأنت يكفيك في هذا واذهب في أخر خمس أيام من شعبان وانظر أماكن الأطعمة والمواد الغذائية وانظر ماذا يحدث كأننا داخلين على مجاعة! على كل حال هذا كله من فعل العدو، بالإضافة إلى هوى النفس، بالإضافة إلى مئة عذر.

بما أن الاختبارات قريبة جداً من رمضان تأمل لو قامت ابنتك من دراستها وذهبت لتصنع لنفسها كأس شاي من أجل أن تأكل وأخرجت من الأسفل شيء، ومن الفريزر شيء من أجل أن تعمل كذا وفتحت الفرن ماذا تقول لها؟! أي محاضرة التي ستعطيها لها؟؟ كلام عن الوقت وأهميته وأن كلها أيام محدودة وانظر كيف نحاضرهم؟ هذه المحاضرة أحسن ما يكون الكلام في العناية بالوقت والعناية بالهدف، اختلطت الدنيا علينا اختلف الأمر أصبحنا لا نعلم ما هو الاختبار الحقيقي الذي نحن نعيشه؟ ولا زلت أقول أن هذا ليس تزهيداً لا في الطعام والشراب، ولا تزهيداً في الاختبارات والامتحانات. هذا فقط من أجل أن نقدر الأمور قدرها. وانظر كيف أن غالب الناس الذين يستعملون تغير بيوتهم في أخر رمضان. الآن في العشرة الأخيرة كان لازم يأكلوا كذا وكذا، وعندما يأتوا لفرش بيوتهم والاهتمام بها يتنازلوا عن المأكولات، كل هذا إشارة على أن الدنيا سرت وجرت في الدماء، وها هي أثارها تأتي في الزمن الفاضل، الناس يرجون أن يكونوا مجاورين للحرم يرجون أن يقتربوا له ساعة، وناس كثيرين يكونون قريبين من الحرام والله! لا يوجد في قلوبهم تعظيم له ولا شوق لماذا؟ سنعود لأصل القضية؛ الإيمان هو المشكلة، ومن أجل ذلك نحن نناقش أسباب تزيد إيماننا، فإذا زاد إيمان العبد كان عنده قوة في طلب الإعانة وإذا طلب الإعانة لا يظن أنه يمكن أن يخذل. واحد عنده إيمان وطلب الإعانة لا يمكن أن يخذل.

نأتي  الآن إلى الأدلة في كتاب الله عز وجل التي تتكلم عن مسألة زيادة الإيمان، من أجل أن تتصور أن زيادة الإيمان لها طريقها، والله عز وجل يحيي الإنسان حياة ويجري عليه أقدار من أجل أن يتبصر فإذا تبصر ازداد إيماناً.
1.      قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}[4] .
2.      {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}[5].          
3.      عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو بن العَاص رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ الإِيمَانَ لَيخلق فِي جَوْفِ أَحَدكُمْ كَمَا يَخلقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا الله أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ)) [6]ماذا يحصل له الإيمان في القلوب؟ أنه يبلى ـ كما في الرواية الثانية ـ مثل الثوب الذي يتحلل خيوطه فيصبح سهل التمزق، فالإيمان هكذا في القلب وهذا تشبيه للإيمان باللباس، فإذا لبس الإنسان حلة الإيمان كان هذا سبباً في لانتفاعه بكل الأزمان كل الأوقات وإذا هذا الثوب تخرق ضعف الإنسان في الانتفاع بالفرص.

الحياة كلها فرص للارتفاع والقربى؛ هذه حقيقة الحياة كلها فرص للارتفاع والقربى منه سبحانه وتعالى؛ زوج أولاد جيران نفس مواقف أحداث كلها هذه عبارة عن فرص أن أجعلها جسوراً للوصول إلى الله سبحانه وتعالى والارتفاع عنده. ما الذي يضعف انتفاعنا بهذه الفرص؟ ضعف الإيمان؛ نلبس ثوبا خفيفاً ضعيفاً من الإيمان فتتكرر الفرص وأنا لا انتفع منها.
ما المطلوب الآن؟
 لابد أن تعرف أن إيمانك سبب صبرك على الطاعة وإيمانك سبب لصبرك عن المعصية وإيمانك سبب لصبرك على أقدار الله، كلما قوي الإيمان كلما قوي صبرك على الطاعة. فأصبح قيام الليل مثلاً في رمضان يسير لوجود الإيمان؛ والإيمان يسبب زيادة الصبر على الطاعة؛ كلما زاد إيمانك كلما زاد صبرك عن المعصية، كلما زاد إيمانك كلما زاد صبرك على الأقدار. من الجهة الأخرى كلما زاد إيمانك كلما أصبح عندك حساسية شديدة للنعم؛ فتشعر بأدق النعم، ومن ثم يزيد الإيمان ويزيد الشكر، يزيد الإيمان يزيد الصبر. وأنا أسير في الحياة وجدت أن شكراً ضعف، وصبراً ضعف بأقل مراجعة تفهمين ماذا ؟ إيمانك ضعف، أريد أن أزيد شكري وإحساسي بالنعم وأزيد صبري على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله، أزيد إيماني، إذاً زيادة الإيمان هذا مطلب طول الحياة، وهو مطلب تريدينه عندما تدخلي في زمن فاضل إلى عمل فاضل، تأتي بأسباب تزيد لك الإيمان.

السؤال : هل أفتش في يومي وليلتي ما أنا فيه من الإيمان ؟
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال : إن من فقه المرء أن يعرف إيمانه هل هو في زيادة أو نقص؟! هذا الموضوع ما مكانه في قائمة المهام؟ المفروض أعلى، لكن عملياً إلى أي درجة أنا أفتش؟ أنت تقول: أنا لا أعرف الإشارات كيف يزيد وكيف ينقص؟ لو كنت مهتمة بالإيمان وشعرت أن الإيمان هو القاعدة، وعلى أساس هذه القاعدة يكون:
·                  الصبر ويكون الشكر.
·                  ويكون بقية الطاعات.
·                  ويكون التلذذ بحلاوة المناجاة.
·                  ويكون سهولة الدعاء.
·                  ويكون حسن الأخلاق.
تصور!! كل شيء مبني على ما معك من إيمان، أنا أحس نفسي تدهورت أخلاقي، أحد أولادي يكلمني أجد نفسي سريعة الغضب مع أنني قبل يومين أو ثلاثة كنت في حال أحسن، نقول: نحن أكيد هناك عوامل بدنية سببت مثل هذه التأثيرات ارتفاع الغضب وانخفاضه، نحن ما ننكر العوامل البدنية، لكن نقول: لما يزيد الإيمان يحجب الإنسان ويحفظ عن المعاصي، والعكس لما ينقص الإيمان يوكل الإنسان إلى نفسه.
فقضية الإيمان ليست قضية يسيرة؛  لها علاقة بالاستعداد لرمضان، والإنسان لا يستعد لرمضان إلا بالإيمان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من صام رمضان من قام رمضان إيماناً واحتساباً)) والاحتساب مبني على الإيمان، إذاً وأنا داخلة رمضان يجب أن يكون معي إيمان من أجل أن أحقق الشرط الذي به يغفر لي، لكن لا تظن أن القصة فقط في رمضان، أنت طول الحياة تحتاج إلى مقياس تقيس به إيمانك، ولهذا كم من شواهد لنقص الإيمان يشهدها الإنسان على نفسه وهو لا يشعر.

نأتي بشاهد مشهور: (انتشار ظاهرة العري في المجتمع النسائي) ماذا تقول بصريح العبارة؟
ظاهرة العري هو عدم الحياء، لكن نقص الحياء إشارة لنقص الإيمان، بكلمة واضحة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(( وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ))[7] كل النصوص التي تتكلم عن الحياء والإيمان واقترانهم. الآن واحد بنفسه يشهد على نفسه أنه ضعيف الإيمان، فبعد هذا يقول: أنا ما أدري إيماني قوي أو ضعيف!! ثم يقول: الإيمان في القلب! نقول: نعم، الإيمان في القلب وما تفعله شاهد على ضعف الإيمان؛ لأن الحياء تعبير عن الإيمان، لا نقف عند هذا المثل فقط لابد أن تتصور أن هناك شواهد كثيرة إما على ضعف الإيمان وإما على نقص الإيمان، كم مرة بحثت في كتاب الله يا مؤمن يا من تود أن يزيد إيمانك ( إن الله لا يحب ) أو ( إن الله يحب ) ؟ أي عمل تفعله يقال لك: إن الله يحبه معناه أن فيك إيمان فعلت فعلاً يحبه الله من أجل الله، وكل مرة تفعل فعلاً لا يحبه الله هذا شاهداً على نقص إيمانك لأنك تعرضت لما لا يحب الله ومع ذلك فعلت. فالمقصد أن هناك شواهد على زيادة الإيمان وعلى نقصه، العناية بموضوع الإيمان وجعله على رأس المهام والاهتمام به من جهة ملاحظته زائداً أو ناقصاً هذا موضوع غاية في الأهمية ليس له علاقة فقط برمضان إنما بالحياة كلها. 

دائماً احرص أن تفتش نفسك في موطنين:
·       قبل مواسم الطاعة.
فتش من أنت في إيمانك وسلوكياتك؟! هل هذه تأتي بشخص مؤمن أو غير مؤمن؟!
·                  بعد حالات انشغالك في الدنيا.
ندخل في الدنيا في أزمات أولادي يختبروا أو أفرش بيتي إلى أخر الأشياء التي تشتغل في الدنيا، الآن بعد ما أمر بأزمة دنيوية وأجد نفسي انخرطت في الدنيا أيام وليالي آتي بعدها أفتش عن إيماني ماذا حدث له؛ لأن الانهماك في الدنيا لابد أن يضعف الإيمان.

فكلما زاد زمن الانهماك في الدنيا كلما زاد ضعف الإيمان.
الحل: التفتيش أمر مهم وطلب أسباب زيادة الإيمان أمر مهم،  وأهم منه أن نبقى ملاحظين إيماننا فنسأل الله أن يجدد إيماننا؛ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(( فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم )) راجع قائمة دعواتك وانظر كم مرة تسأل الله أن يجدد إيمانك ويزيده؟ غفلتك عن هذا معناه أن الإيمان ليس ذا بال وضيعت الأساس الذي يبنى عليه كل العمل.

حرص السلف على ازدياد إيمانهم:
·                  كان عمر رضي الله عنه يقول لأصحابه:"تعالوا نزدد إيماناً".
·       مثل هذه الاجتماعات سبب من أسباب زيادة الإيمان هنا أو في أي مكان ينشر فيه السنة؛ هذه اجتماعات تسبب زيادة الإيمان فكان عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول: تعالوا نزداد إيماننا، معنى هذا أنه من فعل السلف الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أنهم كانوا يجتمعون ويعتنون في اجتماعهم بزيادة الإيمان.
·       وكان مثله يقوله ابن مسعود رضي الله عنه يقول:"اجلسوا بنا نزدد إيمانًا"؛ ويقول في دعائه:"اللهم زدني إيمانًا ويقينًا وفقهًا".
·       وكل هذه الأدعية إشارة ودليل على فقهه؛ لأن الإيمان لو زاد صلحت الأعمال، نقص الإيمان سبب لنقص العمال أو نقص صلاحها، فعندما تجد جفاء في قلبك لازم تعرف أن الذي ضعيف هو الإيمان.
·                  وكان معاذ رضي الله عنه يقول:"اجلسوا بنا نؤمن ساعة" نجلس مجلساً نذكر فيه الله عز وجل فيزداد الإيمان.

أسبـاب زيادة الإيمان الآن :
نستعد لرمضان بالإيمان، الاحتساب ناتج الإيمان، أن تحتسب وقلبك يرقب رضا الله هذا مبني على إيمانك، قوة الإيمان تيسر الاحتساب، فأنت تدخل على هذا الشهر العظيم وعلى كل مواسم الطاعات مستعداً بالإيمان، لكن قررنا ونحن نتناقش أن الاهتمام بالإيمان ليس حكراً على الاستعداد لرمضان أو للحج أو للمواسم المباركة إنما هو حياة يجب أن تعيشها دائماً، يجب أن تكون فقيه، ترى أنت جاهل لو كنت تعيش الحياة ولا تعرف ما أنت من الإيمان زائد أو ناقص. المفروض خطة الحياة هذه فيها بذل جهد أن تأتي بأسباب زيادة الإيمان.

نرى الآن الكلام حول أسباب زيادة الإيمان: المتكلمين من أهل العلم-جزاهم الله خيراً-في أسباب زيادة الإيمان بعضهم أجملوا وبعضهم فصلوا، من أجمل في أسباب زيادة الإيمان حوى كلامه كلام من فصل، ومن فصل ستجدي أن تفصيله سيعود على كلام من أجمل.

نبدأ أولاً، نحدد أسباب زيادة الإيمان بثلاث أمور :
·                  أولاً: تعلّم العلم النافع ـ وهذا رأس كل سبب ـ
·                  ثانيًا: التأمُّل في آيات الله الكونية.
الثاني مبني على الأول، حتى في الإجمال الأسباب مبنية بعضها على بعض.
·                  ثالثًا: الاجتهاد في الأعمال الصالحة والمداومة عليها.

هذا كلام إجمالي، اتفقنا أن هناك أسباب تسبب زيادة الإيمان، وأنت تأخذها وقائم في قلبك أنك تريد زيادة إيمانك، وسترى أثر ذلك، ونلاحظ أن الأسباب مبني بعضها على بعض، فالسبب الرئيس هو تعلم العلم النافع ومنه يخرج السببين: التأمل في آيات الله الكونية والاجتهاد في الأعمال الصالحة. بدون العلم ما تعرف تتأمل في الآيات الكونية ولا تستطيع أن تترجمها وبدون العلم لا تهتدي ما هو العمل الصالح الذي يحبه ربنا.

أهم شي نهتم به في مثل هذه اللقاءات العامة أن نهتم بالسبب الأول.
[ تعلُّم العِلْم النافع ]: تعلم العلم نافع مبني على ماذا؟ على أي مصدر؟ تقوية الصلة بقال الله وقال رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما عندنا مخرج آخر، وعلى ذلك المفروض أننا سننكب على كتاب الله ـ عز وجل ـ؛ لكن المشكلة أن الانكباب والعناية بكتاب الله أخذت وجهات نظر؛كل واحد ذهب إلى موطن في الانكباب، نتفق على طريقة توصلنا إلى المراد. اليوم نفصل في العلم النافع وماذا يكون في قلبك حال تحصيله؟ وتهتم بماذا؟ لأن هناك أشياء كثيرة تدخل تحت العلم وما هي أولوياته؟ فمَن وُفِّق لهذا العلم، فقد وُفِّق لأعظم أسباب زيادة الإيمان: قال الله تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[8]

{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} هذه الكلمة التي نسأل الله أن نعيش عليها وعليها أن نموت! شهد الله لنفسه هذه الشهادة وشهدت أيضاً الملائكة، وشهد أهل العلم بلا إله إلا الله، لكن شهادة حق تثقّل الميزان، هل يمكن أن يشهد شهادة لا تثقل الميزان ؟ نعم. الشهادة هذه تخرج مَنْ المؤمن ومَنْ المنافق، ما الفاصل بينهما ؟ إيمانه الواقع في قلبه. ما الذي يأتي بإيمانه الواقع بقلبه ؟ أن يكون عنده علم ويقين. إذاً ماذا نقول؟  أن شهادة أولوا العلم بلا إله إلا الله شهادة ذكرها الله مع شهادة الملائكة إشارة إلى قوة إيمانهم؛ أولوا العلم فيهم قوة إيمان بلا إله إلا الله، وهي سبب لأن يذكروا مع الملائكة.

نقول: الذي وفق للعلم وفق لأهم أسباب زيادة الإيمان، نأتي بشواهد على ذلك:
الله لما شهد لنفسه سبحانه وتعالى باستحقاقه أن يكون إله وشهدت الملائكة على ذلك ذكر في هذه الآية أن أولوا العلم شهدوا أيضاً بذلك، شهدوا من رؤية أم شهدوا من علم، ما نوع العلم؟ هل هو علم طارئ سطحي أم علم ما وصفه ؟ علم يقيني. ولهذا تعال لهؤلاء في قبورهم وانظر يُسأل العبد في قبره من ربك؟  واحد يجيب: ربي الله، الثاني يقول: ها ها، كنت أسمعهم يقولون !! في رواية لابن ماجه وهي صحيحة: أن الملائكة تسأل هذا الرجل الذي كان ثابتاً في جوابه وقال: ربي الله، هل رأيت ربك؟ فيجيب: لا ينبغي أن يرى في الدنيا!! فأيّ علمٍ هذا ؟!!  هذه الشهادة التي وجدت في قلبه وثبتت ليست مبنية على رؤيا إنما على علم يقيني، فإذا وجد العلم أصبح أهل هؤلاء العلم ممن حقاً شهد الله لهم أنهم شهدوا شهادة حق وأنهم شهدوا بالحق.

لو سألتك: كيف شهد الله لنفسه أنه لا إله إلا هو؟
هذا من معاني اسمه المؤمن كما ورد في سورة الحشر، ما معنى أنه مؤمن؟ أنه مصدق لنفسه سبحانه، وبعد ذلك مصدق لخلقه وأنبيائه ورسوله. مصدق لنفسه، ما معناها؟ أن الله-عز وجل-أشهد الخلق على أنه لا يستحق المحبة ولا التعظيم إلا إياه. عاشوا مواقف وأحداث وأحوال ومرت عليهم من التدابير التي تنزع من قلوبهم غير الله، لكن هذا الكلام لمن؟
·  كم من الناس؛ بل كل الناس الله عز وجل أراهم أن عظيماً لا يبقى؛ أي عظيم تعظمه تدور عليه  الأحوال يموت ويفقد عظمته تتغير أحواله.
·   كل العظماء يذهبون من أهل الدنيا.
·   وأصحاب الأموال كلهم إما يذهبوا أو تذهب أموالهم عنهم، ويتفرق هذا المال على الناس.
·   أصحاب الأراضي يورثوا.
·   أصحاب الحضارات يهدموا؛ تهد حضارتهم ويذهبون.

إشهادات دائمة؛ طبعاً إشهادات عامة، وهناك إشهادات خاصة بحياتك، هناك واحد كنت تراه مهيبًا مخوفًا إلى آخره ومن ثم تقف عليه وقد فقد عقله أو خرّف أو حصل له كذا وكذا، سبحان الله! كان يخاف من أن  يُقبل أصبح ما يستطيع أن يتحرك!! أو بالعكس بدل من أن نتكلم على المعظمين، نتكلم عن المحبوبين كم من الخلق صرفت لهم محاب وصرفت لهم أشياء من التعلق وظن الإنسان فيهم كمال الصفات، وفترة طويلة وهو يظن أن هؤلاء كُمّل من الخلق، لا صحبة له ولا أهل ولا أحباب  وبعد ذلك مرة واحدة تنفرط؛ كأن عقداً انفرط من سوء الخلق والصفات الناقصة ومن الضعف، كل هذا إشهادات من أجل يا بصير ماذا تفهم؟ عندما عظماء يصبحون لا شيء وعندما أناس نحبهم غاية المحبة وبعد ذلك تذهب محابهم، تشهد على ماذا في النهاية؟ أشهدك الله على ماذا يا بصير؟ أشهدك على أنه لا أحد يستحق التعلق والتعظيم إلا إياه سبحانه وتعالى، مزيل للخلق عن أماكنهم سواء في قلوب الخلق أو في عظائمهم، يموتون وهو حي لا يموت، يفقدون القدرة على القيام على أنفسهم وهو سبحانه وتعالى قائم على كل شيء، قائم على كل نفس بما كسبت.

هذه الإشهادات يا بصير نفعتك وطردت كل أحد من قلبك، وخلت قلبك لله أو لا زلت تتعلق بغيره وتُعظّم غيره؟ من أجل ذلك أهل العلم تعلموا عن الله كمال الصفات وتعلموا عن أنفسهم وعن الخلق نقصهم، ثم كلما أشهدهم الله شهدوا وكلما مرت عليهم أحداث تبصروا، وأنتِ ابحثي في كتاب الله كم مرة يقال لك: الناس أعمى وبصير؟ ولماذا يكرر أعمى وبصير؟! من أجل أن يقول لكِ: تبصري ترى الله يشهدك أنه لا يستحق أن تتعلق إلا به ولا تعظم إلا إياه، يعني لا تؤله في قلبك إلا إياه.

معنى هذا أن العلم الذي تتعلمه سترى شواهده في كل شيء، وهكذا يتحول العلم من مجرد منظور إلى يقين، ألسنا كلنا نحفظ قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[9] كلنا نعرف أنه تبارك وتعالى وتعاظم، وكلنا نعرف أنه بيده ملك كل شيء، وكلنا نعرف أنه على كل شيء قدير، هذه مسلّمات لكنها (مسلّمات معلوماتية). لكن الممارسة كلما أتاك أمر وجدت نفسك ممكن أن تفزع لغيره ممكن أن تطلب غيره أو تصاب بالإحباط فلا تطلب ولا تسأل ولا تبحث ولا تفعل أي شيء لا تطلب الله عز وجل، طيب أنت لا تعلم أن وصفه أنه له ملك كل شيء؟ أنت عن ماذا تبحث ؟! عن قلب أبناء، أو عن قلب زوج، أو عن عقل، أو عن دراسة، أو عن ماذا تبحث؟ كل الذي تريد أن تبحث عنه ملك لله، والله قادر على أن يهبك أو يهبه أو يفعل ما يريدـ سبحانه وتعالى ـ  فما بالك يشهدك الله أنه على كل شي قدير ويخبرك أن له كل شيء وأنه على كل شيء قدير ثم تأتي مواقف يشهدك كيف تأتي لك حبة من الخردل من صخرة يأتي لك من المضائق حاجاتك،  ثم يقال لك: هذا مثال لقدرته! بعد ما ترى المثال على قدرته تنسي المثال وتعيش كأنك لا تعرف ربك !! هذا الإشكال واضح ضعف الإيمان يحصل كيف ؟! أنا أحفظ نصوص كثيرة فيها وصوفات الكمال لله ـ عز وجل ـ والحياة كلها أحداث تجري بعضها خلف بعض، المفروض تبصرني لشواهدي كمال صفاته كل الحياة عبارة عن أحداث تقول لك: تنطق أن الله كامل الصفات، من يسمع هذا النطق ومن يرى هذا التفسير؟! البصير الذي أعطى نفسه فرصة أن يتدبر.

لذلك مهم جداً أن تعرفي الأسباب الثلاثة:
·                  العلم النافع
·                  يأتي بعده التأمل في آيات الله الكونية
·                   التي في الكون وفي الآيات التي تجري عليّ شخصيًا

فهذا التأمل هو الذي يحول العلم من مجرد معلومات إلى يقين. كثير من الناس يحملون القرآن كاملاً يحفظون، ثم تأتي من المواقف والأحداث تقولي هذا لا يعرف آية في كتاب الله! كم مرة بخلنا في الإحسان ونحن نحفظ {إن الله يحب المحسنين}؟!كم مرة نسينا غفلنا أنه  أتت لك فرصة أن تكون في هذه اللحظة ممن يحبهم الله في هذه اللحظة تحسن فيحسن الله إليك؟ كم مرة استفزونا الناس؟ وبعد ذلك نعيش الاستفزاز ويمارس علينا ونحن نستجيب له! وكان المفروض أن هذا كله ينقطع بأن الله يحب المحسنين؛ فأحسن بكلمة واحدة فينقطع الأمر كله ثم أنجح في الاختبار وينتهي الموضوع.

قد تقول: لكن الغفلة واردة؟!
نعم الغفلة واردة ومتكررة وتحصل لا بأس، لكن من غير المعقول أن هذه الغفلة الواردة تكون من أول ما أنا أفهم إلى أن أموت وأنا لا أرجع أبداً ولا أفهم ليس منطقياً!! لكن أفهم وبعد ذلك أنسى هذا أمر أخر، ثم لازم تلاحظوا  أمراً مهماً وقد ذكرناه سابقاً مراراً أن كل واحد فينا ابتلي بنقطة ضعف، هذه نقطة الضعف التي دائماً يرتد فيها ويتقدم. سبق أن مرّ علينا الحديث:((إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم)) وعندما مرّ معنا اتفقنا ما المقصود بالأخلاق؟ يعني الطباع الجبلية؛ الله ـ عز وجل ـ ابتلى واحد بالغضب هذا طبعه الجبلي، وأصبحت هذه نقطة اختباره، هذا الطبع الجبلي الذي عنده ماذا يحصل له؟ يتعلم يتعلم بعد ذلك يفهم ويتقدم قليلاً بعد ذلك يرتد وبعد ذلك يجاهد ويتقدم ويرتد خلاص هذه نقطة ضعفك، لا تناقش في نقطة ضعفك كلمني عن باقي أحوالك، الأشياء العادية التي لم تبتلى فيها بطبع.

واحد ابتلي بأنه مبذر وواحد ابتلي بأنه غضوب وواحد ابتلي بأنه بخيل، هذه صفات جبلية ابتلي بها الإنسان اختبار له، ما مقدار مجاهدته فيها؟ هذه نقاط الضعف يحصل فيها أن يتقدم الإنسان ويعود، لكن أنا لا أكلمك عن نقطة الضعف هذه، هذه النقاط ممكن يبتلى الإنسان أنه شحيح وبعد ذلك هذا اليوم الذي يخرج فيه عشرة ريال قد أنجز إنجازاً يرى نفسه أنجز إنجازاً جزاه الله خيرًا، وبعد أيام يقول: لا، المفروض أن هؤلاء يعملوا ليس المفروض أن نعطيهم كذا وكذا، الآن رجع إلى الوراء بعد ما أعطى عشرة ريال رجع إلى الوراء، نقول: هذا يتردد ويذهب وكل مرة أكلمه وأزيده حتى يتحسن في النقطة هذه يجاهد فقط هذه النقطة، لكن المفروض في باقي الصفات كلما تعلم المفروض أن يتقدم، لا يبقى في مكانه في كل شيء، وإلى الوراء في كل شيء، في حب الدنيا إلى الوراء يزيد ويزيد؛ يعني هذا أمر مهم أن تفهم عن نفسك ما نقطة ضعفي؟ أحياناً نقطة الضعف عند إنسان حبه للأنس فلا يريد أن يخلو، طوال الوقت يريد أن يذهب عند هؤلاء ويخرج عند هؤلاء هذه نقطة ضعف موجودة جداً في النساء دائماً يحبوا الأنس، فكّرْ قليلاً، نقول: هذا لمن هذا طبعه سيأتي زمن لن تأنس فيه بأحد فكر في تلك الوحشة الحقيقية وابحث عن أنيس!  

إن الإنسان يُعذر في تردده بين تقدم وتأخر عندما يكون الله عز وجل ابتلاه بطبع، يعني لا أقارن واحد الله ابتلاه أن يكون شحيحاً بواحد ربنا ابتلاه بأن يكون كريماً. والابتلاء بمعنى الاختبار، أقول له: انظر كيف أخوك ما شاء الله لا يأتي له راتب إلا ويدفع منه. لا يصح هذا الكلام، لماذا؟ لأن هذا لم يبتلى مثل هذا، ونقول له: أنت الشهر الذي سبق كنت متقدم ماذا حدث لك؟ يفهم أن ساحة الجهد القوي عند هذا هي هذه النقطة.

المقصد: أن العلم النافع هو علم يأخذه الإنسان ويحوله إلى يقين، ليس مجرد معلومة. كم من المرات نتكلم عن كمال صفاته؟! كم مرة نقول: ربِّ الناس، ملك الناس، إله الناس كم مرة نقول؟! أين إحساسنا بربوبيته وملكه ـ سبحانه وتعالى ـ  وكمال صفاته ـ سبحانه وتعالى ـ ؟ كل هذا فيه ضعف، نتيجة معلومات لكن لا يوجد عين بصيرة ترى هذه المعلومات وتحولها إلى اليقين.

يكفي أنا وقفت عند هذه الآية والباقي سيأتي لكن أريد أن تتصوروا أثر العلم على الإنسان . أمليكم أرقام  الآيات التي مضت لأنها  غدًا سوف تكون موضوع نقاشنا: (مررنا على آل عمران 18، وسنمر على النساء 162 وسنمر على الإسراء 107 - 109 ،) وفي المسند وغيره من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر))

لاحظ نحن نتكلم عن العلاقة بين الإيمان والعلم، الإيمان نهايته إلى الجنةـ نسأل الله من فضله ـ  والعلم نهايته للسالك فيه للجنة، فاستووا في النهاية، فالعلم هو الذي بالإيمان الذي تكون النتيجة الدخول إلى الجنة. (وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع) لماذا هذا الوصف بالذات؟ الملائكة الذين وصفهم الله أن لهم أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء، وفي رواية عن جبريل: أن له ستمائة جناح !! وهم خلق الله العظيم  لماذا تأتي لطالب العلم الضعيف في بنيته وقدرته يمشي على الأرض فتضع له أجنحتها؟! يعني هذا طالب العلم لابد أن يحمل ذلاً عظيماً لله، ذل وانكسار قوي فيه الدور الذي من أجله خُلق، هو خلق عبداً، هناك أناس يخرجوا عن هذه العبودية وهذه الوظيفة، وهناك أناس يلزموا هذه الوظيفة لكنها ليست بقوة وليست بأدب، وهناك أناس عندهم قوة قيام بهذه الوظيفة عبودية ذل قلب منكسر، فهذا يرحل وقلبه منكسر لله فأتت الملائكة العظام لهذا الذليل المنكسر لربه فذلت له وضعت أجنحتها له رضًا بما يصنع تواضعاً منها لهذا المنكسر. ومما يشهد لهذا الحديث المعروف:((من تواضع لله رفعه)) فتصوري عبد يأتي منكسر ذليل يبذل جهده وأنفاسه واهتمامه في أن يعرف ربه، في أن يعرف ماذا يحب ربه؟ ماذا يحب الله؟ هذا من أعظم اهتمامات هذا العبد، من هو الله؟ هذا من اهتماماته، يسعى لذلك وهو ذليل يريد بهذا العلم أن يزداد عند ربه فكان هذا الجزاء من جنس العمل، سعى ذليلاً، فذلّ له العظماء. (وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء) ولك أن تتصور كيف العلم سبب لزيادة الإيمان؛ يعني إذا الملائكة تضع أجنحتها لهذا، وإذا الحيتان في البحر تستغفر له !

من في السماوات: يعني الملائكة.
من في الأرض: عدي من في الأرض إلى أن تبلغي لأعظم مخلوق موجود في الأرض وهو الحوت، واعلم أن هذا الحوت الذي يكلموك عن عظمته وعن ارتفاعه وإلى أخره هذا له علاقة بك وأنتِ طالبة علم تطلبي العلم وتعلميه، ماذا يفعل لك؟ يستغفر لك، فمن المؤكد أن إيمانًا يزيد، يعني الملائكة وهذه الدواب التي تدب على الأرض أو التي تسبح في البحر كلها تسأل الله أن يغفر لك ذنبك، فيمشي طالب العلم على الأرض طاهراً، فإذا كان طاهراً خالياً من الذنوب، فإذاً هذا موعود بزيادة الإيمان، أصبح عمله سببًا لزيادة إيمانه.

لابد أن تتصوري العلاقة العظيمة، في الحديث الآخر: (حتى النملة في جحرها) ولذلك لا تمر عليك النملة يا طالب العلم كما يمر عليك أي شيء، ترى أنت لك علاقة بالنملة كما لك علاقة بالحوت ما علاقتك؟ هذه من بين ذكرها وتسبيحها لربها تخصّك باستغفار، فانظر كيف العلاقة العظيمة. ماذا تتصور قلب عبد وحال عبد يستغفر له هؤلاء؟ أنت تعرف كم عدد الملائكة ؟! عدد عظيم، إذا كان البيت المعمور يدخل له كل يوم في رواية مئة ألف وفي رواية  سبعون ألف لا يعودون إليه مرة أخرى ! كم عددهم يعني ؟! وكل هؤلاء يستغفرون لك. ولما الأطهار يستغفرون لبني آدم ماذا تظن أنه حادث ؟ فأكيد أن يكون قلبك مهيأ لزيادة الإيمان، لابد أن يكون هذا الطريق سببًا لزيادة الإيمان. ثم يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب)
كثير من يقول: أنا الآن حاسس في قلبي إيمان وحب للدين فلأدخل مباشرة على العمل لأن الناس يحسبون إنجازاتهم بكم ركعة صليت؟ وكم جزء خلصت؟ هكذا نفكر فماذا يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى نتجه كما ينبغي ؟ ماذا يقول ؟ (وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب) تصور واحد يعبد وواحد يطلب العلم، الذي يطلب العلم فضله على العابد كفضل القمر المنير الذي يشترك مع الكواكب في علوه وفي كونه كوكبًا ، لكن يزيد عليهم بأنه منير، ينتفع هو وينفع غيره، وهذا وجه المقارنة والفارق بين هذا وذاك.

((وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارًا ، ولا درهما إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر))
يقال لك: هذه تركة فلان هذه ورثة فلان تعال لك نصيب فيها، هكذا العلم والأنبياء، أنت الآن يقال لك: ترك لك النبي-صلى الله عليه وسلم-هذه الورثة هذه التركة، تعالي خذي نصيبك منها، من هذا أحد يأتي ويقول له: ترى فلان الفلاني العظيم ترك لك شيء من الميراث تعال وخذه؟ من هذا الذي يترك؟ ثم لما يكون هذا العظيم هو النبي الكريم على ربه، من هذا الذي يبخل على نفسه أن يقبل على الميراث؟ لكن المحروم من حرمه الله.

لابد أن هناك علة أشغلتنا عن هذا، وهذه العلة ستظهر لنا في سورة الحديد وسورة يونس وستظهر في مواطن عدة أن هناك علة أشغلتنا، والله ـ عز وجل ـ يقول {وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ }[10] أين أنتم يقوم عن دار السلام؟ ما الذي أشغلنا عن دار السلام؟ فقط اقرأ الآيات التي قبل ستعرف ما الذي أشغلنا عن دار السلام، وهذه هي وقفات التأمل التي نرجوها، من أجل أن يتبين لنا ما الذي صرف قلوبنا عن هذا الميراث عن هذا الأمر عن هذه العلاقة. يعني تصوري تدبي على الأرض ودواب الأرض تستغفر لك تدبي على الأرض وأهل السماء يستغفرون لك،  هذا كله أمر مدهش، لكن أين يذهب هذا الاهتمام؟ أين تذهب هذه الرعاية والعناية التي المفروض تكون بعد ما نعرف هذه المعلومات.

وفي الترمذي وغيره من حديث أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله عز وجل وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)) يعني تصور النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته عند الله ومكانته في الطاعة والعبادة، وتصوري أدنى الصحابة وأقلهم طاعة وعبادة، تصوري ارتفاع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليهم شيء عظيم، يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  هذا الارتفاع العظيم مثله مثل واحد صلب العلم فأصبح عالماً وواحد يعبد بدون علم، ولهذا وأنت مقبل على المواسم العظيمة لا تظن كل الغاية أن تعبد، هذه النتيجة، لكن الوسيلة العلم، العلم يزيد الإيمان والإيمان يأتي بالطاعة بالعمل.

(حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) الفرق بين هذه الرواية والرواية السابقة الصلاة عن الاستغفار، والصلاة لفظ قريب جداً من الإيمان. ما معنى أن يصلون؟ يصلون يعني: يقولون يا ربنا صلي على فلان، يعني اثنِ عليه في الملأ الأعلى، ارض عنه، اقبله يا ربنا. فمن النملة إلى الحوت وهم يقولون: يا ربنا اقبله يا ربنا صلي عليه يا ربنا اثني عليه في الملأ الأعلى، تتصور العلم هذا كيف يشعب علاقاتك، وأنا أتصور نفسي وأنا أدرس في غرفة لوحدي أنا والكتاب وربنا معنا صحيح، لكن ها أنت والكتاب أنت والقرآن أنت والعلم أنت وهذا الاجتهاد يشعبوا علاقتك بكل من في الأرض بل حتى إلى أهل السماء، فماذا تريد بركة أكثر من هذه البركة؟  ومن المؤكد أن قوماً يستغفرون وقوماً يثنون هذا كله ماذا سيؤثر في القلب؟ لابد أن يكون سببًا لطهارة القلب ونقائه وزيادة إيمانه. فالعلم كما هو معلوم ليس مقصودًا لذاته وإنما هو مقصود لغيره وهو كما هو معلوم العمل، فكل علم شرعي طلبه إنما يكون حيث يكون وسيلة إلى التعبد إلى الله تعالى. متى يكون العلم مطلوب؟ كل علم وسيلة يوصلك للتعبد إلى الله، علم يأتي بالإيمان والإيمان يأتي بالعمل يأتي بالطاعة.

ندخل الآن في التفاصيل لنحدد أهداف لنا قريبة وأهداف طويلة المدى.
عندنا ثلاثة أهداف:
·                  قصيرة.
·                  ومتوسطة.
·                  وطويلة.
 الطويلة هذه تحمل العمر كله، القصيرة تحمل الشهر الذي نحن فيه ليس الذي انتهى بل الذي سيبدأ ـ إن شاء الله ـ والمتوسطة تحمل الثلاثة شهور كلها.
سأتفق معكم على برنامج خلال هذه الشهور بحيث يكون متواصل وليس كلام نسمعه في ثلاثة أيام وبعد ذلك يذهب كما يذهب، لا، نريد أن يكون متواصلاً. نكتب لنفسنا بعد ما نفهم هذا الإجمال الذي هو أبواب العلم التي تسبب زيادة الإيمان، نكتب لأنفسنا خطة نسير عليها قصيرة المدى وخطة متوسطة المدى ثم طويلة المدى اسأل الله أن يفتح علينا فيها.

نبدأ ألآن: أول باب من أبواب العلم وأهمه وهو المصدر وهو ما نتقرب إلى الله به دائمًا، وهو قراءة القرآن الكريم، والقراءة لابد أن يكون قرينها التدبّر. ونحن في خطة قصيرة المدى لمدة شهر، المفروض أن تضعي من أهدافك أن تختمي القرآن في هذا الشهر مع ملاحظة ما  سنتفق عليه، يعني كأني أقول في شهر ستة سأتفق أن ألاحظ كذا وأنا اقرأ، وفي شهر سبعة  ألاحظ كذا وأنا اقرأ في كتاب. هذا كله مبني على ماذا؟ مبني على اعتقاد ما قال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[11]، إذاً أنت تفهمين أن ما أخبرك الله به في كتابه ماذا يفعل بك؟ يأخذ بناصيتك إلى الهداية يأخذ بك إلى الهداية. أنا أقرأ القرآن من سنين ولا ألاحظ الهداية، ما ألاحظها مع اعتقادي أنه يهدي لكن أنا لا ألاحظها في نفسي ولا أجد جواباً شافياً لكثير من أسئلتي ؟! ما المشكلة؟ المشكلة فينا أكيد. فهم الخطاب ليس على ما يليق، يعني الله يخاطبني بخطابات أنا لا أنظر لا لأولها ولا لأخرها ولا ألاحظ أن هنا خطاب يقول {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} وهنا خطاب {اتَّقُواْ اللَّهَ} وهنا خطاب {كُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}[12] {وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}[13] هذه الخطابات كلها لمن؟ فاعتقادك أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم لازم يبنى عليه أن الخطاب أصلاً لي من أول القرآن لأخره.

وسأتكلم عن مشاعر تلحقنا وتسيء لنا ونحن لا نشعر، تسيء لإيماننا تسيء لعلاقتنا بالقرآن، سنتكلم عن أمرين في هذه المسألة: نحن تمر علينا آيات فيها ذكر للفواحش للزنا للربا لشرب الخمر للقتل للسرقة كل هذا يمر علينا ونحن عندنا حاجز نفسي يقول: أنا لا علاقة لي بها! هذا الذي في قلوبنا، وعلى هذا أي خطاب تخويف من السرقة ومن شرب الخمر كله ليس لي علاقة به، وعلى ذلك آتي على جزء من كتاب الله أتجاهل مشاعري اتجاهه! أنت تقولي: أنا الحمد لله متربية تربية جيدة وفي بيئة محافظة ونحن بعيدين عن هذا كله. نقول: ما دام الخطاب أتى لك فالمفروض تخاطب نفسك به، لما تركنا زمنًا طويلاً مثلًا: أن نعرف الخمر والآيات التي أتت في التشديد عليها، بعد ذلك يأتي في مدرستي يأتي في معهدي ولا يأتي في موقف عام أحد يقول: ولدي والعياذ بالله يستخدم كذا وكذا ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ إني أتذكر آية أو أتذكر اسم أوصفة من أسماء الله توعد الله فيها على شارب الخمر وما في حكمه، لا أستطيع، لا أتذكر أبداً هذا الأمر، ثم من قال أنك محفوظ من الشر لو ما استعذنا بالله منه؟ المفروض كل هذا  عندما يمر هذا أن نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا ويحفظ ذريتنا وأبناء المسلمين. سيمر معنا ـ إن شاء الله ـ قول لأبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يدعو في سجوده (اللهم احفظني من الزنا والربا وشرب الخمر) فكانوا يقولون أأنت يا أبا هريرة ؟! يقول (ومن يأمن قلبه !!) من يأمن قلبه وأنتم تعرفون للأسف كل شيء بدأ يحيط بنا، لا تتصوري الأمور بعيدة.

نحن قبل عشر أو ثنتي عشرة سنة كانت الأسئلة التي تأتي على سؤال على الهاتف أو نور على الدرب  أنا أذكر في عام 1420ه ـ جاءت فترة طويلة وراء بعضها ـ وقبلها كثير ـ يسألوا يا شيخ أنا عندي قريب يشتغل في بنك هل آكل عنده أو لا ؟ يخاف من فحوى الربا، لا يريدون أن يأكلوا عند واحد هو يشتغل في البنك، فقط عشر سنوات وهذا الدخن دخل بيوتًا كثيرة ! أليس هذا الواقع؟ بلى والله، انظر الربا يلي كنا في لحظة نقول هذا من المواضيع الذي لا يحتاج فيه وعظ الذي هو موضوع الربا وعدم دخوله، يعني في ثمان عشرة و تسع عشرة كنا نقول: لا الربا والكلام عنه الناس خائفين أصلاً، ذهب الخوف وتبُدّل بالأمن وصار الإنسان لا يفكر يرى لوحة مكتوب عليها هيئة شرعية في بنك يدخل بدون تفكير، ولا يعرف أنه ممكن يحدث تلاعبات. تصوري حرب يحارب الله ورسوله، واستهان بذلك! ما الذي حدث؟! كنا نمر على هذه الآيات فلا نجد في نفوسنا خوف منها. لا أريد أن أتكلم عن الزنا ولا أريد أن أتكلم عن شرب الخمر، لكن أنت انظر إلى المسألة بصورة عامة وكوني على أشد خوف، والله إننا نرى أقداماً تذل في الكبائر وهم كانوا قبل قليل من المأمنين لأنفسهم أنهم لا يذلون.

فعلى هذا لما تقرأ كتاب الله لا تأتي عند نصوص وتحجز نفسك عنها بأنه ليس لك علاقة، طبعاً الأسوأ من ذلك أن أتي عند النفاق الذي يقول ابن أبي مليكة التابعي الكبير أدرك من الصحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  ثلاثين بين امرأة ورجل كلهم يخشى على نفسه النفاق وهم الصحابة. هذه نفس المشاعر التي نحملها نحن بل أشد اتجاه النفاق نحن نرى أن النفاق عند المنافقين فقط، راجع نفسك ستجد لدرجة لو أتيت وقلت لك تعرف السور التي ورد فيها النفاق؟ إذا طلعت تطلع بسورة التوبة، ولا تدرك أن سورة النساء تتكلم عن صفات عظيمة طبعاً زائد على سورة البقرة والكلام عن المنافقين، في أول السورة تجد سورة النساء تتكلم عنهم إلى أن تصل إلى سورة الحديد والقرآن يكلمك عن المنافقين وبعد ذلك يقال لك: تعرف نصف السور المدنية أتت في النفاق، يعني ماذا تريد؟ تريد أن تترك نصف المدني وترى نفسك لست من أهل خطابه ؟!! هذه مشكلة حقيقية أن نحجز نفسنا عن النصوص بمشاعر أن هذا الخطاب ليس لي. ولو فهمت النفاق جيداً وعرفت أن النفاق أهله في الدرك الأسفل من النار كما ورد في سورة النساء،  وعرفت أن المنافقين يدخلون في كل موطن يقال فيه {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ماذا ستفعل لو فهمت هذا فهماً جيداً؟؟ إذا هذا ليس لك علاقة به لا الكبائر ولا نفاق، ولا كفر، والأعمال لا أستطيع فهمها من القرآن ووصوفات الجنة صعب علي أن أعرف دقائقها من القرآن ووصوفات النار أيضاً نفس الأمر، إذاً ماذا بقي؟  نقرأ ماذا نفهم؟؟!

أنت مخاطب بكل القرآن لأتذكر آية فهمتني كيف أصلي أو كيف أتوضأ في القرآن؟ أين قرأتيها؟هل تذكريها؟ هل تعرفينها؟ نجد نفسنا ندور، طيب إذا النفاق تركناه وإذا الكبائر تركناها وإلى أن نصل إلى الأعمال ونحن لسنا متقنين، إذاً ما هي العلاقة بيننا وبين القرآن؟ أين {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}؟ أي أقوم؟ أي هداية؟ فنحن حصل عندنا بعد ما استعملت القرآن كأداة لسانية حجزت نفسي عن الانتفاع به، لابد أن تشعر أن كل كلمة في القرآن أنت مخاطب بها. يعني مثلا: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[14]، ماذا تشعر نفسك ميت أم حي؟ عندك نور أو ليس لديك نور؟ أين هذه الأسئلة لي؟ يعني واحد كان ميتاً أحياه الله وجعل له نوراً يمشي في الناس، أنا من في هذه ؟؟ لازم أقف أنا أعرض نفسي عليه، ومن أجل ذلك تأتينا قاعدة في كلام السلف أنهم يعرضون أنفسهم على القرآن، أنا من في هذا؟

هناك سؤال غاية الأهمية والحقيقة أن هذا السؤال كثيرًا ما يجده الصُلاّح من الخلق ولا يجدون عليه جواباً: وهو أن هناك مَن يلازم على عمل الطاعات ولا يجد في قلبه أثر لزيادة الإيمان بل أحياناً يحس ببعض الهموم  بل يصرّ على كبائر الذنوب، فهل هناك أسباب أخرى لزيادة الإيمان غير عمل الطاعات ؟؟ جواب هذا السؤال هو ما كنا نؤكد عليه، القصة ليست بأن تأتي بواحد من الأسباب وتعتقد أن هذا السبب سيأتي بالنتيجة، المسألة مركبة تركيباً لا ينفصل، لازم تتعلم ولازم تحول هذا العلم إلى يقين.

ألم نتفق أنها ثلاثة أسباب إجمالية؟ السبب الذي في الوسط هو الذي مهمل، عندي طلبة علم لكن يتلقون معلومات ولا يعبدون الله بعبادة عظيمة اسمها عبادة التفكر. وعبادة التفكر عبادة مهجورة من جهة النقاش، مهجورة من جهة العمل وهي أحد صفات أولو الألباب، أليس في آل عمران نسمع عن هؤلاء المباركين الكُمّل أنهم ماذا يقولون؟ {يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ}[15] فتسبيحهم وتنزيههم لربهم مبني على علم مع تأمل وتدبر وتفكر فكانت النتيجة الحقيقية اليقين.

أسباب زيادة الإيمان ما علاقتها في لقائنا؟ ما موضوع لقائنا؟ استعد لرمضان بالإيمان، يعني الاستعداد لمواسم الطاعة يكون بالإيمان. سنستعد لرمضان بالإيمان لماذا؟ لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(( ((مَنْ صام رَمَضَانَ))، ((((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا))[16] وبعد ذلك قلنا احتساباً مبني على إيماناً. لو زدت إيمانك النتيجة أنك ستغتنم الأوقات الفاضلة، ستوفق ستعان على الأوقات الفاضلة.

كيف أزيد إيماني؟ قلنا أن هناك مَن ناقش هذه المسألة مناقشة إجمالية
·                  أولاً: تعلّم العلم النافع
·                  ثانيًا: التأمُّل في آيات الله الكونية
·                  ثالثًا: الاجتهاد في الأعمال الصالحة والمداومة عليها

تنبيه: هذه الأسباب لا يصلح الأخذ ببعضها وترك بعض، ولا يصلح إلا تركيبها وترتيبها بعضها فوق بعض. يعني لازم تمشي وتتعلم وفي خط موازي لهذا العلم تتأمل والناتج أنك ستعمل أعمالاً صالحة.  اترك العمل لأنه يعتبر ناتج من الاثنين السابقين، وهو بنفسه سبب لزيادة الإيمان، العمل يعتبر ناتج من 1و 2 وهو بنفسه سبب لزيادة الإيمان. لنركب تعلم العلم مع التفكر ، ونتجه اتجاه آخر ونناقش قضية غاية في الأهمية (عبادتي التدبر والتفكر) على أن أناقشها سبباً لزيادة الإيمان. نتدبر: يعني نقف أمام كلام الله، وأيضاً كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم. بقي علي عبادة التفكر، ترى التدبر والتفكر كلاهما قراءة، واحد يقرأ في كتاب الله المنظور الذي تراه العين في الكون، وواحد يتدبر ويقرأ في كتاب الله المقروء وهو القرآن الذي نسميه (عبادة التدبر).

ماذا نعتقد في عبادة التفكر؟ هل تعتقدين أن هذه عبادة تتقربين بها إلى الله وتؤجرين كعبادة الصلاة والصيام؟ نعم عبادة، بل عبادة للأصفياء الأتقياء ، عبادة للخواص، عبادة يعبدها الخواص. لماذا لها هذه المكانة؟ لماذا تقولون الخواص يعبدون الله بالتفكر؟ لأن التفكر شاهد على عدم الغفلة، الذي يتفكر تفكره يشهد عليه أنه غير غافل، والذي يكون غير غافل يكون قلبه معلّق شديد الصلة شديد التنبه، يأتي إلى كل أنواع ذكائه.

قلنا كما تعلمون سابقاً أن الذكاء متعدد ليس كلنا سواء ليس الكلام القديم أن الذي ممتاز في الحساب هو الذكي لا، الناس عندهم أنواع من الذكاء متعددة، من بينها: ذكاء الأماكن ، يعني الواحد يكون في مكان ويعرف الشرق من الغرب، والشمال من الجنوب هذا عند كثير من الناس صعبة، أنت الآن لما تفكري سبحان من جعل هناك جهات ، سبحان من جعل إشراق الشمس إشارة إلى الشرق وغروبها إشارة إلى الغرب شيء عجيب، انظر إلى الكون هذا مرتب ترتيباً عجيباً، فهذا التفكر يشير إلى واحد طول الوقت يقظ إلى أفعال الله ينتبه لها الإنسان على قدر ما رزق من ذكاء.

ما نوع الذكاء الموجود عندك؟
 هناك ناس عندهم نوع ذكاء لغة، إذنه شديدة الحساسية للأصوات يسمونه (ذكاء الأصوات ) يستطيع أن يميز هذا صوت فلان وهذا صوت فلان يميز اللحن لواحد رفع المنصوب ونصب كذا يميز، فهذا الإنسان الآن كل ما كلمتيه عن اللغة وعن الصوت يتأمل ويتفكر، سبحان من علم الخلق اللغات! سبحان من يسمع الأصوات! يتفكر يعني هو عنده هذا الأمر ويرى نفسه نبيه له فيربط هذه النباهة التي عنده بما جعله الله في الكون. من علم الناس اللغة ؟ الجواب في سورة الروم.

فتأتي المسألة المهمة، انظر التأمل يجب أن يكون مبني على التعلم، التفكر يجب أن يكون مبني على التدبر. مثلاً: اليوم نحن لما أتينا إلى الدرس أكيد شعرتم بالريح لطيفة، والله عز وجل في كتابه يقول {يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً}[17] الآن أنت عندما أحسست بالريح هذا إحساس وعندما يكون عندك علم أن الله نسب لنفسه هذا الفعل الذي هو إرسالها، فواحد يقظ عندما يشعر بالريح ينسب الفعل لله، اليوم الريح ليست فوق لا تحس أن الشجر يتحرك تحس الشيء الذي في الأرض يتحرك، فتصبح شديدة الملاحظة، حتى الريح أنواع لا يحتاج أن أفتش في الجغرافيا ولا في الجيولوجيا، أنت الآن بعينك بنظرك على مستواك ترى في الأرض التراب يتحرك والأشياء وأرفع نظري للأشجار أجدها لا تتحرك سبحان الله، من حدّه إلى هنا؟ الذي يرسل الريح، وإذا كانت الريح فوق ترسل سحاباً، لكن أنت لم تفهم الأفعال إلا عندما تعلمت العلم، عندما تعلمت العلم ستسأل نفسك من علم الناس يطرقوا مسمار؟ الذي علمهم يبنوا السفينة، متى تعلموا يبنوا السفينة؟ في نوح، فتش في قصة نوح، هل أخبرنا عن هذا المسمار؟ نعم، ستجده مخبراً عنه، تستعجب.  

يعني لا تتصوري أنه سيزيد الإيمان بمجرد وقوفك للشواهد، شخص يخرج من قلبه، الآن الله هو الذي يرسل الرياح، إذاً هذا دليل على أنه رب كل شي، هذا الآن الكلام النظري، داخل قلبك: كل ما شعرت بالرياح ستنسب فعل إرسالها لله حركت توحيد الربوبية. فأنت من الأول تقولي: لا إله إلا  الله، وتمسك لا وتكنسي وتخرجي كل أحد من قلبك إلا الله، وتجعليه فارغاً لتعظيم الله ومحبته، فكل مرة تتعلم شيء وتشعر به في الواقع يزيد كنسك لكل أحد يزيد إخراجك لكل أحد.

فالتفكر عبادة الخواص حقاً، والحقيقة لا يلام الناس على تقصيرهم في التفكر، ربما يلام طلبة العلم على عدم تكراره وإرشاد الناس له وتبين طريقته العملية، وهذا نوع من التقصير لابد التفكر يكون عبادة يدرس حتى تفاصيل ممارستها من أجل أن لا تشط عقولنا، ولا يقصد بالتفكر فقط أن تنظر للمسألة مثل الإعجاز العلمي لا، المسألة كثير أعمق من هذا، تحتاج إلى ملاحظة ما تتعلمينه في الواقع .

وربما نحن أخذنا وقت طويل ونحن نتكلم في التفكر لكن تفكر أفعاله علينا، وهذا دائمًا كنا نطرحه في اسم الرب، ونقول: رب يربي عباده، لاحظي أفعاله عليك ستعرف كيف يؤدبك، تحكي لي أخت موقف بسيط وصدقًا وقع، كانوا يتناقشون وهم في ظهر الجمعة فيتكلمون عن انقطاع الماء في البيوت، فقالت: انقطاع الكهرباء أهون من انقطاع الماء، فقالت قريبتها: لا تقولي هذا والله ربنا يؤدبنا بعد ذلك، والله تقسم أنه لم تنتهِ نصف ساعة حتى انقطعت الكهرباء عليهم ونزلوا في الأسفل وتصوروا أن الحي كله انقطع، أذن المؤذن العصر يعني معناه المسجد فيه كهرباء!! خرجوا وجدوا المصعد يشتغل في نفس العمارة التي هم بها!! ماذا حدث؟ بيتهم من دون كل الحي، انظر إلى تربية الله، هذا نوع من التفكر.

ربما هذا طرح كثيراً وتأملانا فيه  كثيراً، بقي النوع الثاني من التفكر وهو تفكر آياته في الكون على وجه العموم وربط الآيات التي ندرسها الموجودة في الكون بالحياة.

سؤال: أنتم تقولون أن الأعمال الصالحة سبب لزيادة الإيمان، وأنا اجتهدت وعملت أعمال صالحة ومع ذلك أرتكب الكبائر وأفعل وأفعل؟
الجواب: الثلاثة أسباب التي ذكرت مبنية بعضها فوق بعض، لابد أن تحصّلها بالترتيب، يعني تتعلم وبعد ذلك تتفكر سواء في فعل الله فيك أو في فعل الله في الكون، ثم تبدأ تجتهد في العبادة، اجتهادك سيجعل قليل العمل منك سبباً لزيادة إيمانك، قليل العمل منك يعامله الله باسمه الغفور الشكور، لكن تركك للترتيب يسبب أنك ترجع تصبح عابد ولست عالمًا، فخرجنا من جديد عن المقصود في ترتيب أسباب زيادة الإيمان.

سأبدأ بالكلام عن تعلم العلم النافع:
تكلمنا كيف أن العلم النافع سبب لزيادة الإيمان، ويكفيك أن الملائكة تستغفر لك،أهل السماء يستغفرون لك أهل الأرض يستغفرون لك، المخلوقات التي خلقها الله ـ عز وجل ـ تستغفر لك، إلى أن بدأنا كيف أتعلم العلم النافع؟ قلنا: أهم طريقة لتعلم العلم النافع هو : قراءة القرآن وتدبره، وأنت عندما تقرأ القرآن ماذا تعتقد؟ أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، هذا الاعتقاد الذي تعتقده أولاً، ثم تعتقد أنك في ظلمة والقرآن ماذا يفعل بك؟ يخرجك إلى النور.

طول ما نحن نحس أننا في نور لن نشعر بقيمة وجود القرآن في حياتنا، لابد أن تشعر أنك في ظلمة معنوية حقاً، حتى تجد في كتاب الله ما يرشدك إلى مرادك، ولهذا أنت دائماً لديك أسئلة استفهام كيف أعامل كذا؟ كيف أتصرف كذا؟ كيف أهتدي في كذا؟ ماذا أفعل؟ الآن أنا حالي ما اسمه؟ أنا وضعي الآن ما حاله؟ يعني الآن تمر في أزمة وبعد ذلك يأتي الشيطان ويقول لك: تدعي وتحسب أن ربك سيستجب لك؟ أصلاً أنت ملآن ذنوب وذنوبك إلى السماء وإلى آخره، اذهب للمصحف واقرأ {يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}[18] وهذا المضطر اسم لشخص وقع في الاضطرار بدون وصفه لا مؤمن ولا كافر، لا تائب ولا فاسق، اسمه فقط مضطر، إذاً أنا اسمي مضطر أدخل تحت هذه الآية، مهما كان حالي:
·                  مذنب
·                  تائب
·                  قريب
·                  بعيد هذا الكلام يخاطب به حتى أهل الكفر
·                  وأهل الإيمان.
 يعني أنت في هذه الحالة اسمك مضطر.

الآن آتي لنفسي وهذا في الغالب يمر علينا وقت الخميسات آتي في موقف وأجد نفسي وقت ما يكون عندي ضيوف كثير وآكل قليل أقول:(بسم الله، اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار) المرة القادمة عندي ضيوف ولديّ أكل كثير وأنا في قلبي مطمئنة أنه سيكمل وسيكفي ولا يوجد أي مشكلة، أنا الآن هذا مع هذا ما اسمي؟ ابحث عن هذا الوصف، هل هذا وضع طبيعي الذي أنا فيه؟ والناس يقولوا لك: طبعاً عندما يكون الأكل قليل أكيد ستخاف وتطلب ربنا، عندما يكون كثير خلاص لا توسوس، وبعد ذلك تذهب إلى سورة الليل وأنت تقرأ وتسمع الله عز وجل يوصف الذي سييسره لليسرى والذي سييسره للعسرى، {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى{5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى{7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10}} يعني في واحد اتقى وواحد استغنى، أنا من في هؤلاء اتقى أم استغنى؟ إذاً أنا مرة أتقي ومرة أستغني، متى أستغني؟ كل مرة يغنيني الله فيها، يصير أنا أستغني عن الله بما أعطاني الله، أنا ما اسمي في هذه الحالة التي تمر هكذا سريعاً؟ انظر هذه الحالة سريعة هذه تمر على الإنسان ويمارسها، وربما يمارسها في طعامه وشرابه ولباسه حتى في زواج أبنائه، عندي بنت متوسطة الجمال وعندي بنت جميلة، هذه متوسطة الجمال كلما قمت ودعيت يا رب زوجها رجل صالح، والثانية خلاص جميلة كأنها تحل مشكلتها بنفسها، هذه المشاعر بالضبط هي مشاعر استغنى، فانظر كيف نمارس هذا، ما اسمي أنا هذه الحالة التي أمر بها ما اسمها؟

فأنت كلما صدقت في إرادة معرفة وتشخيص حالك وتطبيب قلبك لا بد أن تجد العلاج لقلبك في كتاب الله، لا بد يقينا، لكن أنت ادخل عليه بهذا اليقين والله يرشدك الله. فالعلم رزق، وهذا الرزق لا يؤتى إلا لصادق. هناك طالبة علم ـ جزاها الله خيرًا ـ أن مسألة ضاقت عليها سنين وهي تبحث وكلما تشرح لأحد لا يفهم سؤالها، ثم يأتي أحد يهديها كتاب، ويقول لها: هذا من مطبعتنا ونحن ما عندنا غير هذا الكتاب وإلا كان أعطيناك كل إصداراتنا أول ما تفتح الكتاب بعد ثلاث سنوات تجد المسألة مبحوثاً بحثًا كاملاً، رزق من عند الرزاق سبحانه وتعالى، لكن المهم ينظر لقلبك وأنت حقًا  مجتهدًا تريد؛ يا ربي دلني أنا من الآن؟ ما حالي؟ هل هذا الذي أمر به شيء طبيعي أم غير طبيعي؟ هل هذا يرضيك ولا ما يرضيك يا ربنا؟ هذا الذي يجب أن يقوم قلبنا به من أجل أن نرزق من هذا الكنز العظيم الذي بين أيدينا من أجل أن نستضيء بهذا النور، ألم يصف الله ـ عز وجل ـ في سورة الأنعام {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}[19] كم مرة شعرنا أنفسنا في ظلمة؟ الحقيقة أننا لا نشعر أننا في ظلمة، ولذلك لا نشعر اتجاه القرآن بأنه نور، ولا هذه الكلمة تأتي كما ينبغي، كم مرة شعرنا أننا ضلال نحتاج إلى الهداية؟ لا نشعر.

ربما هذا المثل ضربته سابقاً؛ كل مرة تضيع فيه وأنت ذاهب مشوار ثم تقضي زمناً طويلاً من أجل أن تعود تذكري هذا هو الضلال في الدنيا عن الطريق، كيف تتوتر أعصابنا ونحن ضائعين ونفتش عن المكان وعندنا موعد ولا خائفين أن نتوه، كم تتوتر الأعصاب؟ تصور هذا الضلال في الدنيا، وفي النهاية لازم تسأل أحد ليرشدك، وفي النهاية عدت ولم تأخذ الموعد، لكن كيف عندما الواحد يضل عن طريق ربه؟ يضل عن الجنة؟ وكيف عندما الواحد يهتدي إلى الجنة؟ هذه هي المشكلة التي نعيشها ما وصف القرآن وأوصافه؟ لم تدخل إلى القلب، وصفه أنه نور، وصفه أنه هداية من الضلالة، لأنني لا أحس أنني في ظلمة، ولا أحس أنني في ضياع وضلالة، من أجل ذلك لما يقال لك: القرآن نور لا يقع في القلب هذه المشاعر، لكن لابد أن تشعري أننا في ظلمة. والله كل ما لا نعرفه عن الله ظلمة، نعيشه في ظلمة، كل المواقف التي تحدث لنا ولا نستطيع أن نعرف ما الذي يجب أن تكون قلوبنا؟ ما الذي يرضي الله الآن؟ معناه أننا في شيء من الظلمة، خصوصاً لو أهملناها، خصوصًا لو نظر ربنا إلى قلوبنا ونحن غير مبالين أن نعرف ماذا يحب ربنا؟ هذه مصيبة لوحدها، يعني أتي في موقف أقول لنفسي: والله لا أعرف ما هو الصواب فقط وانتهى الموضوع وأرحل كأن شيئًا لم يكن، يجب أن أحترق، يجب أن ينظر الله إلى قلبك وهذا هو مكان الاختبار أنك حقًا تريد ما يرضيه، فهذا كله يذوب الحواجز التي بينك وبين كتاب الله، فتجدين المعلومة كأنك وجدت كنزاً. وهذا الذي يفسر لك حال السلف أنهم قد لا يباتون ليلتهم فرحًا بعلم تعلموه، لماذا؟ لأن واحد يعتقد أنه وجد كنزاً وهو حقًا كنز.  

أيضاً ما نعتقده في كتاب الله إنه الشفاء لأمراض الصدور من الشبهات والشهوات، ويمكن أن يمر على الإنسان وهو يقرأ في كتاب الله شيء من تلبيس الشيطان.

وأنبهكن عزيزاتي: أول ما تقبلون على كتاب الله تريدون أن تتدبروا كلام الله، يشبّه عليكم الشيطان الأمور! ويدخلكم في مشاعر تخافون منها، وتقولون: لا، أقرأ وأنا لا أفهم من أجل أن لا أتكلم على ربنا شيء في قلبي شيء ليس صحيح، نقول: اسمع الله ـ عز وجل ـ يقول: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [20]ما دام أنت داخل على القرآن بالإيمان يصبح شفاء ورحمة لك لتكن مطمئن.

سأضرب مثلاً: الآن لو أتينا في وصف الجنة نجد أنها وصفت أنها ظل ممدود، يأتي أحد يقول: لكن أنا أعرف أن الظل يأتي من الشمس، لكن الجنة لا شمس فيها، فكيف ظل ممدود؟ يأتي الشيطان يقول هذا الكلام، فعندما تتعلم تعرف أن العرب تقول: في ظل السلطان، في ظل أوامر فلان  فالعرب تعبّر عن الظل ليس فقط في الظاهرة الفلكية وهي ظاهرة الشمس وانعكاس الظل، العرب تقول على الشيء العظيم الذي له أثر كريم (أنا عشت في ظل تربية فلان) أي عن الشيء العظيم الذي له أثر كريم يقولون عنه أن له ( ظل ) فهذه الجنة فيما يوصف أن فيها شجرة لها ظل يسير الراكب فيها وليس الماشي مائة عام ولا يقطعها، فما ظلّها؟ ( خيراتها، فما ظلها؟  عظمتها، فما ظلها؟  وافر أوراقها. وهذا مما يزيد الشوق لذاك المكان، ويزيد الاجتهاد في للوصول من أجله، لكن المقصد أن تفهم أن الشيطان يأتي فيشبّه عليك بعض الأمور، وأنت تقول: صحيح كيف ظل ولا يوجد شمس؟ نقول: فقط خطوة واحدة، ولو طلبت وأنت صادقة فهمها سيأتيك، تفتح تفهم سيطرد عنك الشيطان، ليس الحل أن تقول: أنا سأهرب، ولو دقّقت زيادة وفهمت زيادة ستظهر عندي إشكالات.

نقول: هذا القرآن شفاء لما في الصدور. المقصود أن الشيطان لن يتركك في أول الإقبال، فأنتِ ادحري  الشيطان بالاستعاذة والاستعانة ومزيد الجهد والصدق ويدفعه الله. لازم يأتي في الأول يشوشك، يقول: كل آية اقرأها لا أرى أنها تزيدني إيماناً، أرى أن قلبي يتكلّم عن ربنا، استعيذي أكثري من الاستعاذة، كل مشكل يحصل لك يجب أن نرشد كيف نتعلمه؟ كل أمر شبهه على عقلك لا تعظميه إنما استعذي سيدلك الله لابد أن يرشدك الله.

المهم أن تعرف بأن القرآن شفاء لأمراض الصدور من الشبهات والشهوات، وإذا كان شفاء لابد أن تعرف أن الدواء دائماً في أوله غير مستساغ، لكن يجب أن تعرف أن بعد الدواء شفاء، لأن الذي أنزله وعد بالشفاء، ماذا يقول سبحانه وتعالى في يونس؟ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [21] يعني هي موعظة لكل الناس وشفاء وهدى ورحمة لواحد مقبل على القرآن وهو مؤمن به. المرارة من تلبيس الشيطان، المرارة من حرصه على إضلالك من بغضه. 

تصور أنه فيما يُذكر عن قتادة ـ رحمه الله ـ ـ  وهو يتكلم عن الحج يقول ـرحمه الله ـ:(يعُدّ الشيطان لكل موكب حج بمثله) يعني هذه حملتنا خارج فيها ثلاثمائة حاج يعد الشيطان ثلاثمائة شيطان مع هذه الحملة من قوة العداوة، كيف أربعة أيام تخرج من الذنوب كما ولدتك أمك؟ كيف تفوته؟ عداوة لازم تتخذه عدواً. فدائماً أول الأعمال الصالحة فيه تشويش، لكن هذا التشويش إنما جعله الله وترك إبليس يفعله اختباراً لك، تتمسك بحبال الله أم تنفرط عليك المسألة؟

الاستعاذة عبادة تؤجر عليها كالذكر كالصلاة كقراءة القرآن: يلجأ فها القلب ويفزع إلى ربنا يريد أن يحميه وهو يعتقد أن الله الملك العظيم يريد أن يحميه من عدوه، لكن المشكلة أننا باردين تجاه عدونا لا نحس بعداوته تستعيذ كلما خطر على بالك خاطر فيه نقص في الله. مررت فوجدت أن هناك ناقص في بدنه ناقص في سمعه مريض، على طول يأتي لك كلام من الشيطان أنت لماذا يا رب؟ كأنه يقول ما الحكمة أن يكون ناقصًا؟ الجواب: استعذ من الشيطان الرجيم لأن هذه الخواطر لا يلقيها إلا الشيطان. الآن أنت جالسة وأسأت الظن في أحد ماذا تفعل؟ تفزع إلى الاستعاذة، أنت جالسة اليوم سوف أوتر فأقول اليوم ذهبت الدورة وفعلت فأقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لا حول ولا قوة إلا بالله.

أنت لست خالية، أنت طول الوقت يخطر لك خواطر الباطل، الزوج في الدوام أنت الآن جالسة في البيت يأتي خاطر الآن عندما يأتي سأحقق معه كيف وكيف؟ أول ما يمر عليك الخاطر الآن الشيطان يعرض عليك المسألة إذا وافقت يكتب لك الأحداث الباقية، يقول لك: اسأليه كذا وكذا وعندما تستعيذ يندحر، ولكن يرجع واستعذ يندحر، افهم العداوة، ثم إنه يسلط اختبارًا، هل أنت متعلق بالملك العظيم أم أنت مستسلم هكذا؟ من أجل ذلك عندما كنا نتكلّم عن التقوى هذا مجلس ينعقد كلما تحدث أحداث دائماً ينعقد، في صوت العلم والإيمان يقول: ترى لا يوجد أحد أحسن من أحد الله أعلم من يدخل الجنة قبل من، ربما هذا الذي أراه لا شيء عند الله شيء وميزانه عند الله شيء، وهناك صوت أخر يقول: لكن أنا فلانة الفلانية وأنا عندي أعمال وأنا بنيت مسجد... يعدد لنفسه، وهذا الصوت يقول: لا ترى ليس كل شيء مقبول، فهذه المعركة الدائمة بعد هذه المعركة قوي نفسك بالاستعاذة، لكن نحن دائماً نرى كثير من هذه الخواطر ذكاء فطنة أنا فاهم الناس أنا دائماً لا يخيب ظني، انظر كيف تتحول إلى وصف مدح، ثم أعلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أخبر خبراً يقينياً على هذا الذي يتتبع ظن السوء في الناس ورد عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ وكان يقول: حديث نفعني الله به يعني عندما مسك السلطان قال: حديث نفعني الله به، ما هو هذا الحديث؟ (إنك لو تتبعت الريبة في القوم أفسدتهم) يعني تقول: هذا شكله كذا وكذا يفعل، هذه من الخواطر الشيطانية، بدون قرائن طبعًا، ثم ماذا يحدث نتيجة أنك أسأت الظن ثم تتبعت ثم سألت هذا أين يذهب هذا ماذا يفعل؟ تكون أنت أحد عوامل إفساده هو، وكم من نساء أفسدوا أزواجهم لأنهم تتبعوا ريبًا، وكأن تتبع الريب هو الذي كان سيحفظ الزوج، أي أن القضية مركبة خطأ في عقولنا، ترى أنت فقط احفظ الله يحفظك فقط ما كلفت أكثر من ذلك.

لكن على كل حال عداوة الشيطان غير ظاهرة، الاجتهاد في دفع وسوسته غير ظاهرة، ولذلك نقول وأنت على الاجتهاد في قراءة القرآن وفهمه والتدبر فيه لا تظن أنه يغفل عنك، سيكون حريص على تشبيه الأمور لك، أنت ستكون حريصاً على بقائك إلى أن يزيله الله، على قدر استعاذتك وثباتك وتأملك في نصوص كتاب الله. 



اللقاء الثاني ..



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الحمد لله الذي يسر لنا هذا اللقاء ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاء مباركاً مرحومًا اللهم آمين.

لازلنا في موضوع غاية في الأهمية وهو موضوع : الاستعداد لرمضان بالإيمان. وقد اتفقنا على أننا بحاجة شديدة للعناية بإيماننا سواء في الإقبال على الأزمان الفاضلة أو غادرناها فالإيمان هو حقيقة حياة القلب، وكما أن الخلق فيهم شديد الحرص على حياة أبدانهم فالمفروض أن يحرص المؤمن حرصًا شديدًا على حياة قلبه، ولو آمنا إيمانًا حقيقيًا أن حياة القلب هو الإيمان كان سيقع في القلب عناية بالإيمان، سيقع في القلب كما ذكر أبو الدرداء ـ رضي الله عنه ـ يكون العبد فقيهًا في نفسه.

وما هو فقه العبد؟
أن يعرف منزلته من الإيمان في هذه الساعة ، هل هو زائد أو ناقص إيمانه؟ ما سبب زيادة أو نقص الإيمان التي يعيشه في هذه اللحظة؟ إذاً العناية بمسألة الإيمان ليست حكراً على رمضان، لكنها في غاية الأهمية من جهة الاستعداد لرمضان، وهي تفسير لحالة تتكرر علينا، أننا نقبل على شهر رمضان ونكون متحمسين ونريد أن تكون نقطة تحول في حياتنا، ونسمع ونسمع، لكن دائمًا  نسمع في الوقت الذي يكون فيه الموضوع قد انتهى، لكن المنطق يقول أن الاستعداد يسبق الاستقبال، هذا المنطق الذي نستعمله مع ضيوفنا، هل نحن نستعد قبل أن نستقبلهم أم نستعد سابقاً؟ سابقًا، ثم نستقبلهم، فعندما نتذكر نفسنا في آخر أسبوعين في شعبان أن رمضان قادم ونريد أن نقوم بأعمال إيمانية من أجل أن نستعد له، أو هذا الكلام يأتي في آخر أربعة خمسة  أيام من شعبان،  بعد أن حل ّالضيف و ما بقي له شيء كثير لا تستطيعين أن ترممي وتجهزي تستعدي كما ينبغي استعداد هزيل، ولذلك هذا الاستعداد لا يكفيني إلا عشر أو اثنى عشر يوماً أقصى حد، ثم بعدها أجد نفسي أشعر أنني نزلت.

من أهم الأسباب التي تجعلني أتكلم عن الإيمان الاستعداد لرمضان قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان)) ومثله  ((من قام رمضان)) لكن الشرط ((إيمانًا و احتسابًا)) فأنا لابد أن أحقق الشرط إيمانًا، والاحتساب مبني على الإيمان أنت آتي بالإيمان ثم تدخل على رمضان تستطيع أن تنتفع بدقائق اللحظات. لذلك من تعرف إلى الله في الرخاء يعرفه في الشدة، يجب أن تعرف أن رمضان زمن شدة ثلاثين يومًا نريد أن نقوم بكل الأعمال فيه،كل الأعمال الواجبة، و المستحبة ، و الفاضلة، و التي تأخذ منا زمن. فأنا أريد أن أذهب إلى العمرة، و أطوف وقلبي معي في الزحام، وأسعى وقلبي معي في الزحام، وانتهي من الطواف والسعي وأصلي وأيضًا لو أفطر في الحرم يكون أفضل، هذا كله ممكن أن تقوم به بدنيًا لكن من أين لك أن تجد قلبك في كل هذه الأعمال المتتالية؟  ولذلك كثير ممن يذهب إلى الحج يقول: والله طفنا ولا ندري ماذا قلنا !! سعينا الناس الذين معنا يقولون: أنتم في الرابع أو الخامس من كثر ما ضاعت عقلنا منا، طبعاً هذا عمل حقق الشروط وهو المتابعة لكن ما منزلة صاحبه؟ تعتمد على مقدار قدرته على جمع قلبه وقت العبادة. ولهذا تدرّب، الناس اليوم مقتنعون أننا في زمن التدريب، أي شخص خطه سيء يقال له: ادخل دورة تدريبية ليصبح خطك حسنًا، شخص لا يعرف كيف يتكلم يدربونه ليتكلم جيداً، إلى درجة أن شخص لا يستطيع أن يسير كما ينبغي نتيجة أي مرض أصابه يقولوا له: اعمل علاج طبيعي ستتعدل.

ما دامت هذه القاعدة موجودة في البدن، أضعافها موجود في القلب، القلب يُدرب على الأعمال، يُدرب أن يحجز نفسه أن يخاف من غير الله، تحجز نفسك، ترد نفسك، القلب يُدرب على أن لا ييأس من روح الله ويُدرب على ألا يقع فيه شيء من سوء الظن بالله، يُدرب على ما نسميه بالأعمال القلبية، والأعمال القلبية قوتها على قدر قوة الإيمان. لابد أن نعيد ونزيد في هذا الكلام، لابد أن نقتنع أن العبادات القلبية هي رأس العبادات، يعني الحب، الخوف، الرجاء، أليست رأس العبادات؟ أين مكانها أي عضلة في البدن تقوم بها؟ ليس مكانها إلا في القلب.

فلابد أن أدرّب قلبي كيف يطرد محبة كل أحد سوى الله.
يجب أن أدربه أن يقول (لا) على أي شيء يمكن أن يتضخم ، أي محبوب يمكن أن يتضخم لا أسترسل معه، أليس تعس عبد الدينار؟ وتعس عبد الدرهم؟ والخميلة و الخميصة؟ الخميلة والخميصة هذه فتنة النساء (الملابس) أي القطيفة؛ أي الشيء الفاخر من الملبوسات والمفروشات، فإذا كان هناك من يحب الريالات و تختلف معهم ألوان الأوراق النقدية و تغري قلوبهم، بل هناك أناس آخرون لا يغريهم الأوراق النقدية إنما يغريهم ما يلبسون و يؤثثون في بيوتهم، معنى ذلك أن الإنسان ممكن أن يكون عبداً لمثل هذه الأشياء، هذا من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كيف يمكن أن يكون عبداً؟ يشغل مكانًا يجب ألا يكون فيه إلا الله يشغله بهذا. المكان الذي يجب ألا يكون فيه إلا الله هو قلبك، ويجب أن يكون شغلك الشاغل ثناؤه سبحانه وتعالى، ورضاه، هذا الذي حوله تطوف وإليه تسعى، طيلة الوقت تفكيرك أن تطوف حول ثنائه و تسعى إلى  رضاه، ماذا عن عبد الدينار والدرهم والخميلة والخميصة ؟ هذه الأشياء هي غايته ومناه.  فكأنك أنت ابتليت الآن بالذوق الفاخر، وأصبحت عينك تنزل على الأشياء تنتقدها في لحظة، ودائماً يأتي في خيالك؛ نفسي ألبس كذا وكذا أفرش كذا وكذا، ويتضخم الأمر فتمسك ( لا ) وترد هذا التضخم الحاصل، وتقول: والله ما أشغل نفسي بهذا والله ما أفكر بهذه الأشياء، ترد من قلبك مثل هذه الأمور، ردها في التفكير والتعلق غير استعمالها ببدنك، هذا أمر وهذا أمر، يعني ألبس أفرش هذا شيء، وغير ليل ونهار نعمل اجتماعات هذه الغرفة ماذا يجب أن يكون لونها؟ هذه الزاوية شكلها هكذا يحتاج مزهرية هذا غير، هل ترى هذا التفكير الباقي وكل ما جاء أحد نقول: ما رأيكم؟ نديره هكذا نأتي به هكذا؟ شغلٌ شاغل. فكأنك أنت عندما تقول:(لا إله إلا الله) تقول: أنا استعمل هذه (لا) استعمل النفي هذا دائمًا لأنني طول الوقت متعرضة له، طول  الوقت استعمل " لا" دائمًا تكنس من قلبي تقطّع من قلبي كل أحد، وأيضًا أستعمل (لا) حارسه على قلبي أمنع أن شيء يتضخم، وهذا الكلام كله تأويل لقوله تعالى في سورة التوبة-وهذا أمر مهم أن تفهمي هذه الآية في سورة التوبة:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ} هذه كلها محبوبات شخصية، وبعد ذلك:{وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا}.

هذا هو الواقع الذي نعيشه:
·                  إما أشخاص
·                  أو أموال
·                  أو مساكن
 هذا الواقع الذي نعيشه، إذا كان هؤلاء{أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ}[22] وعندما تسمعي كلمة (جهاد) لا تتصوري أن القصة فقط السيف، إنما هذا جهاد الذي نعيشه طيلة الوقت في قلوبنا جهاد الذي هو التقوى، كما ذكرنا سابقاً أننا طيلة الوقت في جهاد التقوى، والدليل على ذلك اذهب لسورة العنكبوت واقرأ أولها {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}[23] وأخرها {َنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [24] إذاً هذا هو الجهاد المقصود، فالجهاد اسم عام يدخل فيه بالسيف والقلب.

نرجع لآية التوبة: إن كانوا هؤلاء أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله تردوه ماذا يحصل؟ {فَتَرَبَّصُواْ } هذه الأشياء التي أحببتموها وتضخمت: انتظروا وستتحول هذه المحبوبات إلى سوط عذاب  عليكم لأنه نزع الإيمان وخرج وحل مكان الإيمان هذه المحبوبات، مشكلة عظيمة نحن نعيشها وهذا سبب ورود هذه الآية والله أعلم في التوبة، عندما الواحد يصلح الظاهر ويترك في الباطن أشياء يمكن أن تأكل باطنه، هذه تسمى دسائس موجودة في القلب تتضخم مع الأيام فتهلك القلب.

في سورة  التوبة يقال هذا الكلام في ناس أصلحوا ظاهرهم وبذلوا في ظاهرهم وقالوا كلامًا جميلًا، لكن في النهاية ما في قلوبهم هو الذي ظهر، لذلك التوبة تسمى الفاضحة تفضح النفاق، تفضح الصورة التي لمعت من الخارج ومن الداخل لم يعتنِ بها كما ينبغي.

على كل حال الإيمان مكانه القلب، الإيمان يزيد وينقص، الإيمان يحتاج إلى حراسة، الإيمان يحتاج إلى تقطيع علائق مع غير الله، وكلما زدت عمرًا المفروض أن تكون زدت نضجًا في ذوق طعم الأشياء، لو عندك علم بالله وخبرة وزمن وأيام مر بها سيقول لنفسه: ترى أنا  ذقت كل شيء وطعم أي شيء في الدنيا يذهب ولا يبقى له شيء. لو مثلنا صورة الشابات في وقت قبل العيد أو وقت قبل زفاف معين يريدون حضوره وحرصهم الشديد على أن يشتروا هذا الملبس، وحرص ويحلمون به ومتى الوقت الذي يحصلون عليه ويمتعوا أنفسهم بالنظر إليه، وبعد ذلك يلبسوه،  بعد شهر اسأليهم عنه ؟ لاشيء! لا طعم له، بل لو جاءت مناسبة جديدة أصبح ذاك لا قيمة له! ولو أتينا السنة التي بعدها وقلنا لها هل تذكرين الفستان السابق؟ تقول لما عملت هذا الفستان  ما كان عندي ذوق، غيرت وجهة نظرها يعني ليس فقط ما يمتعها بل غيرت وجهة نظرها، وأصبحت تشعر أنه ليس عندها ذوق عندما اختارت هذا اللون أو هذا الشكل، تخيلي هذه حلاوة الدنيا تسقط من العين ليس لها قيمة، والله ـ عز وجل ـ جعلها بهذه الصورة لئلا يكون مرفئك ومرساك في الدنيا، فما الذي يقطع عروق التعلق بالدنيا ويعلق الإنسان بربه؟ قوة الإيمان تقطع علائق القلب بالدنيا، لذلك يبقى موضوع الإيمان مهم جداً سواءً كنا نتكلم به علاقة في رمضان أو كنا نتكلم به على وجه العموم.

ما هي الأسباب التي تزيد الإيمان ؟ أسباب زيادة الإيمان لها كلام إجمالي وكلام تفصيلي.
كلامها الإجمالي مجموعة في ثلاثة:
1.              تعلم العلم النافع.
2.              يركب عليه التأمل عبادة التفكر التي تجري في الكون أو حياة الشخص.
3.              ثم يركب عليه الأعمال الصالحة.

وهو خط أفقي، قاعدته أن تتعلم، فإذا تعلمت ابنِ على تعلمك عبادة التأمل، فإذا قوي هذا ستجد نفسك في العبادات ستجد قلبك عندما تزيد العبادات، هذا خط أفقي يبنى بعضه على بعض، وأيضاً هذا لا يعني أن تتم العلم لتتحول منه إلى التفكر ولتتحول بعدها إلى العبادة، لا، كلما حصلت على شيء من العلم لابد أن يقترن معه شيء من التفكر، لابد أن يؤثر في عبادتك. يعني عندما أقول بعد الصلاة:(اللهمّ أنت السلام ومنك السلام)  ودرسنا مثلًا معنى (السلام ) وكيف أنه اسم يشمل جميع صفات الله وهذا يحرر لك لماذا نقول هذا الاسم بعد الصلاة؟ المفروض أن معرفة هذه الاسم أستحضر ما أستطيع وأنا أقول: (اللهمّ أنت السلام ومنك السلام)  فالذي تعلمته يزيد جمع قلبي ولو لثانية في كلمة: اللهمّ أنت السلام ومنك السلام. فلو لم ينبهك أحدهم أن انظر إلى هذا الاسم العظيم كيف أن معناه دفع سوء الظن عن الله، وكيف تعرف أنه سلام ـ سبحانه وتعالى ـ  أنه حكيم في أفعاله وحليم سبحانه وتعالى  إلى آخر ما يذكر في هذا الاسم.

هذه الملاحظة ستؤثر عليك كيف وأنت تقول : (اللهمّ أنت السلام ومنك السلام )؟
ستؤثر في قلبك، ستركزين فيما تقولين، صحيح أنه ليس شرطاً أن استطيع استحضر كل شيء، لكن سيفرق قبل ذلك كنت كثير أقول:(اللهمّ أنت السلام ومنك السلام)  غير مركز الآن، شعرت أن هذه كلمة لابد فيها من تركيز، على الأقل هذا نوع من التقدم.


أي:
·                  أتعلّم
·                  وأتفكّر
·                  فيؤثر في علمي وعبادتي
لابد أن يؤثر على عبادتي.

مثلًا: سمعت درسًا عن أهمية العلم، وقيل لك في وسط الدرس أن من دلائل أهمية العلم أننا كل يوم بعد صلاة الفجر نقول  في أذكار الصباح: " اللهمّ إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً " يعني إلى هذه الدرجة العلم ؟! مهم لدرجة أنه هو أول مطلوب، هذا الدعاء خطة اليوم، بل قال أهل العلم بأن الثلاثة هذه كلها تشير إلى العلم، فإن علمًا نافعًا كلمة صريحة ورزقاً طيبًا لا يكون طيبًا إلا بناءً على العلم فأنت من أجل أن تفرّق أن هذا حلال أو حرام يجب أن يكون لديك علم، و العمل المتقبل يكون متقبلاً إذا كُنت أتيت به على ما يحب الله وعلى سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  يجب أن تتعلم السنة من أجل أن تعرف هذا العلم، فأصبح العلم عماد خطة العلم، والناس المفروض يثقلوا نفسهم ويوزنوا نفسهم على قدر ما معهم من علم، لابد أن توزن نفسك أنا اليوم كان لي ما نوعه؟ هل اليوم مبارك وانتفعت بدقائقه أو لم يكن كذلك ؟ بناء على الخطة الثلاثية التي أهمها ورأسها هو العلم النافع.

المقصود أني تعلمت بأن العلم شيء مهم وقلت الدعاء في أذكار الصباح (اللهمّ إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلًا) ، وقيل لي أن هذا الدعاء دليل على أهمية العلم، فلما أقول الدعاء أكيد أن قلبي سيتحرك ولو بمقدار ثانية بعدما كان لساني يقوله كلاماً، ولهذا العلم لا ينفع فيه أن تأخذه وتذهب، العلم لابد أن يصبح مثل المضخة الدائمة، مثل ما يضخ الدم في القلب ويضخه القلب في البدن مثله العلم يضخ إليك وأنت تضخه في نفسك، فلا تتصور أن العلم تأخذه وتنتهي علاقتك به ويبقى أثره عليك، لابد أن يكون لك صلة بالعلم أما تكرار نفسه أو يأتي شيء جديد من العلم والجديد يأتي مع القديم ويجمعان، لماذا؟  لأن العلم يأتي بالإيمان والإيمان حياة القلب، هل يمكن أن يعيش الإنسان بدون دم يضخ من قلبه؟ الجواب لا، كذلك قلب المؤمن لا يمكن أن يعيش بدون إيمان، والإيمان أحد أسس تغذيته العلم. فلا تتصوري أن يأتي أحد ويقول لك ترى من أجل أن يزيد الإيمان تعلم، تقول: أنا جلست ثلاث سنوات أتعلم يكفي ذلك، لا، لا يكفي ذلك يجب أن يبقى الإنسان على صلة بالعلم، بأي صورة ليس شرطًا الخروج، يعني عندما تسمع كلمة العلم بالذات اليوم لا تتصور أن شرط العلم الخروج أو الاجتماع بأشخاص معينين، العلم أصبح يسيراً سهلاً، وهذا مما يزيد علينا الحساب:
·                  إذا تتكلم عن إذاعة القرآن وما أدراك ما إذاعة القرآن؟!!
·       إذا تتكلم عن الصفحات التي تنقل الدروس المباشرة من الدورات العلمية للمشايخ وكبار العلماء وما أدراك ما هذه الصفحات، من كثرتها وتعددها!!
·                  إذا تريد أن تتكلم على شيء مخزن للعلماء الذين كانوا ستجدي كمًّا عظيماً!!

فالعلم لا يشترط أن تأخذه بطريقة معينة، فتأتي لأحدهم وتقول له: لماذا لا تتعلم؟  فيقول: والله ليس عندي مواصلات. من قال أن العلم يجب أن تذهب له؟ الأمر يسير والفضل لله، أنت تصوري ما هي الإذاعة؟ الإذاعة عبارة موجات في السماء  تطير، فقط أنت أتي بجهاز وألتقطيها، يعني إلى هذه الدرجة اقترب العلم، العلم في بيوتنا يطير فقط بقي أن أتي بجهاز تفتحه من أجل أن تلتقطيه وتسمع الإذاعة التي فيها كلام مبارك عن الله وعن رسوله وعن ماذا يجب أن يكون العبد في حياته، وهذا من فضله سبحانه وتعالى: تكثر الفتن على الخلق وفي المقابل من فضله علينا يسهل العلم، من أجل أن يقال للعبد: نعم الفتن كثيرة، لكن لا تنكر أن في المقابل العلم كثير؟ لا ننكر فضل الله،  فلا نندب زماننا كل مرة وتقول: نحن مفتونين والفتن كثيرة ولا نستطيع أن نقاوم، نقول: صحيح الفتن كثيرة لكن في المقابل العلم يسير وسهل ومن مكانك تتعلم، فهذا كله أصبح شواهد علينا. على كل حال ما دام العلم هو رأس وقاعدة زيادة الإيمان لابد أن يكون مبحثًا طويلًا في مناقشته.

ما هو العلم الذي نريده؟
العلم الذي يزيد معرفتك بالله ومعرفتك بحقه.

يعني أنا عندي شقّين للعلم وعليه يدور أي نقاش حول العلم، حول هذه الشقين.
 العلم النافع ما هو؟!
·                  الذي يزيد معرفتك بالله
·                  ويزيد معرفتك بحق الله.

فلم يصبح عندي إلا مسألتين هما:
·                  أنا أريد أن أعرف الله.
·                  وأريد أن أعرف حق الله.

وإذا عرفت الله سيسهل عليك أداء حق الله، وإن عرفت حق الله ستعرف يقيناً كيف تأتي بحقوق الآخرين . فأنت لما تبر والديك، يكون قيامك بالبر سببه ماذا؟ عندما أمرك الله بالبر أصبح لهم حقاً عليك، وحقهم عليك ما أقره حقاً إلا الله ولن يحاسبك عنه إلا الله. هذا المال لله فيه حق وهو الزكاة والصدقة لأن الحق بين واجب ومندوب، إذاً الصدقة صحيح أنت تعطيها للفقراء لكنها أصلاً حق لله، فأصبح الدين في كلمتين: معرفة الله ومعرفة حق الله.

غالباً ونحن نتعلم نجتهد في معرفة حق الله أكثر من اجتهادنا في معرفة الله!
ولذلك نجد ما نجد من برود ومن انقطاع في أداء حق الله، من ردود فعل ما كان يجب أن تكون،  يعني بيمينه يتصدق وبيساره يمنّ على الخلق لأنه لا يعرف أن الله هو المنّان، من أجل ذلك وقع منه هذا الأمر، ولذلك بيُسر وبسهولة أبطل عمله.

نريد أن نرتب المسألة ترتيباً منطقياً، ماذا يجب أن تفعل؟
أولاً تتعلم عن الله تعالى تعرف الله، ثم إذا عرفت الله تعالى ماذا تفعل ؟ وأنت حريص على هذا الأمر تعظيماً لله تتعلم حق الله فتؤديه، فجاءني بعد ذلك العمل الصالح.

عبد يعرف الله ويعرف أن من أسماء الله تعالى أنه (توّاب) ماذا سيؤثر عليه؟ لما يفشل لا ييأس، أنا أعرف الله أولًا ثم أعرف حق الله، حق الله أن أتي في هذا الموقف أفعل كذا وكذا ففشلت، لمّا أعرف الله سأعاود الكرة.  مثال: (المنظومة القيمة الإسلامية) تطلب منك أن تجتهد وتعمل ويكون كل جهدك وعملك في الحياة تعمله لله حتى حرثك في الأرض تقصد به التقرب إلى الله، لو فشلت في الفعل ماذا يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن) وفي رواية أخرى (لا تعجزنّ) بنون التوكيد.

عندما نأتي في منظومات قيمة دنيوية: واحد تربى على القيمة(الإنتاجية) أهم شيء ينتج وما يعرف أن الإنسان لو فشل في الإنتاج ممكن أن يعيد الكرة، هناك (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن) إذا فشلت تعيد الكرة وتسأل الله وتطلب منه ولا تيأس من روحه وتكرر نتيجة أنك تعرف الله وتعرف أن الله ـ عز وجل ـ يربي عباده وتعرف أنه إذا لم يعطيك اليوم سيعطيك غدًا، (لاتعجزنّ) يعني لا تفشل! حاول اطلب من جديد،جماعة آخرين ليس لديهم هذه القاعدة عندهم قاعدة أن (الإنتاجية تحدد أنت من ؟ ) فشل، ماذا يفعل؟ يفتح النافذة ويلقي نفسه ينتحر انتهى الموضوع، ما عرف ينتج ييأس وبعد ذلك يقتل نفسه ما العلة؟ لا يعرف الله.

المقصود أننا لابد أن نعرف الله قبل أن نقوم بالأعمال لئلا يقطع علينا الشيطان سبيل الوصول إلى الله، كم يأّس الشيطان أهل الإيمان من طريق الله؟ يأّسهم كثيرًا، كثيرًا ما يأتي الشيطان للإنسان ويقول: الآن بعد ما فعلت كل شيء واستجبت لغضبك أو فعلت ما تريد من هواك تريد التوبة. ولأن هذا الإنسان لا يعرف الله لا يعرف أن التوبة فعل من العبد يفرح به الرحمن  مهما كُرِّرت، فمعنى هذا أن عدم معرفة الله تسبب للإنسان اليأس والتوقف وهو يعمل الأعمال الصالحة، تسبب له أن يعامل الله العظيم كامل الصفات كما يعامل الخلق يقيس بعقله يقول: لما أخطئ في حق واحد واعتذر له واكرر بعد ذلك ليس لي وجه، نقول: هذا الكلام مع الخلق لكن مع الله أنت تتعامل مع من هو كامل الصفات، لكن عدم معرفة الله جعلت الخلق عندما يقوموا بالأعمال لا تسبب لهم الأعمال زيادة الإيمان أحيانًا تسبب لهم نقص الإيمان لأنهم يريدون عملًا كاملًا، فلما تحصل لهم غفلة ولا يعرفوا ربنا يستولي عليهم الشيطان ييأسهم من نفسهم ويقول لهم: هذا أنت لا يمكن أن تنجح هذا حالك.

من أجل ذلك العلم النافع في كلمتين هما: معرفة الله ومعرفة حق الله. ويجب أن ترتبي المسألة ترتيباً منطقياً أولاً لابد أن نعرف الله ثم نعرف حقه، فإذا عرفت الله أديت حقه كما ينبغي وكلما زاد فهمك لتربية الله كلما زاد جمع قلبك وقت القيام بحقه.

الخلل أنك ما فهمت أن الله ابتلاك بنفس كسولة، فما جهادك؟
أنك لا تيأس. عندي ولد بخيل وعندي ولد كريم الاثنين لهم دخل مال، أوعظ ولدي البخيل في الصدقة يخرج عشر ريالات فأنا أقول: خير وبركة منك أحسن من لا شيء؛ لأنه هو بعد معركة قوية مع نفسه وجهاد أخرجها، والولد الكريم فقط أقول له: هناك عائلة كذا، يقول: خلاص حددي المبلغ وأنا أعطيك، هذا يسير عليه الطاعة. لابد أن نعرف ربنا ابتلانا بماذا في نفوسنا،  (إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم) وعندما قسّم بيننا أخلاقنا ابتلانا بنفوس لها صفات وكل القصة أن تعرف ربك ولا تيأس ربنا يريد من الخلق أن يزكوا أنفسهم، يعني يدخل عليها الإيمان ويضع يده على نقاط ضعفه ويعيد ويزيد عليها مثل تنظيف الصدأ تعيد وتزيد إلى أن يذهب لكنه نقطة ضعف لازال كل مرة يصدأ وكل مرة تزكيه  تنظفيه، أين الآن النجاح؟ إنك لا تيأس من روح الله، اليأس من روح الله إنما هي خطة الشيطان فعل الشيطان طالما ما أنت متعلق بحبال الله لا يخذلك الله ولو بعد حين.

زيادة الإيمان لها ثلاثة أسباب مجملة:
·                  العلم النافع.
·                  التدبر والتفكر.
·                  والأعمال الصالحة.

عندما نريد التحدث عن العلم النافع ماذا نقول؟ اختصروا العلم النافع في كلمتين؟
·                  معرفة الله
·                  معرفة حق الله
ولابد أن يكون مرتب بهذه الطريقة، ولذلك إذا عرف الناس الله أدوا حقه بلا يأس ولا منازعة يعرفوا أن يصلوا إلى ربهم كما يحب ربهم، يرغمون أنف الشيطان، أنت تعرف تتوب الشيطان يندحر يبكي ما استطاعها.

مصدر العلم النافع:
·                  الكتاب.
·                  والسنة.

ولهذا أنت تريد أن تزيد إيمانك لابد أن تعامل الكتاب (بالإنكباب) تنكب على شيء يعني تفرغ نفسك وتطرد المشاغل ليس بأن تعطيه فضل وقتك، الزيادة.
·                  أنت نعسان لا تدري ماذا تقول؟!
·                  أو أنت صاحي من النوم لا تعرف ماذا تفعل؟!
·                  أو ماذا تخطط ثلاثة أربعة صفحات تقرأها وأنت تقول: يجب أن أذهب وأفعل وأعمل.
 لا يصح، هذا ليس انكباب، هذا أداء وظيفة وهذا لا يعني أنك لا تؤجر على ذلك، أنا أتكلم كيف هذا  القرآن يكون سببًا لزيادة الإيمان، فننكب على الكتاب ثم السنة بالترتيب ثم أنت ستجد أن هذا يشهد لهذا.

لنبدأ هذا الشهر بالانكباب على الكتاب، وإن شاء الله كما اتفقنا سنكتب خطة قصيرة المدى لعلاقتي بالقرآن، لكن بعدما تجمع في قلبك مجموعة اعتقادات اتجاه القرآن، لازم تجمعها في قلبك وتحرك قلبك عليها. أول اعتقاد: أن هذا القرآن كما قال تعالى في سورة الإسراء:{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[25] تريد أن تقوم حياتك سيهديك لذلك كلام الله يجب أن تعتقد هذا.

واتفقنا أن هذا القرآن فيه شفاء لأمراض الشهوات والشبهات التي ممكن أن تصيب الإنسان، نعم نحن نصاب بمرض شهوة بمرض شبهة ولا أحد منزه عن ذلك، واتفقنا ونحن نقرأ في كتاب الله لا تأتي آيات وتظني أني  مالي علاقة بهذه الآية فيها كلام عن الربا وتقولي ليس لي بها علاقة أو كلام عن الزنا أو عن السرقة، لا، كل القرآن أنت مخاطب بها :
·                  أمور مخاطب بها مخاطبة مباشرة.
·                  وأمور تتعلمها لتحجز نفسك.
وفي وسط هذا كله يقال لك:{فلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[26] لا تأتي في موقف وتقول: لا أنا مثل هذه الأمور لا أحتاج معالجتها، الذي يحتاجه كل الناس كرر عليك في القرآن، والذي يحتاجه فئة من الناس خاصة والناس كلهم على وجه العموم يحتاجوا أن يكونوا في حذرٍ منه ذكر في مواطن معينة. وأسألك الآن في كم موطن ذكر مثلاً السرقة في كتاب الله؟  قارني ورود السرقة في كتاب الله بورود مثلاً قضية مثل قضية النفاق؟ فتفهمين هذه القاعدة تفهمي أن كل شيء كُرر أنت في عرضة له أكثر، وكل شيء ذُكر أنت متعرض له، لا تزكي نفسك عنه كل شيء ذكر من الذنوب والمعاصي والأثام هذا ما أقصده.

اعتقدنا أن القرآن يهدي للتي هي أقوم واعتقدنا أنه (شفاء لما في الصدور)  وهذه مهمة فالقلب مليء الأمراض وشعورك بأنك مريض يجعلك تتمسك بالقرآن لأنه شفاء.

نعتقد أن الإنسان في ظلمة والقرآن يخرجه من الظلمة إلى النور، يعني كل شيء ستتعلمه سينير لك، لكن هذه المشاعر لا تشعر به إلا إذا شعرت أنك حقًا في ظلمة، وكل مرة تجد نفسك في مكان واسع ومظلم، مثلاً أريد أن تتصوري هذه القاعة لو أنت موجودة في مكانك وهي مظلمة تامة الظلام أي مشاعر خوف ستكون موجودة في القلب؟  خصوصًا أن هذا ليس بيتي ولا أعرف ملامحه من أجل أن أتمسك فأخرج مكان جديد لا أعرفه وتصوري نفسك أنه ظلام وأنت ما تعرفه وداخل عليه ماذا سيكون؟ أكيد أنك لا تستطيع أن تسير لا تعرف هذا الذي تحت يدك ما هو ماذا يكون، كل شيء لين يخوفك ممكن يكون حشرة أو حيوان شيء مخيف، ممكن يكون بالعكس، فالنتيجة لو شعرت تجاه الحياة بهذه المشاعر لابد أنك ستتمسكي بما يقال لك أنه نور لكننا مكتفين بالنور المادي وصرنا ننظر إلى الحياة على أنها منيرة لا نعرف أن القلوب واقعة في وحشة وظلمة، لأنها لا تعرف ماذا يريد الله؟

فإن الظلمة أن تعيش كثير من زوايا حياتك ولم تسأل نفسك هل هذا الذي أفعله يحبه الله يرضاه الله أم لا؟ كثير من زوايا الحياة لا أعرف أُفسر ما الذي يجب أن أكون فيه ما هو الحال الذي يرضي الله ـ عز وجل ـ هنا أنا ماذا يرضي الله ـ عز وجل ـ ؟  هذه كلها تعتبر نقاط ظلمة في حياة العبد.

نأتي إلى النقطة الرابعة: لابد أن تعتقد أن القرآن روح للقلوب، كما أن هناك روح في البدن هناك روح في القلب الدليل واضح في سورة الشورى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا}[27] بكلمة مختصرة يعني ماذا أعتقد في القرآن؟ ماذا يعني أنه روح؟ أنك ميت بدونه لازم تفهم هكذا، لأن الحياة الحقيقية هي حياة القلب بدون القرآن أنت ميت،  وهذه المشاعر القلبية الدقيقة هي التي تنقصنا فلما أقيس حياتي أقول ما ينقصني أكل وأشرب وأنام وعايش حياة طيبة، وهذا كله والإنسان بعيد عن القرآن، متى يشعر بنقصه؟ لما يذوق القرآن ويشعر بأنه يُحي القلب ثم يحُرم منه، يفهم أنه حقًا انقطعت حياته، لكن أنت لابد أن تتيقني كما أخبرـ سبحانه وتعالى ـ أن القرآن روحٌ للقلب بدونه القلوب ميتة، مهما تفلسف من يكلمك فلسفة طويلة عريضة وشرّق وغرّب كلامه وبفلسفة ترى ما دام هو لا يعرف القرآن إذًا هذا واحد قلبه ميّت، لأن الله أخبر عن الوحي عن القرآن بأنه روح. وليس هذا الموطن الوحيد الذي في الشورى الإخبار بأنه روح كُرّر الخبر عن القرآن بأنه روح، فمن ليس له علاقة بالقرآن كما ينبغي فليس له روح في قلبه.

واعلم أن الله ـ عز وجل ـ لما جعل في البدن صورة من دفق الدم من القلب وجعل في البدن صورة الروح جعل بمثيلها في القلب، يعني جعل للقلب مادة يعيش بها وهي العلم، وجعل للقلب روح يتمتع بها الإنسان وهي القرآن، وهذا كله من عظيم تقريب الأمر لنا يعني ترى واحداً قلبه لا ينبض فترى أنه ساكن لا قيمة له، هذا بالضبط مثل واحد لا يدخل إلى قلبه العلم لأن العلم حياة القلب.
مثله واحد هامد لا روح فيه هل ينفع؟ لا ينفع، كذلك واحد موجود في الحياة يأكل ويشرب لكن ليس له علاقة بالقرآن إذاً لا روح فيه، يعني تصوّر أن واحد لا يوجد في جوفه شيء من القرآن إذًا يمشي على قدميه صحيح يأكل ويشرب في نظر الناس أن له روح، لكن حقيقته أن لا روح له، لذلك شُبهّ الذي ما في جوفه قرآن بالبيت الخرب صحيح صورة بيت لكن في الحقيقة شيء مهجور لا قيمة ولا نفع له. أيضاً لابد أن نعتقد أن الكتاب الذي أحيا الله به قلوباً كانت ميتة وجعلها به في مصاف المؤمنين الصادقين.

سنأتي إلى مرحلة أعلى من المرحلة التي مضت: القرآن فيه روح وفيه حياة هذه الحياة كلما زادت علاقتك بالقرآن زادت روحك كلما زدت نشاطاً وقرباً من الله كلما اقتربت من وصف المؤمنين الصادقين.  على قدر ما معك من القرآن ـ ولا نقصد بذلك الحفظ ـ بقدر ما نقصد الفهم العميق بقدر ما يزيد فيك الإيمان وبقدر ما تكتسب نوراً وبقدر ما تكون فيك الروح قوية، يعني روح شاب تتمتع بالحيوية أكثر من روح طفل، الذي عنده من القرآن الشيء القليل فيه روح لكن ليس مثل روح من عنده أكثر من القرآن.   يعني قوتك وصبرك وانتفاعك بمواقف الحياة وتأملك في أفعال الله كله يعتمد على قوة ما معك من القرآن، ثم انظر كم تهنا ونحن نتعامل مع الناس كم تهنا ولست أعلم هل ردة فعلي صحيحة أو غير صحيحة؟

انظر للقران أولاً اتفقنا {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ }[28] ثم أن القرآن ليس حياة لك فقط، فجمع في الآية الأمرين، يكون لك حياة وفي نفس الوقت نتيجة وجود القرآن سيكون معك نور، ماذا تفعل بهذا النور؟ تمشي به في الناس، دائماً نحتار ما هي ردة الفعل الصائبة؟ كيف أتعامل مع الخلق؟ كلما زاد عندك القرآن كلما وُفقت لتصرف سوي، صار معك كأنه نور تسير في الطريق، وعلى ذلك الناس كلهم في ظلمة ومن معه القرآن في نور يمشي ومعه القرآن الذي هو بمثابة النور الذي يسير فيه.

على كل حال، نريد أن نصل إلى برنامج نتفق عليه ونصل منه إلى أول خطوة في عملية التدبر قبل أن أناقش هذه المسألة لنرى ماذا كان يرى الأسلاف، أي سلف الأمة، ماذا كانوا يرون القرآن؟

قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (إن مَن كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبّرونها بالليل وينفذونها بالنهار). إذاً أنت المخاطب بذلك تقرأ في الليل وتفهم وفي النهار تنفعل بالآية التي فهمتها. وكان يعتب على من جعل همّه مجرّد القراءة! وإن كان القارئ يُؤجر بمجرد قراءته، لكن الذي لا شك فيه أن القراءة النافعة للقلب المؤثرة في زيادة الإيمان هي القراءة المتدبّرة النافعة لخاشعة هي التي تؤثر في القلب وتكون روحًا ونورًا كل هذا أتى في القراءة النافعة. ولهذا يقول الحسن رحمه الله:(يا ابن آدم: كيف يرقّ قلبك وإنما همّك في آخر سورتك؟!) أي: أفتح المصحف وأبدأ السورة وأعدّ كل قليل كم بقي لي من الصفحات، إذا كان هذا هو الهم، إذًا لن يرق القلب بالقرآن.

وهذا أحد الممنوعات المهمة التي لابد أن نمتنع عنها من أجل أن ننتفع بالقرآن هي همومنا ونحن نقرأ القرآن، احذر أن يكون همك آخر السورة ، وهذا موجود خصوصًا لما نسارع في الختمة يكون عقلنا في آخر السورة. قال الآجري رحمه الله: (ومن تدبر كلامه عرف الرب عز وجل، وعرف عظيم سلطانه وقدرته، وعرف عظيم تفضله على المؤمنين، وعرف ما عليه من فرض عبادته، فألزم نفسه الواجب، فحذر مما حذّره مولاه الكريم، فرغب فيما رغّبه، ومن كانت هذه صفته عند تلاوته للقرآن وعند استماعه من غيره كان القرآن له شفاءً فاستغنى بلا مال، وعزّ بلا عشيرة، وأنس مما يستوحش منه غيره،وكان همّه عند التلاوة للسورة إذا افتتحها متى أتّعظُ بما أتلو؟! ولم يكن مراده متى أختم السورة؟! وإنما مراده متى أعقل عن الله الخطاب؟! متى أزدجر؟! متى أعتبر؟! لأن تلاوة القرآن عبادة، لا تكون بغفلة، ولاتنسى ان الله هو الموفق لذلك) أي متى أفهم عن الله ماذا يريد مني؟ متى أعتبر؟

ولا تنس أن الله هو الموفق لذلك، لذلك ستأتينا عبادة منفصلة نناقشها إن شاء الله وهي عبادة الاستعانة، وهو معنى قولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم، وماذا تعتقد فيهم، وكيف يؤثران عليك؟

وقال الحسن البصري رحمه الله -مبيناً معنى تدبّر القرآن-: (أَمَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِحِفْظِ حُرُوفِهِ وَإِضَاعَةِ حُدُودِهِ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَقُولُ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فَمَا أُسْقِطَ مِنْهُ حَرْفًا، وَقَدْ وَاللَّهِ أَسْقَطَهُ كُلَّهُ!مَا تَرَى الْقُرْآنَ لَهُ مِنْ خُلُقٍ وَلا عَمَلٍ!) شخص يقرأ القرآن كله وحفظه بحروفه، فيقول له الحسن البصري: وقد والله أسقطه كله، فيظن الإنسان نفسه وهو حافظ أنه أتى بالقرآن كله، وهو قد أسقطه كله، لأنه لا أثر للقرآن على عمله و لا على خُلقه. حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَقُولُ:( إِنِّي لأَقْرَأُ السُّورَةَ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ!) هذا تمدح الآن لقوة القراءة! وَاللَّهِ مَا هَؤُلاءِ بِالْقُرَّاءِ وَلا الْحُكَمَاءِ وَلا الْوَرَعَةِ، مَتَى كَانَتِ الْقُرَّاءُ تَقُولُ مِثْلَ هَذَا؟! لا أَكْثَرَ اللَّهُ فِي النَّاسِ مِنْ هَؤُلاءِ!) ليسوا القوم الذين حقًا وقع منهم الورع.

ويدعو أن الله ـ عز وجل ـ لا يكثرهم لأنهم ضلوا وأضلوا ، وهذه المشكلة أنهم جمعوا علينا بمصيبتين، هم بنفسهم ضلوا وأصبح الناس ينافسونهم، فأصبح هناك من يدرب نفسه على أن يأتي بالسورة من أولها إلى آخرها بنفسه واحد، وهذا من مهارات القراءة العناية بالحروف و النفس و المخارج ، إلى آخره، فهؤلاء الآن دخلوا على القرآن لكن من جهة أفسدوا بها القرآن على أنفسهم وعلى الخلق.

قال قتادة رحمه الله: (ما جالس أحد كتاب الله إلا قام عنه إما بزيادة أو نقصان). لا يوجد حل ثالث، إما بزيادة أو نقصان، فأنت الآن تجلس مع القرآن، فإما تغلق المصحف وقد زدت، أو نقصت، زدت واضح أن تفهم آيات يزيد إيمانك يزيد فهمك عن الله يزيد معرفتك بأسمائه وصفاته، نقصتِ كيف نقصتِ ؟

تمري على الآيات يلعن الله الفاسقين يلعن الله فيها المنافقين الكاذبين تقرأيها وكأن لا أحد يخاطبك، كأن الكلام ليس لك، كأنك ما عرفتِ أن الذي فيه هذه الصفة يصبح منافق، أو ما عرفتِ أن هذا باب من أبواب الخير قريب منك، فتقومي عن القرآن وقد وجه لك الخطاب وأهملتيه فيكون الناتج نقص الإيمان، نتيجة أن الرحمن يتكلم بهذا الكلام ويخاطبك به وأنت يكون علاقتك به الإغفال، وهذا كثير، لدرجة أن الآن نحن نقرأ آيات ونفهمها نقول سبحان الله! أين سنين كانت هذه الآيات تتلى علينا وتقرأ ولم يكن حتى سؤال استفهام يثار في عقولنا. وفهمنا أن مثل هذه الآيات نحن أهلها وفي مواقف كثيرة ممكن نقوم بها وما نشعر،كم تثبطنا عن عمل صالح كم مرة تكاسلنا عن العمل الصالح وما خفنا، فلم تقرئين في التوبة وتقرأ أن من العقوبات أن الله عز وجل يثبطهم ، {كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}[29] معنى ذلك كل مرة اتثبط عن عمل صالح علامة استفهام هل أنا ممن كره الله انبعاثهم أو اختبار لي وابتلاء  أو هذا معناه أنه يجب أن أجاهد؟ المعنى أن الإنسان يجلس مع كتاب الله فينتفع بالخطاب ويستجيب له ويفهمه أو يهمله، والإهمال يقيمك عن القرآن وأنت ناقص في إيمانك ناقص تعظيمك لله ناقص في انتفاعك، فلا تظني أن هذا الإهمال الحاصل أمر لا بأس به الإهمال الحاصل لابد أن أثره على المدى الطويل يجعل الآيات ترد وتعاد علينا والقلوب قد انقطعت عن التأمل والتفكر. 

ولهذا انظر لما يدخل واحد في الإسلام جديد وتوصفي الله ـ عز وجل ـ ببعض الصفات أو تقرئي له آية الكرسي وهو يفهم ما تقولين، كيف تنزل على قلبه وتنير له الحياة؟! كانت تقول لي أخت في دعوة الجاليات في خارج المملكة تقسم أنها ما شرحت لأحد سورة الإخلاص إلا أسلم! كم مرة نقرأ سورة الإخلاص كم مرة نرددها؟ ولا زلنا في يأس وخوف وقلق مع أني أعيد على نفسي اطمئني يا نفسي ترى أنت لك واحد سيّد قد كمُل في سُؤدده له كمال الصفات جوده واسع كرمه واسع ملكه واسع قربه عظيم بيده كل شيء هذا الواحد تفزع إليه الخلائق ولا يردهم ، صمد ركن شديد، فما بالك تبات خائفًا أليس لك ركن شديد؟ هذه السورة التي نرددها بعد الصلوات في أذكار الصباح والمساء قبل أن ننام أين هي في الطمأنينة النفسية؟
 أين هي في انشراح الصدر؟
 أين هي في الثقة؟
 أين هي في عبادة التوكل؟
 أين هي في إرشاد بعضنا لبعض نترك لا واسطة لا تتكلم لا تتذلل للخلق؟

أنت عندك واحد في الثلث الأخير يناديك، يقول لك: هل لك حاجة؟ فكيف تترك بابه؟ كيف تترك أن تتعلق بالركن الشديد؟  كيف تخاف؟ هذه سورة الإخلاص منهج للتربية كل واحد يربي أولاده المفروض سورة الإخلاص من سن ثلاث سنوات إلى سن تسعة سنوات وهي المادة الأساسية في الغرس، طيلة الوقت أقول له: ترى أنت واحد فقط لواحد، والواحد الذي أنت له واحد كامل الصفات، كل شيء عنده الملك كله ملكه، الأمر كله أمره، لا يمكن تلجأ إليه ويخذلك، لكنه حكيم يعطيك هو في الوقت المناسب، وهكذا هذا كله دائر في سورة واحدة، حُق لها أن تكون ثلث القرآن، لكن كلنا نعرف أن سورة الإخلاص ثلث القرآن، أين الجهد في استخراج كنوزها؟

ولهذا تصور هذه السورة العظيمة التي تردد وهي لها هذا الفضل العظيم كم قارئ لها يقرؤها وهو لا يجد في نفسه ولا شعرة من مفهومها؟ يقرأها وهو خائف لا زال غير مطمئن لفعل الله عز وجل! لا زال يشعر أن شكواه لله لا تكفيه. لا زال يشعر أنه لازم يفتش له عن واسطة كبيرة ليخرج من المشكلة. والنبي ـ عليه السلام ـ يقول: (حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله مرمى ) من هذا الذي ستكلمه من وراء الله تعالى من هذا الذي سيأتيك بمرادك من وراء الله؟ هو الصمد وحده لا شريك له.

فالمقصد أن هذا القرآن إما تقرؤه فيزيدك، وإما تقرؤه فتهمله، ولا يكون عندك أي نوع من الإثارات والاستفهامات، فماذا يحصل؟ تقوم عنه وقد نقص فيك الإيمان وقد نقص فيك التعظيم لله، كان المرغوب منك أن تفتح كتاب الله فيزيد إيمانك، ليس المرغوب منك أن تفتح كتاب الله فتقول:
 ماذا أراد الله بهذا مثلاً؟
 لماذا ضرب الله هذا المثل؟
 لماذا قصّ علينا هذه القصة؟
هذا الكلام الشيطان يتركه في عقلك وأنت تترك الشيطان يقول هذا الكلام في عقلك، وبعد ذلك تهمله تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانتهينا، لا المسألة تحتاج إلى خطة عملية  في كشف مثل هذا.

سأقول كلامًا عامًا الآن وأنت تقرأ القرآن بماذا تعتني؟ ما هي المباحث الأولية في قراءتنا للقرآن؟  نتكلم عن الخطة العملية، القرآن الآن مباحث وأنا أقرأ على ماذا  أركز؟ المفروض على القرآن من أوله لأخره، لكن الآن نحن بهدوء بعد هذه السنين كلها نريد أن نعيد ونبني علاقتنا مع القرآن، نبدأ بالترتيب نتكلم عن أمور نهتم بها، هذه الأمور نرصها كلها مرة واحدة ثم نختار منها أمرين وهي التي ننفذها ـ إن شاء الله ـ

القرآن من أوله لأخره ذكر لصفات الله سبحانه وتعالى ،كيف تنقل لي هذا الخبر؟ تقول من عند قول الله تعالى {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[30] اثبت أنه الله وأنه رب وأنه الرحمن الرحيم وأنه مالك يوم الدين، إلى أن تقول لي قال في أخر سورة في القرآن في ترتيب المصحف {رَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ}[31] ما بين دفتي القرآن كله وصف للرحمن، وصف في ذكر أفعاله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته، كل الذي في القرآن في الأصل وصف للرحمن، يكلمك الله عن أسمائه وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى، إذًا هذا رأس المواضيع التي يجب أن نهتم بها، وهي صفات الله عز وجل، ما الطريقة؟ ليس الآن أنا فقط سأعد فقط المواضيع ثم بعد ذلك نطبقه، ماذا أفعل؟ بعد العناية بأسماء الله عز وجل وصفاته نأتي إلى العناية بأمر متكرر في كتاب الله، لأن المكرر أكثر أهمية وأكثر أثرًا.

نأتي إلى تكرار القصص في القرآن هذا أكثر ما تجد مكرر ، ما أنواع القصص في القرآن؟ قصص الأنبياء المقصود أنهم قوم صالحين وهناك قوم كافرين، القوم الصالحين: الأنبياء والفتية سواءً كانوا أنبياء أو دون الأنبياء قصص الصالحين كلها، وفي المقابل قصص الكافرين ومن يلحقهم.  على كل حال إما صالحين وإما فاسقين سواء كان الصالحين: أشخاصًا أو أقوامًا، معروفين أو مجهولين، فتية أو إبراهيم ـ عليه السلام ـ  هذه كلها اسمها قصص لقوم صالحين إما أحد معروف يعني موسى ـ عليه السلام ـ عيسى عليه السلام أو الفتية الذين ذهبوا الكهف لا يوجد تفصيل عنهم، أو الرجل المؤمن من آل فرعون، كلها تسمى قصص قوم صالحين، هذا الذي كنت أقصده وبعد ذلك نرى ما يلحق المؤمنين ويلحق عكسهم، وفي الجهة الأخرى قصص القوم الكافرين وما يلحقهم، هذه النقطة الثانية وهذه أكثر ما يكرر عليك، هذه النقطة الثانية التي هي القصص.
·                  النقطة الأولى نحن قلنا أكثر ما يذكر في كتاب الله ويجب أن تعتني به هو أسماء الله عز وجل وصفاته.
·                  النقطة الثانية وهي القصص.

أمام أسماء الله وصفاته ماذا تقول؟
من المؤكد أنه يجب أن يكون أول مبحث، لأن أول العلم معرفة الله. لماذا أتيت بالقصص بعد الأسماء والصفات؟ لآن القصص يظهر لك آثار أفعاله ـ سبحانه وتعالى ـ  أنت الآن عرفت الله عندما تعرفيه يقال لك انظري لأحوال حصلت ظهرت فيها صفاته وأفعاله ـ سبحانه وتعالى ـ  نصرة أهل الإيمان، خذلان أهل الشرك، لطفه، انظر كيف الكُمّل يعاملون العظيم، انظر يعقوب ـ عليه السلام  ـ كيف يعامل ربه، {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }[32]، هذا سبب لهذا السلوك منه، انظر في الأعراف، انظر في الأنبياء، انظر كيف كلما أخبر الله أنهم دعوا مباشرة يقول لهم {فَاسْتَجَبْنَا} دليل على معاملة الله.

فلا زلنا ننظر في القصص إلى أحوال يقيناً نعتقد أنها وقعت، يظهر فيها آثار صفاته سبحانه وتعالى وصفاته الذاتية أو الفعلية، ونحن دائماً نحتاج أن نحتذي يعني يكون عندنا نموذج ونقتدي به، فهذا القصص كله يعتبر نموذج، أول ما يكثر مالك وتجد نفسك تعلقت بقدرتك ذكِّر نفسك بقارون انتبه من سبأ وجماعة البطر، فتحذّر نفسك أنه أين وصلوا وبعد ذلك {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ}[33] ولم ينتصر ولم يجد من ينصره، أنت سيحصل لك هكذا، لو استعملت كذا، دائمًا نحتاج إلى أحد نحتذي به أو نقتدي به.

من الجهة الأخرى إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع مكانته عند ربه لكن بلاء بعد بلاء اختبار بعد اختبار، ولما يكون الإيمان عظيمًا ينزل الاختبار هين سهل، لأن هناك ناس تقول لهم: عندما يزيد الإيمان يعظم البلاء، فتقول: لا أنا لا أريد هذا الإيمان، هم يقولونه بلسان حالهم قبل أن يكون بلسانهم. الجواب: نقول: اسمع عندما يضعف الإيمان تنكسر لك كأس كان مصيبة وقعت عليك، ولما يقوى الإيمان لو انهد جبل ينزل هيّنًا ليّنًا، فالقصة على قدر الإيمان هذا على قدر ما تصبح أنت مرن تستطيع أن تحتمل على قدر ما يتسع قلبك، ونحن اتفقنا أن الإيمان يؤثر على الصبر يؤثر على الشكر، أكيد كلما زدت إيمانًا كلما زاد صبرك، طيب أنا غضوب، نقول: نعم حتى لو كنت غضوبًا سيزيد حلمك بمقدار كنت لا تستطيعه دون الإيمان، لن تكن حليمًا فائق الحلم، لكن بدون الإيمان كنت ستكون غاية في الغضب، بالإيمان ستكون أقل غضبًا، اتسع حلمك، والذي أصلاً لم يكن غضوباً وجاءه الإيمان أصبح قلباً يستطيع أن يحتمل الكل.

المقصد الآن أننا نعتني بالقصص لآن فيها أثر صفات الله ، أفعال الله، ترى فيها قوم آمنوا فرفعهم الله، ترى فيها قوم استعجلوا العذاب يقولوا لنبيهم: لو كان هذا حقًا من عند الله أمطرنا حجارة من السماء،  مثل واحد يمشي في المعصية يقول: لو ربي مطلع علي يخسف بي الأرض، هذا الكلام الذي يأتي به الشيطان، نقول انظر هذا الكلام الذي يأتي به الشيطان هو نفس الذي أملاه عليهم هناك وقالوا: إذا كان حقًا من عند الله أمطرنا حجارة من السماء، بدل ما يقولوا اشرح صدرنا، يسر أمرنا، أرنا الحق حقًا، طيب حجارة من السماء سيأتيك العقاب، لو ما كان الآن، وبعد ذلك تسمع الله ـ عز وجل ـ قال في حق أقوام: ثلاثة ليالي، ثلاثة أيام يتمتعون، ثم ماذا يحصل؟ يقع عليهم العذاب، ثلاثة أيام في حق هؤلاء يعني سنة في حق الثاني، شهر في حق الثالث، يعصي وترى متعة في الحياة متعة إلى أجل محدد، في قصة هؤلاء ثلاثة أيام في قصة هؤلاء ثلاثة سنين، في قصة هؤلاء شهر، فالقرآن يقول لك ثلاثة أيام وبعد ذلك انقل أنت على الواقع، وأعلم أنه سيتركهم يتمتعوا فلماذا يأتي لك في القصة إن الله عز وجل تركهم ثلاثة أيام؟ من أجل أن تفهم أنه لم يعاجلهم مباشرة بالعقاب، ثلاثة أيام هذه الثلاثة أيام قس عليها زمن ناس كثيرين يعصون الله ويتركهم، وليس معنى هذا رضاه عنهم.

إذًا نحن بعد ما نهتم بأسماء الله وصفاته في القرآن هذا أول مبحث وأهمه، نأتي بعد ذلك ننظر إلى (القصص في القرآن)، قصص القرآن مسألة غاية في الأهمية، يعيبنا أن نعبد الله بحب أنبيائه ثم لا نجد نفسنا لا نعرف الأنبياء، لو قيل لك: كم مرة ذكر موسى في القرآن في كم سورة؟ تقول: كثير، تعرف أن الكثير هذه لا تزيد عن سبعة سور؟ ما هي هذه السور؟ لابد أن تعدها، وهل لما ذكر في السبعة سور كرر؟ لا لم يكرر الخبر الذي جاء هنا لم يأتِ به هنا، الأمر الذي أخبرنا به هنا لم نخبر به هنا،  عندما أقول لك: موسى عليه السلام  تولى إلى الظل وقال {ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}[34] هل سمعتيها في أكثر من سورة؟ في موطن واحد فقط قيل لك، إذاً معنى ذلك ماذا تتصور في القصص متكررة؟ لا أنت مخطئ ليست متكررة، تُكمّل بعضها بعضًا وكل مرة تجد القصة في سورة تناسب السورة تمامًا، وتناسب الخطاب الموجود في السورة، ـ وإن شاء الله ـ سنجد شواهد يسيرة نصل بها .

إذن انتهينا من الأسماء والصفات ثم القصص.
ثم تأتي للنقطة الثالثة وهي غاية في الأهمية: الأمثال في القرآن.


لماذا نعتني بالأمثال في القرآن؟
الأسباب كثير ة من أهمها:  أن الله عز وجل أخبر أن المثال في القرآن {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }[35]، ففهمك للأمثال التي وردت في القرآن دليل أن عندك علمًا لو فهمتها ستفهم أمراً عظيمًا، يعني آية واحدة فيها مثل يمكن أن تكون منهج حياة. مثال: في سورة إبراهيم عليه السلام يضرب الله مثل للكلمة الطيبة:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء}[36]هذا المثل خطة صناعة إنسان، خطة تربية أطفال، وهذا المثل قياس للإيمان، لماذا؟ أنت يا مؤمن مثل الشجرة فيك ثلاثة أمور: الشجرة فيها أصل، أين مكانه؟ في الأرض. ما نوعه؟ ثابت، أنت يا مؤمن عند أصل المفروض يكون ثابت. بعد ذلك المفروض عندك فرع في السماء، يعني عندك أعمال صاعدة في السماء {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[37] . بعد ذلك تعرف الثمرة ما يتنزل من الله بعد قبوله لعملك الصالح، ما يتنزل من الله من بركات عليك، ما يتنزل من الله إيمان عليك، ما يتنزل من الله من شرح صدر عليك، ومن توفيق يكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به. المثل حدّد لي نقطة القوة، أين قوتك؟ في أصلك الثابت. 

المثل الذي بعده {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ}[38] يعني الطيبة وصفت بثلاث صفات:
·                  لها أصل.
·                  لها فرع.
·                  لها ثمرة.
الخبيثة لها وصف واحد: أنها اجتثت من فوق الأرض، إذاً أنت كن حذراً لو لم يكن هناك أصل ثابت في الأرض، لا تتكلم عن أعمال صاعدة للسماء ولا تتكلم عن ثمرات. عندما أربي ولدي، كل التركيز على تأصيل أصله على تأصيل اعتقاده في قلبه، ثم أرسم له كيف يكون ساقه، وهو ينفذ، أنا دوري في التربية أؤصل الأصل، ثم افهمه ماذا يعمل وهو يقوم بالعمل.

تصوري هذا المثل الآن لو أُتقن كانت كُتبت خطط للتربية في البيوت، كان استطاع الإنسان أن يلاحظ نفسه لماذا أعماله ضعيفة؟ لأن أصله ضعيف، هذه الشجرة في حديث ابن عمر هي النخلة، والنخلة لها جذور في الأرض تصل أحياناً إلى خمسة عشرة متراً، يعني عمارة من أربعة طوابق، تعرف أن هذه النخلة عندما ترمي جذورها في الأرض وتسحب الماء من كل جهة فتطيب الأرض التي فيها تصبح الأرض حولها ندية، فعندما تصبح ندية هناك أحياء يعيشون تحت على جذورها، قارني النخلة بشجرة مثل شجرة البرسيم، هذه شجرة (البرسيم) في السنة تخرج نتاج أحياناً مرتين، البرسيم الأخضر وتأكل منه البهائم هذا بسرعة يهيج ممكن مرتين في السنة ينتج، لكن بعد أربعة سنوات تصبح الأرض التي يزرع فيها البرسيم بور لا تستطيع أن تزرع فيه مرة أخرى، في المقابل أن أرض النخلة الأرض تطيب تطيبها النخلة، الفارق بين النخلة والبرسيم أن النخلة من أجل أن تخرج تحتاج سنتين إلى ثلاث سنوات من أجل أن تصبح فسيلة، في مقابل أن البرسيم في سنة واحدة ممكن ينتج مرتين. هذه الصورة التي ضربت مثل من أجل أن تقول لك: يا أيها المؤمن ركز في الأصل القصة ليس في سرعة الإنتاج ولا بسرعة السلوك، القصة في صلاح القلب. 

مقصدي أن تتصور كيف الأمثال تحمل علمًا عظيمًا، مثل واحد مُثل بالشجرة لكنها تحمل علماً عظيماً تعطيك تفاصيل كثيرة، الشجرة هذه لا يوجد شيء فيها إلا ينتفع به، وكذلك المؤمن لا يوجد شيء إلا تنتفع به، لا يوجد مؤمن حقيقي الإيمان تجلس معه لا تحصّل من بركته شيء،
·                  والله ليقول لك :كلمة طيّبة
·                  أو يُثني على الله أمامك
·                  أو يحكي لك قصة تعتبر بها
·                  أو يذكّرك بالله
 يعني هناك أشخاص من قوّة إيمانهم فقط جلوسك معهم يشعرك بأنك تزيد إيمانًا بسبب ذلك، فالمؤمن مبارك مثل هذه النخلة التي لا يوجد شيء إلا ينفع بها، كل هذا اعتبارات عظيمة وهي التي تفتح عليّ باب التفكر.

والسبب الثاني الذي يجعل الأمثال مهمة:
أن أهل الباطل وضعفاء الإيمان يقولن عن الأمثال {مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً}[39] فلا تكن ذاك الشخص الذي ليس في قلبه تعظيم لله فيقول ليس على وجه الاستفهام يريد أن يفهم لا على وجه الاستنكار، يعني ماذا في هذا المثل من الأسرار التي تقول أمثال عظيمة وهو كلها شجرة! نقول هذا من مؤشرات ضعف الإيمان وربما زواله.

ننتقل إلى المبحث الرابع (نعتني بالوصوفات).
ورد في كتاب الله ـ عز وجل ـ أوصاف -وهي بحر واسع –
·                  أوصاف لأهل الإيمان، للإيمان وأهله
·                  أوصاف وللكفر وأهله أوصاف.

 تحت الإيمان:
·                  ستجدي أوصافاً للذين اتقوا
·                  أوصاف للذين أحسنوا
·                  أوصاف للمخبتين.
وتحت الكفر:
 ترين كذلك أوصاف لهم.

الآن وأنت سائرة في طريقك في القرآن كلما وصف لك وصف قال لك {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[40] في أخر الآية لازم أرجع من البداية، أين هم هؤلاء المحسنين في السياق؟ إذًا الذي يفعل كذا وكذا وكذا اسمه عند الله محسن، ماذا يحصل؟ يحبه الله، {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}[41] من هم هؤلاء المعتدين؟ فارجع إلى الوراء من هم المعتدين؟ الذي يفعل ويفعل ويفعل، من أجل ذلك نحن نقول تجلس مع القرآن يقول لك الله يحب المتقين يحب المحسنين، وبعد ذلك تجد فرصة للإحسان ولا تحسن! وتقول أصلاً الناس ما يستاهلوا! أنت الآن قرأت {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ما بك؟ ألست تحب أن الله يحبك؟ يكفيه أن يتعرض لمحبة الله. واضح لكم كيف يقوم الإنسان عن القرآن ناقص، يعني تأتي الآية يقول لك ترى الله يحب منك أن تفعل كذا، ولو فعلت كذا يحبك سمعت، وتأتيك الفرصة، أنت لا تتصور أن يقول لك في القرآن ولا تأتيك الفرصة، على طول يأتيك الاختبار، هل تحسن أو ما تحسن؟ ستتعرض لمحبته أو ما تتعرض؟

تحفظ سورة الإنسان وأنت تحفظ تأتيك {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً}[42] هذه وصوفات أهل الجنة الأبرار، إنهم كانوا في الحياة يحسنون ولا يريدون جزاءً ولا شكوراً، ويصير موقف بسرعة أحد تعطيه تحسن إليه وبذلت جهد من أجل أن تُحسن إليه، بسرعة أنت تحفظ ثم خرجت وصار هذا الموقف، حتى شكرًا لم يقل، وأنت راجع بالسيارة تقول حتى بخل علي بشكرًا، طيب الآن كنا نقرأ ماذا؟ {لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} وما أنساه إلا الله أن يقول لك شكراً، من أجل أن يأتيك الاختبار، من أجل كم مرة نقول والله أنا أحفظ وأتمنى أن أكون من أهل القرآن، إذا كنت من أهل القرآن تعال إلى هذه الآية وانتفع بها.

هذه الوصوفات بالذات أطول مبحث في القرآن، ستجد نفسك تقف عند نصوص تكلّمك عن أوصاف أهل الإيمان، وهي متعددة المتقين المحسنين المخبتين، وكل واحد من هذه لها صفات، وهذا يعتبر أطول مبحث وهذا الذي دائماً نجعله في الأعمال طويلة الأجل، وكلما مشيت في القرآن ووجدت وصفاً أتقن أهله، لكن نحتاج إلى تدريب من أجل أن نتصوره. الآن هذه وصوفات أهل الإيمان وأهل الكفر نضيف عليها وصوفات الإنسان عمومًا، هذا مبحث أخر داخل الوصوفات، وصوفات الإنسان عموماً، يعني أيّ واحد يريد أن يفهم كيف يعلم الناس؟ كيف يدرسهم؟ كيف يعالج مشاكلهم ماذا يفعل؟ يلم ّكل وصف وصفه الله عز وجل للإنسان في القرآن، {خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ}[43] {خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}[44] جزوع- منوع- وصف الإنسان بأنه {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوساً}[45]كفور، فيتبين لي ترى أنا إنسان من هؤلاء الناس فيتبين لي لماذا أول ما ينزع الله مني نعمة على طول أصيب باليأس أن الله عز وجل  يعيدها لي؟ ومعنى إني يئست أنه يعيدها لي إني جمعت بين أمرين: بين يأس وكفر بما مضى، لأن الواحد لو أخذت منه النعمة اختبارًا وامتحاناً ييأس أن الله ـ عز وجل ـ يبدله إياها بخير منها، كأنه كفر بأن الله هو الذي أعطاها، فجمع في وصف هذا بين أمرين: بين أنه يؤوس وأنه كفور، إذًا تعال وابحث ما حالنا وقت ما تنزع منا النعم؟ القرآن وصف لك.


يأتي أمر غاية في الأهمية المبحث الخامس: وهو وصف الجنة والنار.
 وهذا مبحث غاية في الأهمية، لأن في الحديث عن النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ  قال: ((مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ))[46] فلابد أن تتصور أهمية شهادتك بأن الجنة حق وأن النار حق، تقولين موجود في قلبي أن الجنة حق وأن النار حق، لا زلنا نقول أن القرآن سبب لتعميق الاعتقادات، كلما زاد سمعك وفهمك لكلام الله كلما زاد عمق اعتقادك، وهذه المسألة للأسف مُهْمَلة حتى الكلام عن الجنة والنار لا نجد نفسنا نقف أمامه من أجل أن نفهمه بعمق، لابد أن تتصور بماذا وصفت الجنة؟ لماذا؟ لأن شيئًا من وصوفات الجنة أنت تذوقه في الدنيا، فلما تفهم أن هذا ذوق من شيء من نعيم الآخرة، ماذا يحصل في القلب؟ الشوق، والشوق هذا الذي ينقصنا، نحن نمشي مثل الآلة لا يوجد هذا الطموح والشوق الحقيقي، فلابد أن تشوق نفسك بالمعرفة العميقة وليس السطحية.

مثال: شجرة السدر وُصفت أنها من نعيم الجنة قال سبحانه وتعالى {فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ}[47] نحن نحفظ الآية لكن لا نربط أن هذه شجرة السدر هي المقصود هناك في الجنة، بماذا وصف السّدر؟ أنه مخضود يعني ماذا؟ سؤال استفهام مهم يدل على ماذا؟ لا أريد إجابة الآن، هل شعرت أن هذه الكلمة السدر يعني المقصود بها هذه الشجرة ماذا يكون حالها؟ ولماذا هذا الوصف الذي وصفت به ما معناه؟ المقصود من سؤالي أن يتبيّن لنا أن هناك هجر لمعرفة معاني أشياء محفوظة ولا يوجد ربط، يعني هجر مع عدم ربط، كثيرين حافظين لكن المشكلة الربط والفهم.

على كل حال القصة ليست مجرد إحباط القصة هي أن ننتبه ويصبح عندنا شيء من الربط، بعد ذلك ستجد أن أعرابياً أقبل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  وسأله عن شجرة السدر: كيف يكون في الجنة شجرة تؤذي صاحبها لأن فيها شوك؟ فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالآية، وأنها منزوعة الأشواك، فانظر كيف الأعرابي واعي لما سمع في نعيم الجنة أن هناك شجرة سدر وهو يعرف شجرة السدر مملوءة بها الشوارع، لكن الجنة مختلفة، المقصد الأن هذه الشجرة في الدنيا كلها أشواك فالأعرابي سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كيف شجرة في الجنة تؤذي صاحبها؟ فكان الجواب في نفس الآية، الشاهد من كلام الأعرابي أن سؤال استفهام أُثير في ذهنه وفكر فيه وسأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المشكلة في من يقرأ ولا يخرج معه سؤال استفهام. نكتفي بالخمس مباحث هذه وسنناقش المبحث الأول والثاني ونكتب عليه خطة قصيرة المدى.

موضوعنا الاستعداد لرمضان بالإيمان والإيمان له أسباب نريد أن يزيد قبل أن يأتي رمضان هذا هو الاستعداد، وإجمالاً أسباب زيادة الإيمان تعلم العلم النافع ثم التعبد بعبادة التفكر والأمر الثالث الأعمال الصالحة، واتفقنا أن هذه كلها مبنية على بعضها ابدأ بالعلم النافع ثم انتقل لما بعدها، ورأس العلم النافع العلم بالقرآن، الآن كيف ستنظر للقرآن؟ يجب أن يكون في قلبك كذا وكذا من الاعتقادات، يجب أن تعتقد أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، يجب أن تعتقد أن هذا القرآن شفاء لما في صدرك، يجب أن تعتقد أنه كذا وكذا إلى أخر ما ذكرنا.

كيف أتعامل مع القرآن ؟
يمكن التعامل مع القرآن على أنه سور، ويمكن التعامل معه كموضوع.

ما الذي يسبب زيادة الإيمان؟
العلم النافع أعظم أسبابه، مصدر العلم النافع الكتاب والسنة، هذا العلم النافع الذي رأسه القرآن يجب أن تتكون عندك علاقة جيدة مع القرآن. التلاوة طريق ووسيلة، الغاية ما وراء التلاوة.

سأبدأ من أول شهر ستة مثلًا ختمة جديدة،(الخطة التفصيلية) المفروض كأني بدأت المصحف من أوله، سأنظر للقرآن نظرتين معاً: سأنظر له على أنه سور كما هو مقسم، وسأنظر له على أساس أنه مواضيع، قبل قليل كان النقاش حول نظرتي للقران علىأنه مواضيع، فقلت وأنا اقرأ المفروض ألاحظ وأنا اقرأ أسماء الله وصفاته وأفعاله، ألاحظ القصص القرآني، الأمثال القرآنية ، ألاحظ الصفات:
·                  سواء صفات أهل الإيمان
·                  أو صفات أهل الكفر
·                  أو صفات الإنسان عموما.
ألاحظ أوصاف الجنة والنار، هذا أنظر للقرآن على أساس المواضيع وأنا أسير ألاحظ ماذا يترتب عليّ ألاحظ؟ سأتكلم عنها بالتفصيل، لكن قبل أن أنتقل إلى ماذا سيحصل، يجب أن أشير إشارة أخرى أني أيضًا سأنظر للقرآن على أنه سور كما هو مرتب، فماذا سألاحظ؟ سألاحظ موضوع السورة لأن كل سورة في القرآن وحدة موضوعية واحدة تعالج أمرًا مهما.

سأضرب مثالًا: انظري لسورة الأعراف : لما نريد أن نلاحظ موضوع سورة ضروري جدًا أن نعتني ببداية السورة وبخاتمتها، انظري أول الأعراف الكلام عن ماذا؟ الكلام عن الثناء على كتاب الله وغالبًا ما تأتي الحروف المقطعة بل يكاد يكون دائمًا إلا ويأتي في السورة ذكر للثناء على القرآن، السورة مباشرة بدأت تتكلم عن الكتاب، ماذا حصل له؟ أُنزل إليك، ما المطلوب منك اتجاه هذا الكتاب؟ أن لا يكون في صدرك حرج، ماذا يمكن أن يكون في صدر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفي صدر من يصلح للخطاب من حرج في القلب؟ ظهرت علامة استفهام ،سؤال مهم : ما هو هذا الحرج الذي يمكن أن يكون؟ سنسير في الآيات ، لن أجيب عن الأسئلة أنا سأتكلم عن طريقة نتبعها وأنا بدأت بطريقة السور ولن أتبعها ،سأتبع طريقة المواضيع لا السور فقط أشير إليها.

ورد في أول السورة كلام عن قصة آدم، وذكر في القصة موقف الشيطان، لو نظرت للقصة ستجدي أنه ما صور لنا في سورة الأعراف موقف آدم بل الذي ذكر بالتفصيل هو موقف الشيطان، ما الذي أخرج الشيطان؟ أنه وقع منه التكبر. ذُكر الموقف الأكثر على الشيطان وتكبره، للنتقل وسنجد في هذه السورة أيضاً مثل انظر آية  (175) {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}[48]

هذه القصة في سورة الأعراف ذُكر قصة آدم والنقاش الأكبر على إبليس وتكبره، ستجد مثل الذي آتيناه آياتنا ، ماذا فعل بها؟ انسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ما السبب في فعله ذكر؟ أخلد إلى الأرض واتبع هواه، يعني المثل أتى هنا للكلام عن إبليس وتكبره وستقابلنا قصة موسى لكن قبلها نروح إلى المثل، المثل وصف شخص يعلم وانسلخ نتيجة ماذا ؟ نتيجة إتباعه للهوى، اتبعه الشيطان بعده كيف المثل؟ واتل عليهم نبأ الذي أتيناه آياتنا ماذا فعل؟  انسلخ منها هو انسلخ منها ثم بعد ذلك اتبعه الشيطان، كأن الشيطان أصبح سنده ليس هو الذي متابع الشيطان، هو اتبع هواه
·                  في أول القصة يقال لك إبليس تكبر واتبع هواه وقع منه التكبر
·       ثم انتقل في الأخير إلى مثل يقال لك: عالم آتاه الله الآيات، ما منزلته من العلم؟ عالية فانسلخ لأنه اتبع هواه وأخلد إلى الأرض
·                  في الوسط أتت قصة موسى، لكن هنا في قصة موسى ذُكر السامريّ بالتفصيل .
 يعني السامريّ لم يُذكر في قصة موسى إلا في موطنين فقط ذكر في طه والأعراف، في الأعراف ذكر بالتفصيل، الآن ذكر لك إبليس وتكبره، وذكر لك مثلاً عن رجل عالم آتاه الله العلم وانسلخ بسبب متابعته للهوى، في الوسط ذكر لك قصة موسى والسامريّ بالتفصيل، إلى آخر آية في السورة ماذا ذكر؟ {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ}[49]

·                  وفي الأول قيل لك أن إبليس استكبر
·                  ثم قيل لك أن عالم اتبع هواه
·                  ثم في الوسط قبل ذلك قيل لك السامريّ وكيف وقع منه متابعة الهوى.
انظر للنصوص من قبل: بدأت السورة بالكلام عن القرآن ، انظر للآيات قبل، انظري آية (200 ) الكلام حول نزغ الشيطان وبعد ذلك:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ }[50]النزغ تذكروا وبعد ذلك حولهم قوم ممكن يمدونهم إلى أن تصل إلى (204 ) ({وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ }[51] إذًا أول السورة عندما ذكر فضل القرآن يجب أن لا يكون في قلبك حرج منه  وفي الأخير قبل أن يوصيك بالاستماع أمرك بالاستعاذة ثم طلب منك الإنصات وفي الأخير وصف لك الكُمّل من الخلق كيف أنهم لا يستكبرون.

أكيد أن هناك علاقة بين :
·                  القرآن
·                  وبين مرض الهوى
·                  والاستكبار
·                  والشيطان.
 لما تقرئي جيدًا السورة بالتفصيل ستجد أن السورة تكلمت عن مرض الهوى وبالذات الاستكبار ومتابعة (هوى النفس) ، الهوى مرض عام والاستكبار أحد مظاهر الهوى، إذا أردت أن تعرف الاستكبار تقول: يتبع هواه، إذا أردت أن تتكلم عن الاستكبار تقول: الذي يستكبر يرى الحق أمامه ويتركه ويتبع هواه.

لو ركزنا جيدًا مع أننا الآن مررنا في هذه الدقائق سريعًا ، سنجد في أول السورة ذم لإبليس لأنه استكبر وفي آخر السورة نجد مدح للملائكة لأنهم لا يستكبرون وفي الوسط تجدين كلاماً عمن اتبع هواه سواء كان السامريّ أو كان هذا العالم، فتفهم أن هذه السورة لو ركزت جيداً ستصور لك حال أهل الهوى وبالذات القوم الذين أصيبوا بالاستكبار عن الحق والقوم الذين طمعوا في الدنيا وبسبب طمعهم بالدنيا وتعلقهم بها استكبروا عن الحق مع معرفته.
 السامريّ يقال أنه عابد من بني إسرائيل ثم يأتي (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) ولا زال عالمًا، والمعلوم أن إبليس يعلم عن ربه فكأنه يقال لك لا تتصور أن علمًا يدخل إلى قلبك يكفيك، لابد أن يكون مع هذا العلم ذُلّ وانكسار، فليس من ملك العلم يستطيع أن يعالج قلبه، القلب مملوء اهواء، لابد أن يكون عندك انكسار وذُلّ لتعالج الهوى، كم من حامل للعلم كان علمه سبب لكبره (وقوعه في المرض والهوى).

المقصد باختصار شديد : تريد أن تعالج هواك وبالذات الاستكبار؟
·                  اعتكف على سورة الأعراف
·                  وقرأ وكرر وزد
·                  ولا تنسى القصتين التي أتت فيها
·                  لا تنسى المثل.
·                  ثم بعد ذلك كله افهم ما معنى حرج من العلم؟

 أن يدخل إلى قلبك العلم
ثم تتحرج أن تعيشه
تتحرج أن تنفذه
تتحرج أن تنكسر به
 فستتكبر عليه

ماهو الحرج؟
يجد الإنسان في نفسه حرج مما يعلم، ليس مباشرة الاستكبار لكن العبد الذي يعلم العلم ثم يجد في نفسه ضيق من العلم والانتفاع به والقيام به، مثلاً: أنت تعرف أن الناس ميزانهم عند الله ليس كميزانهم عند الخلق ثم تدخل على أحد ضعيف في نظر الخلق، وأنت أول نظرة إليه تشعر أنك أفضل منه مصيبة عظيمة تسرع إلينا، وعندك نصوص وآيات كثيرة تقول لك:
·                  ترى ذرة من كبر لا تدخل الجنة
·                  وأن الميزان عند الله ليس كالميزان عند الناس
·                  الفقراء يسبقون إلى الجنة، عندك

كل هذه النصوص وأنت في قلبك هذا المرض فتتحرج ويضيق بك المقام أنك تشعر أن تكون هذه أفضل منك، لا تقبليه وتعملين قائمة أنا عندي علم وهي لا أنا بنيت مسجد وهي لا، أعمل لنفسي قائمة لأخرج من الحرج تشعرني أنني لست أقل منها، فأُعلّل بالهوى المرض، المسالة صعبة جداً وأنا اخترت الأعراف كمثال لأنها عجيبة في معالجة هذا المرض لمن فهم، الخطاب لمن يصلح له الخطاب.
هذا القرآن يعالج الوجدان وقلبك مكان للأمراض، احذر: العلم وحده لا يكفي لابد أن تدخل العلم ويكون على أرض ذليلة على أرض منكسرة، لا تكون أنت مصاباً بالهوى فتستخدم العلم لهواك ونحن نفعل ذلك طول الوقت ولا نشعر. سأضرب مثالاً اجتماعيًا: عندي ضيوف وكتبت قائمة للزوج ليأتي بها، نظر لها فلم تعجبه فقلت له ((وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ))[52]! الدليل في مكانه، الأسبوع القادم هو عنده ضيوف وكتب لي قائمة من الأشياء يريد أن أطبخها فأقول: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}[53] ! وكلا الدليلين صحيح لكن أنا استعملهما استعمالاً نفعياً على هوانا، وعد ما نفعله عندما يكون هناك موضوع ولا أريد أن يعرفه أحد أقول ((مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ))[54] وإن أردت أن أعرف شيء أقول (من لم يهتم بأمر المسلمين ليس منهم) وهكذا وهكذا ممارسات، والمشكلة الذي أكثر فهماً يعني الذي انطبق الهوى في قلبه وهو أكثر علماً أكثر مصيبة في هذا الأمر، لأن عنده أدلة كثيرة ويفهم أين يستدل بهذا هنا وأين يستدل بهذا هنا، فيستدل بأدلة كثيرة لكن كلها على النفعية والهوى.

وتصور أن هذه صورة الانسلاخ من الدين، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ}[55] يقول أهل العلم: انسلاخه من معاني خروجه من التقوى، يخرج من التقوى مع بقاء المعلومات في عقله، فيستخدم المعلومات لهواه، والحل التقوى، سورة الأعراف تعالج الهوى، لو درست سورة الأعراف كما ينبغي فلما ترى نفسك تزيغ للهوى وأنت عندك علم فتقرأ:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} إلى أن تصل {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[56] المقصود هذا الذي تفهمه من السورة تأتي به لما يعمق فهمه وتذكر نفسك كل مرة تريد أن تستشهدي استشهاداً نفعياً متابعة هواك بالدليل، المهم أنت أنظر إلى قلبك. ومن أجل ذلك نقول: ترى قاعدة الدين التقوى، كم مرة مدحت التقوى في كتاب الله؟

بل كما ذكرنا سابقاً لما قلنا عن سورة الليل أنها سورة عظيمة وصفت الذي ييسر لليسرى: بثلاث أوصاف مختصرة، انظر لنفسك في الثلاثة وصوفات المختصرة، {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}[57] ولتفهمها أفهم عكسها، ما وصفه؟ {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى}[58]، واحد يتقي وواحد يستغني، انتبه تأتي لحظات كثيرة يقع منا استغناء عن الله ونحن لا نشعر، لتكون من أهل اليسرى آتي بثلاثة صفات، ماذا تفعل؟
أعط + واتق + وصدق = سييسرك الله للتقوى

الثلاثة هذه: انظر للتقوى ومكانها وعظيم آثرها كيف
 تسبب التيسر لليسرى، لو فهمت التقوى جيداً ستجدها
 تشمل كل الحياة.



ردًا على إحدى الطالبات: طبعًا نتيجة كلامنا عن الكبر وفلانًا أحسن مني أو أنا أحسن منه، أحيانًا يحدث مع أولادنا، أن ولدي خامل وعنده طلاب في الفصل وحتى أجعله أفضل أقول أن فلانًا ليس أفضل منك، هذه الجملة نحن اعتدناها زمناً طويلاً، وتكلمنا بها بسهولة ولم نشعر بمردودها على المدى البعيد ماذا يكون، هذه المسألة ليس لها علاقة بالمقاصد، أنا لا أقصد أن يتكبر، لكن مردودها أن يتكبر، وأنت تعال لأي أحد وقول له ترى أنت فلان ليس أحسن منك يعني أنت أحسن، ما الذي سيقع في قلبه؟ تعال لفتاة وصديقتها وقول: ترى فلانة ليست أحلى منك ستشعر أنها أحلى، سيسبب لها النشوة في القلب (مشاعر)  هذه هي البذرة التي ألقيها، وتصوري هذه الجملة تقال في السنة مثلاً خمسين مرة ماذا سيخرج، وبعدين خمسين مرة في توقيت  أرضه خصبة وفاضية وأنا ألقيها وكل فترة أقول ترى فلان ليس أحسن منك ترى ما في أحد في الفصل أحسن منك ماذا سيحصل؟ لكن غابت عبادة الاستعانة الذي هذا مكانها، فجاء بدلاً منها بدائل ضعيفة، وأنا دائمًا أكلمه عن {إياك نعبد وإياك نستعين}

على كل حال القصد صحيح لكن الطريق فاسد، وهذا الطريق الفاسد هو الذي افسد علينا كثير من الناجحين عندي كثير أطباء ومهندسين ومعلمين لكن إن اجتمعت ببعضهم تشعر أنهم يحتقروك طول الوقت، طبعًا لا أقصد الكل أنا أقصد البعض، لماذا؟ هل يتصور شهادة الدنيا التي رفعته هنا عند الله سترفعه؟ ما المشكلة؟ أنه تربى على أن الذي في الأمام اسمه حروف يرتفع مكانه والذي ليس أمام اسمه حروف وضعيف وليس له مكان، تربى على ذلك وهو يحصد ثمن التربية. على كل حال الكِبر هذا مرض يصعب الكلام عنه وتفصيله، نسأل الله بمنه وكرمه أن يزيدنا إيمانًا وأن يجعل هذا الإيمان سبب لدفع هذه الأمراض.  لأن كلما زدنا احتكاكاً بالمجتمع كلما ظهرت أمراضنا، مثل الواحد جالس في مكانه  لا يشعر بألم قدمه لكن عندما يمشى يشعر بآلام قدمه وهكذا، والمنعزل عن المجتمع يظن في نفسه أنه خير فإن احتك بالمجتمع
·                  وجد نفسه يدخل على هذا
·                  يجد نفسه أحسن منه
·                  ويدخل على هذا يحسده
 وهو متصور من زمان أنه لا حاسد ولا متكبر إلى أخر ما نظنه في أنفسنا.


مرّ معنا أن العلم كلما زاد كلما شعر الإنسان بمرضه، وهذا يشهد له المثل المضروب في سورة الرعد {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }[59] .

ما أجبنا عن الحرج قصدت أن تعرفي اتجاه السورة كيف يسر؟ بدأت السورة بالكلام عن إبليس الذي تكبر وانتهت السورة بالملائكة فكأنه يقال لك احذر أن تكون مثل ذاك وكن مثل هذا، ولا تعلل كل تعبك على إبليس فالذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها واتبعه الشيطان هو أولاً انسلخ ثم اتبعه الشيطان، ليس كل ثقلك تضعه أن إبليس فعل وفعل، فأنت أيضاً ممكن أن تكون أنت مريض كما وقع من السامري.

هذا نظر سريع لمواضيع السور وأنا اقرأ في السورة المفروض أشعر أكون دقيقة جدًا في الشعور بالانتقالات كم مرة قرأت سورة أولها يتكلم عن الأنبياء نوح ثم عاد أو بالعكس، وانتقل من نوح إلى عاد ولا أشعر أنها انتقالة ! فعندما تنظر للقرآن على أنه انتقالة على أساس أنه سور فأولاً حساسيتك تكون تجاه موضوع السورة وتأتين به من قوة ملاحظتك للانتقالات التي تحصل، وعلى ذلك سوف افتح سورة الأعراف مثلاً فألاحظ البداية عموماً والنهاية وألاحظ أمر مهم أيضاً كم قصة ذكرت؟
هل ذكرت أمثلة في هذه السورة أم لم يذكر؟
هل فيها وصوفات أم لا يوجد؟
طبقت المواضيع على السور ، أي اسم تكرر في هذه السورة ؟
 وهل تكرر اسم أو عدة أسماء مختلفة ؟

سأضرب مثالين الآن :
سأبدأ بالشعراء لأنها الأسهل والأيسر، وبعد ذلك أنتقل للحج. لنذهب إلى سورة الشعراء، انظر الآية التاسعة بماذا خُتمت؟ خُتمت بـ (العزيز الرحيم)  ثم أتى بعد ذلك قصة موسى، سنلاحظ أمرين الآن سنلاحظ بما ختمت الآيات وسنلاحظ ترتيب القصص.

لاحظي أن موسى ذكر أولاً، بماذا ختمت كل قصة موسى؟ آية 68 أجد أنها أيضًا ختمت بالعزيز الرحيم، وقبل ما يذكر موسى ختمت آية 9 بالعزيز الرحيم وكذلك قصة موسى، ثم أتت قصة إبراهيم عليه السلام؟ هذا لا يوافق الترتيب التاريخي وهل يمكن أن يكون الأمر كما اتفق؟ أكيد الجواب: لا.

ولاحظ في هذه المرحلة وأنا والقرآن ما عندي إجابات بعد، وهذا الذي يصعب علينا المسألة هذه الصبر، الواحد عندما لا يكون لديه صبر لا يعطي نفسه فرصة للسؤال، يجب عليك أولاً السؤال، الإجابة قد لا أجدها اليوم ممكن أن تجديها بعد ثلاث سنوات أو عشر سنوات. أتعلمين أنك كلما تسألين تتفكرين تعبدين الله؟! هل تعلم أن هذا نوع من العبادة تؤجر عليها، لأن قلبك مشغول بمعرفة معاني كلام الله. خطوط سريعة ووجبات سريعة حتى الناس أصبحوا يبنوا بناياتهم سريعة، فبناءً على هذه سريعة صارت النفوس ما عندها صبر لأن تحتمل العلم، الناس ستة عشر سنة تبحث عن مسائل، لابد أن يحدث نوع من الصبر.

على كل حال انتهت قصة إبراهيم عليه السلام، نلاحظ آية 104 قصة إبراهيم ختمت بـ (العزيز الرحيم)إلى نهاية السورة قصص تتتابع وتختم كل قصة بـ (العزيز الرحيم )، ملاحظة مهمة إذاً تكرر في سورة الشعراء الاسمين العزيز الرحيم بعد قصص الأنبياء صار عندي سؤالين:
السؤال الأول:
 ترتيب القصص لماذا أتى بهذه الصورة خصوصًا بين موسى وإبراهيم في هذا الموطن بالذات حصل اختلاف في الترتيب؟
والسؤال الثاني:
 لماذا بعد كل قصة يختم بـ (العزيز الرحيم )؟

هذا أثر الملاحظة أنه يتبين لك في سورة الشعراء كذا وكذا وكذا.
·                  هناك أسئلة سهل الإجابة عليها ستجدين من يجيبك عليها في التفسير مباشرة
·                  وهناك أسئلة ستحتاج مزيد من البحث.
 لكن انتبه يجب أن يحدث علاقة بيني وبين القرآن لا تنتقلي الى التفسير مباشرة واترك القرآن، أولاً تأمل كرر لاحظ كتاب الله بعد ذلك انتقل إلى التفسير.

في النهاية ستجد أن سورة الشعراء كرر فيها تسع مرات اسم العزيز الرحيم، لماذا تكرر؟
·                  ولماذا؟
·                  أتى الترتيب ؟
ننتقل إلى سورة الحج، نبدأ بآية 39 في سورة الحج، الأفضل من آية 58 وإلا سيطول بنا المقام، انظر الآية 58 انتهت بقوله تعالى :" وإن الله لهو خير الرازقين" 59 " وإن الله لعليم حليم "60 " إن الله لعفو غفور" اية 61 " وإن الله سميع بصير" 62 " وإن الله هو العلي الكبير" 63 " إن الله لطيف خبير" 64 " إن الله لهو الغني الحميد" 65 "إن الله بالناس لرؤوف رحيم" أكيد أن لها صلة ببعض!! تأتي في سياق واحد متتابعة أكيد لها صلة ببعض.

يعني تجد في كتاب الله :
·                  إما في سورة تتكرر اسم أو اسمين
·                  أو يأتي في سياق واحد مجموعة من الأسماء
 كلها هذه تحتاج إلى إجابات إلى ملاحظة، تأتي في سورة مثل سورة طه تجد اسم (الرحمن ) يتكرر 3 مرات، وفي الشعراء تكرر اسم العزيز الرحيم تسع مرات وفي الحج تجد صفحة بالكامل يوصف الله بوصوفات. كل هذا يحتاج منا ملاحظات، أكيد أن هذا السياق له علاقة ببعضه مع أنه في الظاهر لا يظهر لك في أول قراءة  لكن لو تأملت جيدًا سيظهر لك صلة، ثم سننتقل إلى التفسير. يعني لو قرأت هذه الصفحة في الحج دون أن يكون تركيزكم في القرآن أصلاً لن يظهر لك علامات استفهام ستقرأها هكذا وانتهى الموضوع، لذلك هناك مرحلة اسمها أنا والقرآن فقط قبل أن تفزعي للتفسير، ثم نتعلم كيف نستعمل التفسير، مشكلتنا أنه أنا والقرآن ليست موجودة كما ينبغي، لا يوجد ملاحظة أن السياقات قد تطول ثم يعود السياق مرة أخرى للموضوع الأول، ينفصل عقلنا عن المقصود، إذًا أول مرحلة لازم كلنا نشترك فيها أن يكون لي علاقة بيني وبين القران مباشرة علاقة بحث وتنقيب.

من هنا لغد أريد منك أن تقفي أمام سورة القصص فيها قصة موسى عليه السلام ، أريد أن تلاحظي عرضها في سورة القصص لاحظي انتقالاتها ولاحظي الخطابات فيها بحيث تكون نموذجًا لنا لملاحظة القصص.


 اللقاء الثالث ..

على قدر رعايتك لهذا الشهر وكل من أحب شيئاً وتعلق به استعد له واستبشر بقدومه، فلا بد أن يكون هناك استعداد حقيقي، ولا يُستعد لرمضان إلا بالإيمان، وللإيمان عوامل لزيادته وأيضًا هناك عوامل لنقصانه، لكن نحن في هذا اللقاء فقط تكلمنا عن عوامل الزيادة، لكن لابدّ أن نشير باختصار لعوامل النقصان للإيمان في هذا اللقاء وبين عوامل زيادة الإيمان وعوامل نقصان الإيمان هناك عمل مهم لابدّ أن نقوم به ونكون في غاية الدقة وهو المحافظة على ما حصّلنا من إيمان.

يعني نستعد لرمضان بالإيمان وهو يزيد وينقص هناك أسباب لزيادة الإيمان هناك أسباب لنقصان الإيمان لئلا تنتقل من أسباب الزيادة إلى أسباب النقصان أو تتعرض للنقصان يجب عليك المحافظة على الإيمان لا تضيعوا  إيمانكم معناه أن الإيمان ممكن أن يضيع بل تنبه جيداً إنك أنت أول ما تحصل ذرة من إيمان عدوك ينهض. سأضرب لك مثالاً من أجل أن تتصور: نذهب إلى العمرة في هذه الأيام، نطوف ونسعى، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، غالبًا كثير من الناس يشتكوا أنه بعد أن تنتهي العمرة يجدوا أنفسهم دخلوا باباً من أبواب الذنوب ما كانت تخطر على خاطرهم أن يدخلونها بعد العمرة. مثلاً: يصبح الشخص عصبياً وبعد ما يطوف ويسعى ثم يجلس في مكان فيتخاصم مع الناس حوله في بيت الله أو تروح بيتها وتنام عن الصلاة من التعب، بماذا تفسر هذه الأحداث؟ أن العدو بمجرد أن رأى زيادة الإيمان وأسباب الغفران هجم على قلبك من أجل أن تقع فيما يضيّع الإيمان، فكلما قمت بعمل صالح صارت عندك مسؤولية عظيمة وهي المحافظة على الإيمان الذي أتاك من وراء العمل الصالح.

العمل الصالح يكون ناتج أسباب زيادة الإيمان، واتفقنا أنها مجملاً ثلاثة أسباب:
1.              نتعلم العلم النافع
2.              ونتدبر
3.              ثم نعمل العمل الصالح، عملاً صالحاً
مبني على واحد تعلم وتفكر وتدبر أكيد يكون عمل يزيد إيمانه قوي، لكن العدو لا يتركك، وقتما يراك ازددت إيمانا ولو بمقدار ذرة يهيّأ لك يهيّجك لفعل يكون سبباً لنقص الإيمان، ولاحظ نفسك بعد الطاعة. فأنا الآن جمعت قلبي وبذلت جهدي أن أجمع قلبي في صلاة الظهر، ثم في صلاة العصر يقول لك الشيطان: يكفيك الظهر أنك أتقنته وبذلت جهدك وكنت جيّدة فيه فلا تتعب نفسك في العصر، فيوسوس لك بمشاعر تزهدك في الإحسان بالعمل الصالح، فعدوك يقطع عليك الطريق، ثم بالتدريج تتحول من أسباب زيادة الإيمان إلى أسباب نقص الإيمان.

ما المرحلة التي في الوسط؟
الذي يجعلني أتحول من تحصيل أسباب زيادة الإيمان إلى تحصيل أسباب نقص الإيمان هو أني وقت ما قمت بعمل المفروض يكون سبباً لزيادة الإيمان بعد أن انتهيت منه لم أبذل جهدي في حفظ إيماني وهذا أمر من الله ـ عز وجل ـ أن أحفظ إيماني، وسيمر علينا إن شاء الله نصله في الأمثال التي سنختارها في القراءة، ويأتينا أمره سبحانه وتعالى بأن نحفظ إيماننا،

ماذا يعني أن نحفظ إيماننا؟
يعني كل عمل صالح قمت به لن يتركك الشيطان تتمتع بأثره، ما أثر العمل الصالح في الدنيا؟ زيادة الإيمان والشيطان لن يتركك تتمتع بأثره وأثره  زيادة الإيمان.

ما المطلوب منا؟
المطلوب منا أن نركز بعد أن نقوم بالأعمال الصالحة على المحافظة على الإيمان.

في هذه الدورة لن نتكلم عن أسباب نقص الإيمان، سنتكلم فقط عن أسباب زيادة الإيمان بكلام مجمل وقد مضى معنا ، وفي الهامش نتكلم عن كيف أحفظ إيماني؟قمت بعمل صالح كيف أحفظه؟ أهم شيء في حفظ الإيمان، الذل لله والتوسل له أن يقبل العمل الصالح ، كم أغفلنا الشيطان عن التذلل للرحمن أن يقبل منا ضعيف العمل الذي نقوم به. نحن نقوم بعمل ضعيف، وهذا العمل الضعيف لن ينفعنا إلا إذا قبله الله، و لك أن تتصور إبراهيم ـ عليه السلام ـ يبني الكعبة مأموراً من الله، ويبذل الجهد هو وابنه فقط، ولا آلات ولا شيء، يأتون بالصخور من الجبال، ويتحركون مسافة طويلة من أجل الإتيان بصخرة مناسبة، ثم بعد الجهد هذا كله، يتوسلان لربهما أن يقبله، طيب هم عملوا أمرا أمروا به، وأحسنوا فيه ،لماذا يتوسلون أن يقبل منهم؟ لأن هذه الحقيقية لأنه ليس كل من عمل قـُبل، فمن التوفيق للمحافظة على الإيمان أن يقع في قلبك العناية بسؤال الله القبول. و(تقبل الله) هذه التي نقولها بعد المواسم كلمة أتت في مكانها لكنها تحتاج إلى قلب، فنحن عندما نرى بعضنا في العيد نقول لبعض تقبل الله، وهذه ليست كلمة تهنئة، هذه كلمة يجب أن يكون لها عمق في المشاعر أنني حقا ذليلة أمد الله في عمري وابلغني الشهر وعشتُ أيامه ولياليه ووفقت أن أصومه في مكان عظيم، وبعد هذا كله هل لي من هذا الجهد نصيب أم أنني أخذت نصيبي هنا ولم يُقبل عملي؟ هل دخل إلي الرياء وأنا لا أشعر، لو دخل الرياء ماذا أفعل؟ كل هذه التفاصيل التي أنا في غفلة عنها يجبرها كلها كلمة واحدة وهي أن تكون حريصاً على أن تتوسل إلى الله أن يقبل عملك و من ثم يبقى إيمانك.

إذاً من أجل أن نحافظ على إيماننا الذي أتانا من العمل الصالح لابد أن نطلب من الله أن يقبلنا، وهنا لا يصلح فقط اللسان، لابد من وجدان ذليل، لابد من مشاعر أن النعم التي أعيشها من أعظمها أني وفقت للعمل الصالح أن يشرح صدرك للعمل الصالح،  وإلا الناس في ظلمة ومن يعرف ربه في نور ولا الناس في ضياع والذي استقام في سيره إلى ربه هو الذي نجا، لكن من نجّاك أولاً وآخراً؟ ما نجاك إلا الله ما شرح صدرك للإيمان إلا الله، فوجب أن يبقى قلبك ذليلاً له سبحانه وتعالى وهو يستحق أن تكون بين يديه ذليلاً، تطلب منه القبول.

إذن هذه أول نقطة:كيف نحافظ على إيماننا؟
 أول ما نقوم بالأعمال الصالحة نتوسل إليه سبحانه وتعالى أن يقبلنا، وهذا الأمر ليس فقط في رمضان، نحن نتكلم من هنا إلى رمضان نحن نقوم ونصوم و نتلوا القرآن ونقوم بأعمال صالحة الآن، ونتدبر ونأتي إلى مجالس الذكر كل هذا لابد أن يكون في وسطه مشاعر توسل اقبلني يا رب. واحد يأتي ويقول: أكيد أنا على خير في الصباح أذهب مدرسة تحفيظ وأحفظ، في المساء أذهب إلى الدروس وأتعلم، وفي الليل أقوم الليل، من ذا الذي يسير على هذا السير ولا يفلح؟! نقول: هذا كله لا شيء لو لم يقبله الله ولا ينفعك إلا إذا قبله الله. إذاً كيف نحافظ على إيماننا؟ بعد ما قمنا بأعمال صالحة، يعني خروجك من بيتك ووصولك إلى هنا، حضورك في مجلس تحيط به الملائكة ويذكرك الله في من عنده، هذه من الأعمال الصالحة، لابد من الذل للقبول، لابد أن تشعر أنك محتاج بعد أن قمت بالعمل أن يقبلك الله، هذه الخطوة الأولى من أجل أن نحافظ على إيماننا.

نأتي للخطوة الثانية:
من أجل المحافظة على الإيمان لابد من محاربة مرض عظيم يصاب به الخلق وهو مرض العُجب، العُجب من مهلكات الأعمال. كيف نحفظ إيماننا؟ ندفع عن قلوبنا خواطر الإعجاب بالعمل، وخواطر الإعجاب بالعمل ممكن أن تتحول إلى كلام، ممكن تتحول إلى تفاخر، وممكن تكون مجرد مشاعر، فالعُجب قد يكون كلامًا، يعني أنا معجب بعملي وأتكلم.

مثال: امرأة وفقها الله ـ عز وجل ـ لحفظ سورة من طوال السوار، فطيلة الوقت تثني على نفسها، وكيف أنها فعلت هذا الفعل في مدة زمنية مع انشغالها بأولادها، وأي أحد يقول لها لا أستطيع أن أحفظ تقول له: انظر إلي كيف أنني فعلت وفعلت  وفعلت! هذا عُجب منطوق، وصل من قوته في القلب أن نطق به، أنتم ستقولون لي: يمكن ما كان قصدها؟ نقول: نعم صح هناك ناس يقولون مثل هذا الكلام جزمًا يقينًا ما يكون قصدهم، والله عز وجل يحاسب العبد على ما في قلبه، ولا نقول أن كل من يقول هذا الكلام شرط أن يكون معجباً بعمله، لكن أنت حافظ على إيمانك،  ولا تعرض نفسك لكلام يمكن مع الأيام أن يسبّب لك العجب في نفسك وأنت لا تشعر. الكلام على ما قام في القلب، العجب مرض يبدأ من عند القلب وليس من عند اللسان، أحيانًا جارتي أريد أن أشجعها أقول كلمة من دقائق فعلي هي الصحيح ألا تقولها، لكن أنا قصدي التشجيع وليس قصدي العجب، نقول: هذا الكلام صحيح، لكن بقدر ما تستطيع لا تعرض نفسك لأن يضيع إيمانك، نقول لك: هذا خطر، طيب نريد أن نشجع الناس!

سير السلف كافية للتشجيع أطلع أنت من الموضوع وإذا مرة قل: عندنا أخت في التحفيظ حفظت مثلك، هناك لا تقول أنا! حفظ الإيمان أمر صعب لابد أن يكون الواحد دقيقاً لا يضيع إيمانه، لأن الشيطان يريد منك هذه الفلتات ليدخل إلى قلبك الغرور، وبناء على هذا أرتب مسألة بعيدة يقول بعض السلف: لازال الشيطان في حُزن ما دام الإنسان يقول: لا أدري بما يختم لي. يعني يكون إنسان صالح وتقي وكل علامات الإيمان فيه ومع ذلك طول الليل والنهار خائف من خاتمته، كلما خاف العبد من خاتمته كلما حزن الشيطان، وقع الحزن في قلب الشيطان لماذا ؟ كأنه أغلق عليه باب العجب، وهو يعلم الشيطان أنه لو أدخل عليك العجب أذهب بك أنهاك أذهب عملك وأذهب كل ما قمت به ذهب عملك الذي أعجبت به، أما لو أعجبت بحالك فستكون مثل ذاك الرجل الذي عمل وعمل وبسبب ما معه من العُجب دخل النار.

العجب مرض خطير، المهم من أجل أن نحفظ إيماننا لابد أن نبعد قلوبنا عن هذا المرض، وطبعاً هذه النقطة الثانية مبنية على الأولى. وأنت مهما عملت ما عملت وباقي في قلبك قبلت أو لم أقبل لا أدري، لن تأتي لك اللحظة التي تعتقد نفسك أنك ذاك الذي قبل ولك مكانة، بل أنت تقول مثلي المفروض يفعل أكثر من ذلك، لأن العبد يحاسب على قدر ما أعطاه الله فلو أعطاك الله عز وجل شباباً صحة المفروض يكون عملك أكثر من عمل الرجل الضعيف، ولو أعطالك مالاً المفروض عملك يكون أكثر من الفقير، ولو أعطاك ذكاء وفطنة وفهماً المفروض جهدك واجتهادك وتعلمك أكثر من ضعيف العقل، ولو أعطاك لساناً طلقاً المفروض دعوتك إلى ربك تكون أكثر من العي الذي لا يستطيع أن يفصح عما في نفسه.

أنت فقط عدّ ما عليك من النعم وسترى عجبًا، وكيف أن فضل الله عليك كان كبيرًا، والواجب عليك أن تزيد ، ولا ترى أن ما قدمت فيه الكفاية، والله مهما عمل العبد لو ما قبله الله لا شيء، ومهما عمل لو قارنه بنعمة الله ـ عز وجل ـ سيكون لا شيء، لكن أقبل على ربك وأنت في حالين:
أولا: حال من التوبة المستمرة وهذه رقم ثلاثة من أسباب المحافظة على الإيمان، لأن كل عمل لابد يتخلله تقصير، فأنت بعد ما تعمل تتوب وتستغفر.

أسألكم بهذه المناسبة، ونحن في النقطة الثالثة: المجالس لما نجلسها ما دعاء ختمها؟ ((سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)) أتعرف أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما ورد في الحديث أنه أمر أن تـُختم كل المجالس حتى لو كانت قراءة قرآن بهذا الدعاء، ولذلك أخرج النسائي في سننه باب ما يختم به قراءة القرآن وأخرج هذا الحديث. نحن متى نستعمل هذا الحديث؟ عندما نجلس مجلسًا يُخاف من اللغو فيه. تصور أنت جلست وقرأت القرآن بعد أن انتهيت من هذا المجلس، يعني أنت والقرآن تقول هذا الدعاء وحتى وأنت لوحدك، لأن أي مجلس يقال في ختامه هذا الدعاء يختم إن كان على خير فعلى خير، المقصود الآن أنك تقول دعاء مثل هذا معناه أنت تستغفر الله بعد العمل الصالح، ومثله وأوضح منه خروجك من الصلاة واستغفارك ثلاثاً، واضح أنك كنت بعبادة.

فأنت تخرج بهذين الأمرين:
1.              التوبة وهي أحد أسباب المحافظة على الإيمان
2.              بالذل وبالرجاء أن يُختم لنا بخير، نقبل عليه ونحن راجين أن يختم لنا بخير.

ونحن نتكلم عن النقطة الثانية دخلنا إلى النقطة الثالثة، وقلت : وأنت تسير إلى ربك اطرد عنك مرض العجب، أنت تسير إلى ربك وأنت سائر في قلبك أمرين مهمين:
·                  طيلة الوقت تجدد التوبة والاستغفار وما يلحقها.
·                  ومن جهة أخرى ينظر الله إلى قلبك وأنت تحمل هم خاتمتك، بماذا ألقى الله؟

فالنقطة الثالثة: حتى نحافظ على أعمالنا نكثر من التوبة، كلما تبت واستغفرت كان هذا سبباً لحفظ العمل. يعني حتى سؤال الله حسن الختام هذا ليس سؤالا باللسان فقط، يعني هذه حال يمر بها القلب لا تنفك عنه، فطيلة الوقت وأنت قلبك يحمل هم اللقاء، كيف سألقاه؟ كيف يكون حالي وقتما ألقاه؟ وهذا هم ليس محزنًا ولا مخيفًا دائمًا، بل تمتزج فيه المشاعر بين الفرح والحزن والخوف، مثلما الخلق يواعدون عظماء، فأحدهم يقال له عندك موعد مع الملك ماذا يحصل في قلبه؟ كله مع بعضه مشاعر مختلطة، فهذه المشاعر المختلطة من فرح وحزن وخوف، هذا ما يجب أن يكون في قلبك لأنك ستلقى العليّ العظيم سبحانه وتعالى الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، فلمّا تفكر في لقائه، وطيلة الوقت وأنت تفكر كيف تلقاه لما ينظر الله ـ عز وجل ـ إلى قلب اعتنى بالتوبة المتكررة، وأصبح همّه كيف سألقى الله؟ هذا هو طريق السلامة مع الله، وليس طريق السلامة أن تكثر أعمالاً وتظن نفسك قد أصبت، هذا يؤدي بك إلى العجب.

مرة أخرى أقول النقاط الثلاثة:
نحن نناقش الاستعداد لرمضان بالإيمان، وقلنا أن هناك أسباب لزيادة الإيمان، وله أسباب نقص ، فعن اليمين أسباب زيادة الإيمان وعن الشمال أسباب نقص الإيمان، فانتبه وأنت مقبل على هذا الشهر الكريم أن تكون أخذت حظك من أسباب النقص، وإذا أكثرت من أسباب النقص سيأتي رمضان وتجد نفسك هلكت، لابد أن تأخذ أسباب زيادة الإيمان من أجل أن تقبل على هذا الشهر وأنت في أحسن حال.

في الوسط بين أسباب زيادة الإيمان وبين أسباب نقص الإيمان هناك عمل يجب أن تعمله حتى لا تتحول من الزيادة إلى النقص وهو المحافظة على الإيمان. يعني كلما كسبت إيماناً من أعمالك الصالحة التي تقوم بها كلما تراها ثروة تحتاج إلى محافظة، وقلنا هذا الكلام سنقوله في الهامش.

كيف أحافظ على إيماني؟
ذكرنا إلى الآن ثلاثة طرق:
أول طريقة: أنه أول ما تنتهي من العمل الصالح كان دقيقاً أو عظيماً، طرقت باب جارتك وسألت عن حالها وانتهى هذا النقاش وأنت في قلبك أصلاً لم تفعل هذا الفعل إلا ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِي جَارَهُ))[60] هذا نوع من أبواب زيادة الإيمان أن تكرم هذا الجار، انتهينا وكلمت هذا الجار وأحسنت إليها في الكلام هذا العمل يزيد الإيمان ماذا تفعل بعد ما انتهى هذا النقاش البسيط؟ أن تسأل الله أن يقبل لك هذه الخمس دقائق التي فعلت فيها فعلاً يحبه الله.

أنت الآن تخرج من بيتك إلى هنا وتخرجي من هنا، وأنت قادمة مهم جداً أن تحرر لماذا تأتي؟ وأنت خارجة انتهى الموضوع الآن ماذا ستفعلين؟ تسألي الله أن يقبل منك حبس نفسك ثلاثة أو أربعة ساعات من أجله، حبست نفسك عن محابك وجلست في مجلس تعلمين أنه مجلس يحبه الله، لماذا يحبه الله؟ لأن فيه ذكره، وأنت لم تخرج إلا لأجل أن تذكره، وتحيط بك الملائكة ويذكره الله في من عنده، فتسألي أن يقبل منك هذا العمل فأحفظ إيماني بأني كل ما قمت بعمل اسأل الله القبول، ولا تسأل عن قلب غافل عن هذه المسألة، لأن هذه الغفلة لا دليل على أني لا أحفظ إيماني، أنا أكلمك وأقول لك: لا تجعل الإيمان عمل من المعتاد القيام به أعمال الإيمان فقط عمل ونقوم به وانتهى ونرميه وراءنا لا يصح، لابد أن أشعر أن التوفيق الذي حصل لي أن أقوم بعمل صالح شكره أن أتذلل أن يقبلني الله عز وجل، اعتني بالعمل الصالح في ابتدائه واعتني به في نهايته، وكل مرة اسأل الله القبول بعدما أنتهي من العمل الصالح، وكلما سألت الله القبول كلما فتح لك أبواب وشرح صدرك للأعمال الصالحة كلما قوي ذكرك له سبحانه تعالى.

ممكن مع كثرة الأعمال الصالحة يحصل في النفس العُجب، فنقول: من أسباب المحافظة على الإيمان محاربة أمراض القلب عمومًا وعلى الخصوص مرض العجب، فلو تبرع العبد بمثل جبل أحد ذهبًا وهو يريد الناس كان هذا عليه عذاب، طيب لو تبرع من أجل الله ثم وجد نفسه فخورًا بما فعل كما يعبرون، ويرى نفسه أنه أنجز إنجازاً ما أنجزه غيره، هذا يسبب أن هذا الجبل الذي مثل جبل أحد يصبح ولا مثل الحصى في ميزانه!! ذهب بل وهو آثم، فانظر كيف يُذهب الإنسان عمله الصالح يُذهب إيمانه بمثل هذا المرض، إذاً تذلل لله واطلب منه القبول، وإذا شرح صدرك للأعمال الصالحة فكن حذراً من العجب، والذي يسهل عليك أن تكون حذر من العجب أنك تنسى الأعمال الصالحة لا تعمل لك قائمة أنا ذكرت أنا سبحت اليوم مئة مرة وذهبت وبنيت مسجد أنا فعلت لا تعمل قائمة لا تحصي على الله، إذا أردت أن تحصي أحصي ذنوبك أما أعمالك الصالحة كن على يقين أنها لا تضيع.

ونسيان العمل الصالح هذا أحد أدلة الذُّل لله، فلما تنسى ما مضى من الأعمال الصالحة أنك فعلت وفعلت ، تنساها نسيان تفاخر يعني كلما نسيت كلما دل على ذُلِّك لله ـ عز وجل ـ . انسي الماضي، لا تحسبي ما شاء الله لي خمس سنين أتصدق على فلانة لا نريد الذي في الوراء انسيه، والذي في الأمام فكري نفسك أني أخر الشهر لا أنسى أني افعل كذا هذا في المستقبل، لكن على الماضي ما تحسبي كم سنة وأنت تتصدقي مثلاً، النسيان المقصود على ما مضى.

الأمر الثالث من طرق الوصول إلى المحافظة على الإيمان: التوبة. أكثِر من التوبة، كل ما تبت وصدقت توبتك حتى سيئاتك تتحول إلى حسنات!! فيزيد إيمانك.

على كل حال تـُعد إلى عشرة أسباب للمحافظة على الإيمان، لكن يكفينا هذه الثلاثة في هذه العجالة. الكتب التي تتكلم عن زيادة الإيمان ستتكلم عن المحافظة على الإيمان، مثل كتاب الشيخ عبد الرزاق البدر الذي يتكلم فيه عن أسباب زيادة الإيمان وفي ضمنه كلام عن المحافظة على الإيمان.
انتهينا من المحافظة على الإيمان.

نعود إلى أصل موضوعنا، ذكرنا أسباب زيادة الإيمان على وجه الإجمال وتوقفنا عند أول سبب وقلنا أنه أهم سبب وهو العلم النافع، وذكرنا أن العلم النافع له رأسان لا ثالث لهما:
·                  أن تنكب على كتاب الله.
·                  وأن تعتني بسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
واتفقنا أنه في المقدمة سنعتني بكتاب الله، خصوصاً أن قيام رمضان وأوقات رمضان لابد أن تكون عامرة بقراءة كتاب الله، ولا زلنا نقول: تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة،الذي ستجمعه في الرخاء من فهوم ستتبين لك وبسرعة وأنت في وقت الشدة، يعني بدل ما تكون في رمضان تبحث ما معنى هذه الكلمة؟ اجعل هذا العمل في الرخاء، عندما تأتي الشدة ستجد هذا الأمر له أثر عليك.

واتفقنا على آخر كلام نظر وهو كلام قتادة رحمه الله، قال قتادة رحمه الله: ”ما جالس أحد كتاب الله إلا قام عنه إما بزيادة أو نقصان“. متى تأتي الزيادة من كتاب الله؟ عندما تكون شديد الملاحظة، عندما تفهم أن هذا القرآن يخاطبك لا يخاطب الناس، عندما  تسمع مثلاً عن بني إسرائيل وما تعتقد أنك تسمع تاريخاً، أنت تسمع عن بني إسرائيل من أجل أن تحذر أن تكون فيك صفة من صفاتهم السيئة، أو تسمع عن بني إسرائيل في أول الأمر وترى كيف أن الله فعل بهم وأعطاهم وإلى أخره.

أنت تسمع عن الأقوام ليس من أجل أن تقرأ تاريخًا مجردًا! أنت تعرف الله هنا، وهذا أهم ما في القرآن من أوله إلى أخره القرآن من أجل أن تعرف الله الذي أنت له عبد، ألا يجب على العبيد أن يعرفوا سيدهم ومالكهم؟! يجب عليهم من أجل أن تستمتع بعبوديتك، ترى أنت في العبودية عبد، لكنك لابد أن تعتز بعبوديتك له، عبودية الخلق للخلق عبودية مصّ دماء يعني لو واحد عبد لواحد يمص دمه، لكن عندما تكون عبد للملك العظيم إنما هي عبودية تستمتع فيها، يقال لك: أي هم ضعه عند بابه، أي حاجة اسأله، أي أمر تريده في نفسك أو في أبنائك  اسأل الملك الذي يملك كل شيء ويعطيك، يقال لك: فقط قل: حسبي الله وكفى، يعني هو كافيني وحسبي ومرادي عنده، فهذه عبودية شرفـ أن يقال لك: لا تحمل هم أي شيء، فقط أنت فقط أطعه وسترى آثار طاعته أنه يغنيك ويشرح صدرك وييسر لك أمرك ويبعدك عن الضلال ويوصلك إلى الهداية، بركات تنزل {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}[61] لماذا هذه الآية بعد هذه الآية ؟لماذا الخبر الذي أتانا أننا خلقنا ليعلم الله أينا أحسن عملاً بعد أن أخبرنا بأنه له ثلاثة صفات:
·                  أنه تبارك ينزل البركات .
·                  وأن له ملك كل شيء
·                  وأنه على كل شيء قدير.
يعني يقال لك: أن هذا الملك العظيم الذي وصفه أنه على كل شيء قدير والذي ينزل البركات اختبرك هل تتعلق به وتطلب البركات منه أم يتشتت قلبك؟ واختبرك بأن هذا الأمر غيب لكنك ترى آثار كمال صفاته.

الإنسان بدون القرآن يرى آثار الكمال في كل شيء لكن لا يعرف يترجمها، بالقرآن سيترجم الإنسان ما يشعر ويرى ويتيقن من آثار الكمال في كل شيء هناك كمال:
·                  في أفعاله فيّ كشخص
·                  في أفعاله في الكون
·                  في خلقه سبحانه تعالى

كل شيء فيه كمال، أنت لا تعرف تترجمه إلا إذا عرفت الله من كلام الله. بمعنى مثلاً: واحد متخصص في التشريح وعندما يشرح جسم الإنسان يرى عجبًا من دقة الصنع، لو لم يكن يعرف ربنا ينظر له ويقول: أكيد الذي صنع هذا الصنع له صفات كاملة أنه كذا وكذا وكذا، هذه الصفات التي رأى أثرها في المصنوع لو فتح كتاب الله سيجدها بينة واضحة وصف الله بها نفسه، فماذا يجب أن نفعل؟ عندنا نقطتين:
·                  أتعلم العلم النافع أولاً
·                  ثم أرى في الكون
 لماذا؟ لأن كلما أخذت وتعلمت من كتاب الله كلما بدأت أفسر صحيح كل الأفعال وأعرف انسبها إلى الله، وهذه عندنا مشكلة عظيمة في نسبة الأفعال.

ما موقفي أولاً من أجل أن أقوم عن القرآن بزيادة؟
 لابد أن أنظر للقرآن على أنه كتاب خوطبت به، وأن المطلوب أن أعرف الله من كتابه، والله عز وجل عرفني بنفسه وهذا أول مبحث وأهمه كما اتفقنا، أن أول مبحث وأهم موضوع نهتم به ما ورد عن الله ـ عز وجل ـ من أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى.

من المواضيع المهمة: أن الله عز وجل بعد ما أخبرني عن صفاته أراني آثارها في القوم الذين مضوا، أراني كيف يعامل المؤمن ويعامل من كفر، يعامل من استغاث به ويعامل من أعرض عنه، إذاً ستجدين في قصص القرآن آثار صفات الله ـ عز وجل ـ. يعني القرآن هذا كتاب تعرف الله به تعرفه بأسمائه وصفاته وأفعاله، تظهر لك في ثنايا القصص كيف أنه يعامل خلقه، يظهر لك أيضاً في ثنايا الأمثال وترى علمًا عظيمًا، ويظهر لك في ثنايا الأوصاف التي وصف بها أهل الإيمان أو وصف بها أهل الكفر أو وصف بها الناس على وجه العموم.

النقطة التي سنهتم بها ما هي؟
·                  أسماء الله ـ عز وجل ـ وصفاته.
·                  ثم ثانياً بالقصص في القرآن.

أنا الآن أريد أن أصل إلى أن يكون القرآن سبباً لزيادة الإيمان، فماذا أفعل؟
أول شيء، هناك عبادة اسمها عبادة التدبر، ويجب أن تفهمها جيدا حتى لا تصبح هي بنفسها مشكلة علي، لأن نحن الآن نقول: يجب علينا أن نتدبر القرآن، ما هو فعل التدبر؟ فعل التدبر أصلاً أن تأتي بالكلام الذي تسمعه من أوله لأخره ومن أخره لأوله، يعني التدبر من دبر الشيء، أي من نهايته، ترده من أوله إلى آخره ومن آخره لأوله، أي تقلبّه في عقلك مرة واثنتين وثلاثة ، فهل نحن نفعل هذا الفعل أم مباشرة أول ما أقول أريد أن أتدبر نفتح كتاب التفسير ؟ غالبنا عندما يريد أن يتدبر يفعل ذلك، نقول: لا أخطأت. نقول: أخطأت، أولاً أنت والقرآن، يجب أن أعرف أصلاً أنا عن ماذا أبحث؟ يجب أن تمسك كلام الله نفسه وتقرأه مرارًا وتكرارًا إلى أن يتبين لك الأمر، لا نريد أن تفسر، لكن فقط نريد أن تظهر لك علامة استفهام. غالبنا يقول: فتحت التفسير وما فهمت، ولم أخرج بالنتيجة المطلوبة، لماذا؟ لأن عقولنا لابد فيها أن تفتح علامة استفهام أولاً ثم نجيب عليها، لكن أنا أصلاً ليس حاصل لي أن أعرف ما الشيء الذي أبحث عنه.

سأضرب مثلاً: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}[62] السؤال يقول القرآن هدى للمتقين فقط أو هدىً للناس كلهم ؟ يعني أنا ما أهتدي به إلا إذا كنت متقيًا أو هو الذي سيوصلني للتقوى؟ الله عز وجل يقول { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } يعني المفروض تأتي ومعك تقوى. هذا من المحفوظ الذي كل الناس يحفظونه أول خمس آيات في سورة البقرة غالب الناس يحفظونها، هو هدى للمتقين، هل آتي ومعي تُقى ثم ينفعني، أم منه سيأتي التقى؟ وهذا السؤال يفهمك ماذا يحدث، كثير من الناس تريد ابنتها أن تهتدي فتأخذها لمدرسة تحفيظ وتظن أن بمجرد دخولها مدرسة التحفيظ ستكون النتيجة الهداية، ثم تشتكي الأم وتقول: ما زالت كما هي، هي تظن أن هذه المدرسة أو هذا الحفظ هو الذي سيأتي بالنتيجة.

انظر ماذا يقول صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: " تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن"[63] هذا يفسر لك كلامهم ، يعني الإنسان يأتي وفي قلبه تعظيم لله، تعظيم لكلام الله، لو أتيت وفي قلبك تعظيم لله وتعظيم لكلام الله سيكون كلام الله هداية لك. لو هذا الشخص ليس معه قبول للإيمان سيستخدم هذا الجو فيما يريد وعلى هواه، وقد يُفسد لي الجو. الجماعة الذين في المدارس ويمارسون يعرفون هذا الكلام جيداً، نعم الخلطة لها أثرها، لكن لابد أن يكون في القلب شيء من الإيمان.
·                  نحن لا نريد أي شيء  نريد تعظيمًا للقرآن
·                  شعور أن هذا القرآن هو كلام الله
·                  شعور أنه يهدي للتي هي أحسن، يهدي للتي هي أقوم
·                  (شعور ) وبعد هذه المشاعر يهتدي الإنسان.

وهذا ليس كلامي، الله عز وجل يقولك { الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } يعني سيكون سبباً للهداية على قدر تقواك هذه القاعدة الأساسية: كلما زدت تقوى كلما زاد هدايتك بالقرآن.  المثل مضروب لسؤال الاستفهام، المفروض أن هذه الآية تثير استفهامي، أن المفروض أدخل على القرآن بماذا؟ هذا القرآن هدى لمن؟ مثلا: أنا مقبل وأريد أن أتدبر، لا تتصور أنه سيُفتح لك أبواب في فهمه وأنت ما قدمت بين أبواب فهمه شيء من الُتقى، يجب أن يكون لديك شيء من التقى تتقي الله، وكلما زدت تقوى كلما فتحت كلام الله وشرح الله صدرك وأفهمك، لذلك كثير من الناس تقول: عندما نقرأ القرآن في رمضان كأننا نقرأه أول مرة، وهناك آيات تمر علينا وكأننا أول مرة نقرأها، لماذا؟ لأن جو من التقى حصل في رمضان سبب للإنسان انشراح الصدر.

أولاً مهم جداً أنا والقران نريد سؤال استفهام ولا نريد إفتاءات وواحد يقول: أنه تبين لي من خلال قراءة، نحن فقط نريد الذي موجود في كلام الله، لا نريد تفسير الآيات ما وصلنا إلى هذا، فقط نريد أن نلاحظ يصير عندي علامة استفهام.
الآن مفروض يصير عندي علامة استفهام في موطنين:
·                  أسماء الله
·                  والقصص في القرآن.
أنا الآن أناقش المسألة من جهة الموضوعات، أي: نحن اتفقنا على خمس موضوعات سنهتم بها على المدى الطويل

أولاً سنهتم بموضوعين:
·                  أسماء الله عز وجل وورودها في كتاب الله .
·                  والقصص في القرآن .
وسنضرب أمثلة على هذا وهذا.

في أسماء الله عز وجل وصفاته وأفعاله هناك عبادة عظيمة لابد أن نقوم بها، وهذه العبادة لا تحتاج إلى تفسير ولا لغيره، فقط تحتاج أن تركز وأنت تقرأ كلام الله.  سنبدأ بالأولى، أنا والقرآن، لنضرب مثال في سورة الروم  آية 21،22، 23، 24 .

الآن أنا سألاحظ ثلاثة أمور :
·                  أسماء الله
·                  صفاته
·                  أفعاله.
وسأرى آثار هذا علي، يعني أي عبادة هذه التي سأعبد الله بها وقت ما أصل لهذه النقاط؟ في الآية 21 ما هي الآية التي يلفت الله نظرنا إليها؟ لتسكنوا إليها؟  {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} يعني كل ما رأيت كيف الله عز وجل جعل في الحياة الأزواج وأنزل هو سبحانه وتعالى المودة والرحمة بينهم، وأن العقل المجرد يقول: أن شيئًا تحتك به وقتاً طويلاً ستمل منه، ممكن كثير من الصغار الذين لم يعيشوا هذه الحياة تقول: كيف يبقى زوجي طول هذه الأيام؟  تتصور أن طول المدة يسبب الملل، المنطق يقول لأن  يسبب الملل لأن من عادة الإنسان أن يمل، لكن لابد أن تعرف أن الزواج آية من آياته وأنه سبحانه وتعالى هو الذي ينزل المودة والرحمة، انظري أخر الآية: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} يعني هذه المسألة تحتاج إلى تفكر: كيف الله عز وجل يعمر البيوت رغم اختلاف الطباع؟ كيف يجمع هذا مع هذا؟ كيف يجتمعون ثم ينسجمون مع اختلاف طبائعهم وتفكيرهم؟ كيف يتحول الأمر إلى أمر طبيعي ويقبله كل الخلق؟ مثل هذا يحتاج إلى كثير من التأمل ، ولا نحن في أول الحال اثنان أخوان طباعهم مختلفة لا يستطيعوا أن يجتمعوا في مكان واحد، لكن انظر كيف الله ـ عز وجل ـ يلائم بين هؤلاء لدرجة أن كثير من الأزواج تجد أن كلامهم أصبح أسلوب واحد، تجد أحيانًا أنهم ينسجمون انسجاماً تاماً، والذي سبب هذا الله آية من آياته سبحانه وتعالى تحتاج إلى تأمل وتحتاج إلى تفكر، لكن من يتفكر؟ الذي يفهم جيداً، يعني كل مرة سنرى أزواج سنقول: ما جمعكم إلا الله، ولا ألف بينكم إلا الله، ولا أبقى بيوتكم إلا الله هنا سنعبّر بتوحيد الربوبية.

الآيات التي بعدها الآن : {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} ومن آياته خلق السموات والأرض ..ثم اختلاف ألسنتكم : يعني اللغات، كلما سمعت وخصوصًا في الحرم الناس يتكلمون بلغات مختلفة بدون تعلمك للآية تقولين: سبحان الله، لكن لما تتعلمي هذه الآية ماذا سيقع في قلبك؟ ترددين الآية {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} وقت ما تسمعي هذه الأصوات المختلفة تقولي: يقول سبحانه وتعالى في سورة الروم { وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ } هذه من آياته سبحانه وتعالى وتسبحين. العاميّ الذي ما عنده تدبر يمكن أن لا يلفته وإذا لفته ممكن أن يقول سبحان الله، لكن أنت التي تعلمت تجيبين الآية يقول سبحانه وتعالى في سورة الروم كذا وكذا." وَأَلْوَانِكُمْ " نفس الكلام كلما رأيت لونًا كلما اعترفت أنه والله ما أعطاك هذا اللون إلا الله، يعني تحرير توحيد الربوبية في مواطنه، والربوبية هي أفعال الله، الله ـ عز وجل ـ رب له أفعال أين أفعاله؟ في كل شيء.

المطلوب منك توحيده وله قاعدة عامة كل الناس معترفين أن لهم رب إلا الملاحدة اتركيهم، أنت الآن تزيدين عن هؤلاء الناس حتى أهل الإسلام بمرحلة اسمها تحرير توحيد الربوبية، ما معنى التحرير؟ يعني كل موطن تجدين فيه آية من آيات الله تدل على فعل من أفعاله تأتي إليها وتفردين الله بها، تقول: ما علّم الناس الألسنة المختلفة يعني اللغات المختلفة إلا الله،  يعني تفرديه بالفعل، إفراد الله بأفعاله هذا توحيد الربوبية، فانظري إلى الأفعال التي ذكرها تعالى في كتابه سبحانه وتعالى وافرديه بهذه الأفعال:
·                  ما جعل هذه العوائل تقوم إلا الله
·                  ما خالف بين هذه الألسنة وجعل هؤلاء يتكلمون هذه لغة وهؤلاء يتكلمون هذه اللغة إلا الله
·                  ما غاير بين الألوان إلا الله.
انظر هذا التحرير وهذا كله معتمد على أنك قرأت آية ورأيت أفعال الله ثم صادفتيها في الكون ثم انتقل عقلك إلى الآية التي قرأتها، الآن رأيت ألوان مختلفة ورأيت ألسن مختلفة في الكون عقلك ينتقل إلى الآية التي قرأتها في سورة الروم وتردي على نفسك والله ما غاير بين ألوانهم إلا الله وما غاير بين ألسنتهم إلا الله ولا أعمر بيوتهم إلا الله. هذا كله اسمه توحيد الربوبية، المشكلة أن نحن حتى في أنواع التوحيد الناس يحفظونها تقول ما توحيد الربوبية يقولون توحيد الربوبية إفراد الله بأفعاله طيب ما أفعاله؟ أفعاله هذه التي أنت تعيشها ليلاً ونهاراً. يعني في سورة الليل مر معنا والليل إذا يغشى كل مرة الناس يستمتعون بها بالغروب ومنظر جميل المفروض هنا يحصل توحيد الربوبية، يعني تقول هذه الشمس عبد خلقه الله وهاهي تغرب بأمره، وهاهو الليل يغشانا بأمره، ما غشانا الليل إلا من فعله.

فانظر الآن عندما تمارس هذا ليلاً ونهاراً مع النصوص أي غفلة ممكن أن تصيبك؟ المفروض لا تأتي هذه الغفلة لأنك أنت تقرئين أفعاله وتنقل هذه الأفعال للحياة التي تعيشينها ثم كل مرة تمر عليك تنبهي نفسك أن هذه الآية قرأتها في كتاب الله. الختمة الأولى فهمت أنه يرسل السحاب ما ركزت في أي موطن، في الختمة الثانية سأركز تمام هذه الآية وردت في سورة كذا، وكلما تمرنّت على أنك تأتي على أفعاله سبحانه وتعالى وتأخذ الآيات التي وردت فيها وتعايشها وتفردي الله ـ عز وجل ـ بها كلما قوي في قلبك الإيمان، لأن هذا التوحيد، توحيد الربوبية، أصلاً ما هو الإيمان بالله؟ الإيمان بالله هو أنواع التوحيد الثلاثة، تؤمن بالله يعني توحده ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، هذه هو معنى الإيمان بالله، إذاً معنى ذلك من أجل أن تزيد إيمانك بالله تعال لتوحيد الربوبية وحرره أي خرّجه من المحفوظات إلى الواقع.

لنرى الآية التي بعدها {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}
النوم آية من آيات الله ، في الواقع الناس مهما دافعوا النوم يغلبهم هذا يعني أنه آية من آياته مهما كان الإنسان قويًا ومهما كان الإنسان منظمًا ومهما كان الإنسان لديه شيء مهم مع ذلك ينام تغلبه هذه الآية، فنومك بالليل آية من الآيات، فتصوري كل مرة ينام الناس في الليل وتجد أنه شيء  طبيعي أن يناموا، ماذا تجد في قلبك؟ تجدين في قلبك أن هذه آية ما كان النوم يغلبك هذه الغلبة إلا لأن الله جعله عليك آية، ولا أنت تقول سأقاوم وسأبذل جهودي وسأقاوم، انظر مهما قاومت في النهاية ستنام كلنا معترفون بهذه الآية كلنا نشعر بها فيحصل النوم في الليل وجزء منه في النهار وابتغاء الفضل في النهار .

الآية 24 {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} إذًا البرق : الناس يتعلمون أنه ظاهرة طبيعية أنت المطلوب منك أن تحرر المسألة تحريرًا إيمانيًّا، فالبرق هذا آية من آياته يعني فعل من أفعاله أن الله ـ عز وجل ـ  يرينا البرق، يعني فعلًا من أفعاله أنه يرينا البرق كما أن فعلًا من أفعاله يرسل الرياح، كما أن فعلاً من أفعاله يغشانا الليل، يعني أنت الآن أمام أفعال يجب عليك تحريرها، تحررها بمعنى إنك تأخذها من الآية القرآنية وتنقلها إلى الواقع وكلما رأيت الآية الكونية راجعت الآية القرآنية وأهم شيء أنك كلما تراجع توحد الله تقول : ما أتى بهذا البرق إلا الله.

نفس الآية : {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} الآن كل مرة ينزل فيها المطر المفروض أن يقع في قلبك توحيد الربوبية، ما أنزل المطر إلا الله، تقولين أنا مؤمنة بهذا كله على وجه الإجمال نقول هذه مشكلتنا مع الإيمان نتصور أن الإجمال كافٍ فيه، من قال لك أن الإجمال كافيًا؟ الله ـ عز وجل ـ لو كان الإجمال كافياً كان أراك المطر مرة والبرق مرة والنوم مرة، لكن هذه الآيات تتكرر عليك من أجل كل مرة تتكرر عليك يزيد أنت في نفسك توحيدك أنه لا يفعلها إلا الله. ما الذي مات في قلوبنا؟ إفراد الله بأفعاله، لدرجة أني لو سألتك الآن السفينة التي تسير في البحر كم مرة اعتقدت وراجعت اعتقادك أن الله هو الذي أجراها؟ كم مرة قلنا لنفسنا ترى ما أجرى هذه السفينة في البحر إلا الله؟ أين الآية في كتاب الله؟ هاتوا مكانًا واحدًا فيه الآية في أي سورة ؟ موطن البقرة.

المراد أن هذا الفعل التي يحصل أخبرك الله عنه أنه من أفعاله المطلوب منك كل مرة ترى هذا الفعل توحّد الله به ما أجرى هذه السفينة إلا الله، والله ـ عز وجل ـ في كتابه يقول في سورة البقرة في سورة الروم قي سورة الشورى هذا الذي ستخرج به بنتيجة من جمعك هذا، كلما تقدمت في هذا المفهوم كلما بدأت تتيقن، كيف يأتي اليقين؟ اليقين لا يأتي بالمعاملة بالإجمال لآيات الله، لأن المؤمن بالإجمال عنده إيمان لكن إيمانه ضعيف، لكن المؤمن بالتفصيل سيكون نوع إيمانه قوي، لذا لابد من استغلال أذهانكم.  عارفين الشاب الذي نشأ في طاعة الله كان في شبابه إيمانه فيه تفصيلي، لم يضيع زمن الشباب في أشياء لا علاقة لها بالإيمان، انفق شبابه في أن يزيد إيمانه إيمانًا تفصيليًا.

ما هو الإيمان التفصيلي؟ هو الذي نشرحه تأتي لكل آية من الآيات التي تدل على أفعال الله تأتي لها تحررها، لا نريد في ختمة الشهر القادم فقط، أنت كم عمرك؟ كل مرة تختم فيها كل مرة زد ابحث عن أمر واستقصيه في كتاب الله ستجده واضحًا.

التوحيد أنواع سأبدأ بتوحيد الربوبية: الأمثلة التي نضربها الآن تحرير لتوحيد الربوبية، أحرره من الأوراق والأقلام أخرجه يعني توحيد الربوبية أصبح مسجونًا في تعريفه: إفراد الله بأفعاله ، ما معناه؟ خالق ومالك، أنا أريد منك وأنت  تمارس إفراد الله بأفعاله تأتي لأفعال الله وتقول ما فعله إلا الله، كن واضحًا مع نفسك ما ألقى في قلوب الأزواج المودة والرحمة إلا الله ما عُمِّرت البيوت إلا بأمر الله ، ما اختلفت ألسنة الناس إلا أن الله كان من فعله أنه جعلها مختلفة ما تغيرت الألوان إلا أن الله أعطى لكل واحد من الناس لون، وكل هذا سيصلح حال الناس.

الاستهزاء بالناس، الاستهزاء بألوانهم، ما سببه؟
سببه كلمة واحدة أنهم غير عارفين انه خلق الله فعل الله، وأنك لا تعرف أنه آية من آيات الله يجعلك تتعدى على فعله، وهذا تعدي على الفاعل، وتصور ماذا يحدث في البيوت والناس في صمت لا يتكلمون، والناس لا تدافع عن حرمة التعدي على فعل الله، والسبب الإيمان الإجمالي أن الله الخالق الرازق المالك وتفصيلًا غايب عنا. لدرجة أنني عندما أشرح لابنتي في درس العلوم أو الجغرافيا ظاهرة مثل ظاهرة سير السفن في البحر، هذه الظاهرة نتكلم فيها عن قوة دفع الماء وعن قوة ثقل السفينة وغير ذلك، وبعد ذلك نضع لها كم حرف ونقول لها هذه المعادلة احفظيها وستنجح في الاختبار.

جريان السفن من أفعال الله وآية من آيات الله، ولم يجريها إلا الله، ولم يجعل هذه السنة الكونية موجودة في الكون إلا إياه، موطن عظيم من مواطن الإيمان بالله، ما نريد أن نخرج نتكلم في الإبحار في الكلام عن الإعجاز العلمي عن التفاصيل العلمية، كل الذي نريده آية تقرأها في كتاب الله واضحة لا تحتاج إلى تفسير بل أنت فاهمة معنى أزواج ومودة والرحمة، وفاهمة معنى اختلاف الألسنة واختلاف الألوان، وفاهمة معنى البرق، وفاهمة معنى الماء وإنباته، فحرر هذا قبل أن تحدثني عن الذي لا تفهمه كلمني عن الذي تفهمه وحرره وكل مرة تجد هذه الآية كرر على نفسك والله ما أنزل المطر إلا الله ما أنبت هذه الأرض الخضراء إلا الله، يعني الآن الذي يطلع جدة مكة يرى عجباً العشب الأخضر أصبح بطول الناس، عجيب منظر عجيب ماذا تقول؟ ما أنبته إلا الله!

وانظر عندما تردد على نفسك ما أنبته إلا الله أي إيمان هذا الذي سيزيد في القلب؟!  كلما وحدت وجمعت كل الظواهر أن واحدًا فعلها كلما تعلق قلبك بهذا الواحد، صار هو ملجأك، أصبح وحده مرادك. مثلًا بنتي متزوجة وأريد مودة ورحمة بينها وبين زوجها أفعل لها خارطة تفعل وتفعل،ونقول هذا اخذ بالأسباب أول واهم سبب على الإطلاق أن تطلب من ينزل المودة والرحمة مَن من آياته المودة والرحمة تسأله أن ينزل المودة والرحمة، أين هذا؟؟ غالبنا نعتقد أن الحياة الزوجية تنجح بقوانا، وهذا ما شرحناه أمس في مثال بسيط: كيف يقع منا أن نستغني عن الله بما أعطانا الله؟ يحصل هذا أن العباد يستغنوا عن الله بما أعطاهم الله، كيف ذلك؟ يعني كم مرة أعطانا الله ـ عز وجل ـ القوة والقدرة ونحن نتخيل أن قوتنا وقدرتنا تمكنا من القيام بالفعل.

الآن أذن المؤذن مثلاً حيى على الصلاة وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله، يعني : لا أستطيع أن أقوم إلى عبادتك يا ربنا إلا إذا أعطيتني الحول والقوة، كم مرة شعرنا بهذه المشاعر كما ينبغي؟ نحن لما يكون عندنا شيئًا من الصحة ماذا يقع في قلبونا؟ أنني استطيع أن أقوم الليل استطيع أن أصلي أستطيع أن أصوم عندي وقت استطيع أن أقرأ القرآن، كل مرة تتكلين فيها على نفسك يقع لك الخذلان، الحول والقوة من الله لا تستطيع أن تستغني عن الله ولا طرفة عين، لكن الخلق ماذا يفعلون؟ يعطيهم الله القوة فيظنون أنهم يملكونها، يعطيهم المال يستغنون عن طلب الله البركة ويظنون أن المال معهم يغنيهم عن الله.

على كل حال أنا لا أريد أن أشتتكم أريد أن نسير على خط واحد، الآن نحن نتكلم عن مواضيع القرآن وهذا أول مسلك لك يجب أن تسلكه لا تأتي إلى ما تراه غير مفهوم تعال إلى المفهوم، وابدأ حتى لو كنت تتعامل بالسور أو المواضيع فالنتيجة واحدة هناك مواضيع مهمة يجب عليك أن تفهمها، أهمها وعلى رأسها معرفة الله لآن هذا الكتاب يعلمني عن الله هذا الكتاب أتى من أجل أن تعرف الله، كل فعل لله يجب عليك أن تعتني به، كيف تعتني به؟ وحِّد الله به.

ننتقل إلى الآية التي بعدها {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ * وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} أنت ترين السماء والأرض أليس السماء آية من آيات الله؟ لكن ليس خلقها فقط أيضًا هناك آية عجيبة، نحن الآن في قانون الخلق أن لا شيء مرتفع إلا بأعمدة والسماء قائمة بغير عمد آية ما أقامها إلا الله ما أمسكها إلا الله، وهي آية تكرر في كتاب الله المطلوب منك ماذا تفعلين؟ توحِّد الله تعالى بها، تعلم أن الله هو الذي أمسكها أن تقع رفعها بغير عمد، وهذا أيضاً كما تعلمون في أول سورة الرعد أشير إليه.

إلى أن أصل إلى آية 46 في الروم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} لازال نفس الأمثلة { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ } أنتم سمعتم أمس وأول أمس عن في الرياح في المملكة، هذه الرياح آية من آياته كلما سمعت عنها تقولين ما أرسلها إلا الله، تأتيك أخبار كلما تأتى الأخبار هذه يجب أن تحرك وجدانك، وتذكري آية على الأقل في كل آية من آياته تذكري موطن من مواطن الخبر عن الله، وهذا الكلام خصوصًا للحفاظ الناس الذين يحفظون القرآن لا يصلح أسالك أي موطن ذكر الله فيه إرسال الرياح؟ لا تعرفين أن تأتي به، المفروض تجمعيه مع بعضه، لو كنت حافظة تقولين ذكر الله إرسال الرياح في سورة كذا وكذا وقال في ذلك كذا وكذا، هذا هو المفروض ناتج الحفظ، فعل من أفعال الله يكون واضح تماماً أين أخبرني الله عنه، لسنا كلنا حفاظ لا بأس، أحفظ موطن واحد من مواطن هذا الحال الذي أنت تعيشه، الآن الرياح أليست كل الليل والنهار حولنا؟ كلما رأيت الريح قل ما أرسلها إلا الله والدليل أن الله قال في سورة الروم كذا وكذا.

نأخذ مثالاً أيضًا لنصل إلى الفلك في آية (46) ماذا قال الله عز وجل عن الفلك؟
اللام هذه لام التعليل، تعليل لإرسال هذه الرياح، يعني هذه الرياح من آثارها أنها مبشرات للمطر وأنها سبب لإجراء الفلك التي لا تجري إلا بأمره هل أنت فاهم هذه المسالة فاهم أن هذه لا تجري إلا بأمره؟ يعني لو اجتمع أهل الأرض على إجراء سفينة ما أجروها !!ولو اجتمع أهل الأرض على إنقاذ سفينة من الغرق ما أنقذوها !!مهما بلغ حالهم من التقنية والاعتناء والاهتمام. !! المقصد أنه تجري الفلك في البحر بأمره ـ سبحانه وتعالى ـ وعلى ذلك وجب عليك أن توحده في الإجراء ما أرسل هذه الرياح إلا الله ولا أجرى السفن في البحر إلا الله. هكذا تبين الكلام حول توحيد الربوبية هو ليس المقصد توحيد الربوبية، بقدر ما هو المقصد الكلام حول أفعال الله سبحانه وتعالى وبيانها في قلوبنا توحيد الله بأفعاله سبحانه وتعالى.
 مرّ معنا طريقة أخرى في النظر إلى أسماء الله عز وجل وصفاته نظرنا إليها بأي طريقة؟  أتينا إلى ختم الآية مثل سورة الشعراء كرر تعالى اسمه (العزيز الرحيم) بعد كل قصة تسع مرات وفي الحج وجدنا صفحة واحدة خُتمت الآيات فيها بأسماء متعددة، هذه طريقة تلاحظها لا يصح تقرأ سورة مثل سورة الشعراء من أولها إلى أخرها ولا تلاحظ تكرر اسمي (العزيز الرحيم ) طول السورة، ولا يصح تقرأ موطن مثل موطن سورة الحج وتتكرر أسماء وراء بعضها ولا تلاحظ أن كل آية ختمت بأسماء الله ـ عز وجل ـ .

نحن الآن في طور الملاحظات إلى أن بلغنا الكلام حول أفعاله مثل اليوم، فألاحظ أسماءه ـ سبحانه وتعالى ـ في خواتيم الآيات سواء تكررت في السورة أو تعددت في السورة، وألاحظ أفعال الله ـ عز وجل ـ  والأفعال لها نوع في التوحيد الأسماء والصفات لها نوع في التوحيد. بعدما فهمنا أن هناك آيات تختم بأسماء، أو سور تتكرر فيها أسماء، أو تأتيني أخبار عن الله؟ في هذا كله المطلوب أن تسأل: ما معنى ذلك؟ أي: خُتمت الآيات باسم اللطيف الخبير، في لقمان، يكلم ابنه يقول له : يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتن في صخرة، أو في السموات أو في الأرض يأتي بها الله، إن الله –ما وصفه – (لطيف خبير) لماذا ختمت الآية باللطيف خبير؟
{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[64]

حتى أصل لهذا السبب المفروض أن أفتح مشروعاً جديداً، وهو:
·       أن أعرف معنى لطيف وأعرف معنى خبير، هذا قبل التفسير، الآن سأبحث في موطن متخصص، مثل كتاب فقه الأسماء للشيخ عبد الرزاق البدر، فأبحث ما معنى لطيف؟ ما معنى خبير؟ خرجت بالمعلومتين .
·                  ثم أقول على ما فهمت باسم اللطيف الخبير ما علاقته بالآية؟
إلى الآن لا أتكلم عن التفسير، إلى هنا حصل عندي سؤال. المهم عندي سؤال، وهذه العقول الأسئلة فيها طبيعية لكن متى تهتم بالقرآن ؟ لما نتعبد الله بحديث ((مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ))[65]. انظر لو تركنا ما لا يعنينا تجمعت قدرتنا الذهنية على أسئلة الاستفهام على القران، لكن نحن مشغولون عقولنا مشغولة، فبسبب انشغالها ما صار عندنا قدرة أن نجمع أسئلتنا على القرآن.

المقصد الآن أن آتي إلى أسماء الله وصفاته التي أقرأها وألاحظ:
·                  لماذا ختمت الآيات بهذا؟
·                  هل السورة فيها أسماء متكررة أم لا؟
·                  هل السورة فيها أسماء متعددة أم لا؟
 ليبقى في عقلك دائماً، في الشعراء كرر فيها كذا وكذا، الحج كرر فيها كذا وكذا، المؤمنون ورد فيها كذا وكذا، طه أتى فيها اسم الرحمن، وهكذا.

انتهينا من الأسماء والصفات، بقي لنا الأفعال وهي مثل ما تمرنا كل ما تمري على أفعال لا تنتقلي لا تجري القرآن وأنت تعامله لا تجري قفي عند الآية وعيديها كم مرة وقول كم فعل فيها من أفعال الله ما المطلوب مني؟ أن أعتقد أنه لا يرسل الرياح إلا الله أن اعتقد أنه الفلك لا تجري في البحر إلا بأمره أن اعتقد أن المودة والرحمة التي بين الأزواج لا ينزلها إلا الله أن أعتقد... أن أعتقد ...وهكذا.  فكم من المواطن ستجد؟ شيئاً عظيماً، وهذا هو الذي يسبب زيادة الإيمان بقراءة القرآن، طيلة الوقت يقال لك: اقرأ القرآن يزيد الإيمان و نجد نفسنا نقرأ ولا نشعر بالزيادة ، والسبب انقطاع علاقتنا بأسماء الله عز وجل وصفاته وأفعاله.

في سورة طه وجدت أنه تكرر اسم الرحمن،في عمل أخر منفصل اذهب وافهم ما معنى اسم الرحمن وافهميه بالتفصيل، في سورة الحج هناك أسماء كثيرة متعددة، هل لها علاقة ببعضها أم لا؟ اجمعها واكتبها وأفهم كل اسم لوحده ثم اذهب لتفهم هل لها علاقة ببعضها أم لا؟ ثم تصور هل لها علاقة إجمالاً ببعضها أو ليس لها علاقة؟ نحن نتكلم عن الأسماء والصفات والأفعال.

هذه خطة قصيرة المدى إلى أن نلتقي المرة القادمة ، لكن سنحدد سوراً بعينها ستكون ملاحظتنا فيها  لنتدرب في ذلك، سأبدأ من المفصل ، يعني سنأخذ سورة الزمر و غافر وفصلت والشورى سنتدبر في أسماء وصفات وأفعال هذا تمرين على أنكم تأتون اللقاء القادم ونكون مررنا على هذه المرحلة.

بذلك نكون انتهينا من المرحلة الأولى ننتقل الآن إلى موضوع ثاني:
موضوع القصص القرآني
اتفقنا أمس أن تقرؤوا سورة القصص هل لاحظتم شيئًا ؟ قصة موسى ـ عليه السلام ـ في ملاحظة مهمة وأنت تقرئين هل لاحظت شيئًا؟ أكيد أشياء كثيرة ! قرأتم في السورة كلمة بني إسرائيل؟ في القصص هل توجد كلمة بني إسرائيل؟  انظري جيدًا: يعني عندما يحكي الله ـ عز وجل ـ عن موسى وقومه وصف قوم موسى بأوصاف ما هي أوصافهم؟ أنت عرفت أن الله يتكلم عن من؟ كيف؟ وجدت أن الله ـ عز وجل ـ يصفهم أولاً أنهم طائفة، وأنهم الذين استضعفوا - أنا أريد اسمهم قبل أن يحصل منهم أي شيء - تحتاجين أن تبحثي جيداً من أجل أن تجيبي،الآن السورة كلها تتكلم عن قوم مستضعفين منَّ الله عليهم ، طول السورة نسمع هكذا ونسمع عن شيعته.

انظري أول السورة يتبين لك الأمر جيدًا، انظري الآية الثالثة ستفهمين المعني {نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }[66]" لقوم  – لام التعليل - هنا يعني هذا النبأ الذي ستقرؤه هنا من نبا موسى وفرعون إنما هو لقوم يؤمنون أي الخطاب وجه لقوم مؤمنين لأجل أن ينتفعوا. الآن اذهبوا إلى سورة طه في أول السورة يقول الله لنبيه،أريد أن نصل إلى القصة الحديث عن موسى، إلى قوله {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} الخطاب للنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في طه، في القصص يقول الله أن هذا الخطاب يخاطب به المؤمنين.

انظري القصة نفسها تأتي في سورة طه كلام للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  لأجل ذلك أول حدث أخبر به النبي في قصة طه عن قصة موسى، أي حدث؟ وقت الوحي ، {إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا...} في طه يقول الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم . ثم القصة تترتب ليس ترتيبًا تاريخيًا إنما ترتيب على الحدث الذي يهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من نقطة وحي الله ـ عز وجل ـ  إلى موسى ثم يأتي الكلام عن أصل نشأته، لكن نقطة البداية في القصة عن الوحي، ثم يتكلم الله عن نشأته، أما في سورة القصص ليس كذلك أتى من أول القصة ثم لاحظي الكلام عن الاستضعاف انظر في الآية الخامسة {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ}[67] هم بنو إسرائيل في القصة لكن هذه قاعدة عامة يعني الآن الخطاب للمؤمنين في مكة يقال اسمعوا يا أيها المؤمنون قصة فرعون وموسى وانظروا كيف كان (قوم موسى) مستضعفين كما أنتم مستضعفون وانظروا كيف الله ـ عز وجل ـ  أراد أن يمنَّ على القوم المستضعفين كما أراد أن يمنَّ عليكم يا مستضعفين، ثم تأتي القصة بتفاصيلها.

لاحظ القصة تتكلم عن منن الله ـ عز وجل ـ على موسى وكيف أن الله منَّ عليه ومنّ على أمّه، كلها بالتفصيل تتكلم عن كيف الله ـ عز وجل ـ إذا أراد أن يمنَّ على قوم مستضعفين يهيئ لهم من يقودهم للخروج من الاستضعاف، إذًا هذه القصة هي نفس القصة قصة موسى، لكن عرضها هنا في القصص غير عرضها في طه، هنا الكلام عن يا أيها المستضعفين أياً كان ضعفكم انظر كيف عندما يريد الله أن يمنَّ على المستضعفين ويخرجهم، ماذا يفعل لهم؟ يهيئ لهم من يقودهم ويهيئ لهم أسبابًا عجيبة.

بدأت سورة القصص في وصف حال موسى وأمه في حالة الضعف الشديد الذي كانوا فيه وكيف كان ممكن أن يُقتل، ومع ذلك كيف نجاه الله ـ عز وجل ـ أعجب نجاة!! كان الله قادرًا على أن يأتي موسى في السنة التي لا قتل فيها لكن لتعرف كيف أن الله يمنَّ على الذين استضعفوا ويخرجهم من مضائق المسائل،  وكيف الله ـ عز وجل ـ يدبر للنبي الذي سيكون سببًا لهلاك لقوم فرعون يدبر له أن يكون يتربى في بيت فرعون كل هذا تسمعه في سورة القصص.

كم مرة سمعت كلمة ( خوف ) في القصص في مقابل أنها وردت في طه مرة واحدة؟
فكأنه تصوير للحالة التي كانوا فيها، ويقال لك: مهما كنت مستضعفاً في دينك ركز جيدًا وانظر لموسى وانظر لقومه وانظر لفرعون كيف كان له غاية السلطة وهو في غاية الكِبْر وغاية السلطة ماذا يفعل الله ـ عز وجل ـ به ؟ يخسفه ينزله، كيف دبر الله هذا التدبير؟ بأمر عظيم غاية في اللطف لا يمر على الخاطر، لما يريد الله ـ عز وجل ـ  أن يمنَّ على الذين استضعفوا يمنَّ عليهم بأبواب لا تمر على خواطرهم، لكن كل القصة أن تبقى متيقناً أنه سبحانه وتعالى من وقف ببابه لا يخذله ولا يرده، بل كلما زدت ضعفاً وتعلقاً بالله سبحانه وتعالى كلما أنجاك من باب لا تدركه من الأبواب.

المقصد كيف تصلين إلى هذه الملاحظة؟ إلى هنا لا احتاج أبداً التفسير أنا سأرى هذه السورة الآن عندما ورد فيها قصة موسى وردت كلها بتفاصيلها أم ورد جزء منها؟ كيف بدأت؟ بدأت بأول التسلسل التاريخي أو بدون التسلسل التاريخي؟  كل هذا له أثر وعلاقة بنفس السورة.
انظر لطه أولها ماذا يقول الله عز وجل؟  {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} انظري أخر السورة، قبل الأخير في قصة، قصة ادم انظري هل وردت كلمة تشقى في قصة آدم؟ نعم في آية (117) {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}، إذاً بدأت السورة {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} وأخر السورة قصة آدم حذَّره الله أن يطيع عدوه فيشقى.

نذهب إلى آية ( 123 ) وقع قدر الله وخرج ادم من الجنة وأهبطه إلى الأرض ماذا قال له؟ {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} فمن الأول ما أنزل القران لتشقى ولا أنزل الله ذكر من السماء إلى الأرض واتبعته وستشقى أبداً.

السؤال الآن هنا: قصة آدم ما علاقتها بسورة طه؟
قصة آدم علاقتها بسورة طه كأنها تشير إلى أول الخليقة وكيف حصل الشقاء في عدم طاعة الله وطاعة العدو ثم مع ذلك تداركت بني أدم الرحمة وأنزلهم الله إلى الأرض، وجعل الحبل المتين الذي هو كلامه سبحانه وتعالى سبب بينهم وبينه لحفظهم ومنعهم من الشقاء، فأخر السورة تحكي عن أول السورة {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} ولا أنزل من السماء إلى الأرض ذكر لتشقى، بل لو تمسكت لا تشقى، هذا من أول السورة لأخره فأنت الآن تتكرر عليك بعض الكلمات في السورة ليس من المنطق أن تقرأ السورة من أولها إلى أخرها ولا تلاحظ أنه (تشقى ، يشقى) وردت ثلاث مرات وخصوصًا لو كنت تحفظيها، أين عقولنا ونحن نحفظ أو ونحن نقرأ؟ أنا لا أقصد الانتقال إلى كتب التفسير فقط أريد علامة استفهام كم مرة جاءت كلمة تشقى؟ لو قرأت بكل سهولة أول السورة يقال لك:{مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} وأخرها {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} ألا تستطيع الربط بينهم؟ القرآن لم ينزل ليشقى العبد وفي الأخير يقال لك: الذكر الذي ينزل من السماء لو اتبعته لا تضل ولا تشقى.

قراءتك بتركيز وعناية للقرآن تأتي بهذه النتيجة، ولا نريد روابط عميقة، وأنا لم أذكر الرابط العميق، أنا فقط ذكرت لك كلام يوضح لك أن هنا يوجد يشقى ويشقى فقط، ولو قرأت في طه ستأتي ليشقى ثلاث مرات واسم (الرحمن ) ثلاث مرات، ولازم يكون هناك علاقة بين الرحمن وبين نفي الشقاء لابد، فالرحمن لا يمكن أن ينزل عليك كتابًا لتشقى.

المقصد الآن أنك المفروض تقرأ في القصص وأنت تقرأ في القصص ماذا يحدث؟ لازم تنتبه، عندما أسأل أحد كم مرة وردت قصة موسى؟ أحسن جواب كثير، كم مرة وردت قصة أدم؟ كثير، فقط هذه الإجابة التي تأتي، لا تنفع هذه الكلمة يجب أن تكون بكل دقة. 

نختم كلامنا حول علاقتنا بالقصص القرآني ماذا سنفعل؟ سنحدد قصة واحدة على أننا نقوم بعملية متابعة لها ونتفق كيف تكون المتابعة نبدأ بقصة موسى عليه السلام سنختار قصة موسى ، اخترت القصة بدأت بالموضوع وعلى أساسه ستنفذين على باقي السور.

ماذا ستفعلين الآن؟
مطلوب منك ( 4 ) طلبات وأنت تقرئين وردك:
1.      كل مرة تصلين فيها إلى موطن فيه قصة موسى تكتبين: وردت قصة موسى في سورة البقرة من آية كذا إلى كذا تخرجين بجدول فيه اسم السورة ورقم الآيات التي ذُكرت فيها القصة. انتهينا من المطلب الأول. المفروض أننا إلى شهر تكوني مررت على المصحف كله وتتبعتيه في كل القرآن، وعرفت بعد ذلك أين وردت القصة في القرآن.
2.      في كل موطن تقرئين فيه القصة مطلوب منك أن تحدّدي الأحداث التي ذُكرت في هذا الموطن، (يعني ذُكر في هذا الموطن الوحي، وذكر في هذا الموطن قصة ولادته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وذكر في هذا الموطن قصة السامري مثلاً، وقصة إرساله –بعثه-  تذكرين محاور القصة وليس الآيات، كأنها عناصر الأحداث التي حدثت).

مثال: في قصة موسى ، قصة السامري ما أتى إلا في موطنين في الأعراف وفي طه، بعد ذلك يأتي سؤال استفهام (لماذا؟) الآن فقط تحددي الأحداث التي وردت عن القصة في هذه السورة، هل ذكر الكلام عن السحرة أو فقط ذكر ختام الموقف وأن الله أهلك فرعون؟ هل ذكر هلاك فرعون بالتفصيل أو بالإجمال؟ لا تحتاري كثير اكتب أي تعبير تستطيع أن تعبر أنت فقط تشكلين فكرة في رأسك، كوني يسيرة يسري الأمر على نفسك لا تعقدي المسألة فقط تريد أن تعرف هنا ماذا ذكر؟ مثلاً قصة موسى مع مدين أين ذكرت؟ هل ذكرت في كل المواطن أو موطنين أو كم موطن؟ هذا سيفيدنا بعد ذلك عندما نبدأ نتناقش، لابد أن تحرري المسألة حتى لما نلتقي نتناقش.

3.      نريد أن نحدّد -أثناء البحث- ألفاظًا أو أوصافًا متعدّدة لحَدَثٍ واحد أو لموصوف واحد.
مثال: عصا موسى ذكرت بصفات مختلفة (ألفاظ مختلفة)، ذُكرت أنها (ثعبان – وأنها حيّة– وأنها جانّ ) وأنت تقرأ في كل موطن المفترض أن يلفت نظرك، ما العلاقة؟ ثعبان مبين ، حية تسعى، وكأنها جانّ، أكيد أن جمع هذه الأوصاف سيعطيني معنى، هذه العصا تحولت إلى حية من نوع الذكور الكبير الذي هو الثعبان، وكانت حركتها سريعة لأن الجان نوع من الحيات قويّة الحركة قويّة الاهتزاز، فهذا موطن ورد في القصص موطن ورد في (الأعراف موطن ورد في النمل ). صفي عصا موسى معًا: حية من نوع الثعبان (الذكر الضخم) شديد الحركة كأنها جان، من أين أتت؟ من جمع موصوف واحد بأوصاف متعددة. هكذا ستجدين مثل هذا، حدث واحد وُصف بأوصاف متعددة، مطلوب منك تجمعيه في مكان واحد. في القصة تأتي أحداث توصف، كل مرة توصف بوصف آخر، أكيد أن جمع الأوصاف يعطينا صورة مختلفة.

عندنا اتجاهين:
إما أن أدرس السورة أو أدرس القصة، لو درست السورة سيكون طريق، ولو درست القصة سيكون طريق، نريد أن ندرس القصة من أجل أن يكون عندي عملية تجميع، ثم لما أدرس السورة تؤثر عليّ دراسة القصة.

4.      نريد أن نعتني بالألفاظ الغريبة التي ترد في القصة يعني ألفاظ غير مفهومة.
لا تتسرعي في تحديد أن هذه الكلمة لا تعرفين معناها، كيف أفعل؟ تعالي إلى كل كلمة تظنين أنك لا تعرفين معناها وجربي أن تعبري عنها بكلام من عندك، تجدي نفسك حتى الكلمات التي ترين أنك تعرفي معناها لا تستطيع أن تعبر عنه، لأن العلم هو ما تستطيع أن تعبر عنه. فستجدي أن الكلمات الغامضة مقياسها غير صحيح، متى تكون الكلمة غير غامضة؟ لما تستطيعين أن تعبري عنها تعبيرًا صحيحًا، لكن أنت طول ما تستطيع تعبر عنها لا تعرفيها ولا تفهميها ولكن أنا مدركة معناها، نقول: الإدراك شيء غير العلم، العلم هو أن تستطيع أن تعبر عن المدرك عنه، يعني أنت تدرك مسألة تدرك أن الإيمان شيء يقر في القلب تدرك حلاوته تدرك أنه مع التجارب والأيام والخبرة زاد الإيمان، لكن الآن أريدك أن تعلمني كيف أزيد إيماني؟  زيادة الإيمان لا تكون علمًا إلا إذا استطعت أن تترجم لي إياها، لا تصبح علمًا إلا إذا استطعت أن تقول لي: اسمع من أجل أن تزيد الإيمان فتح عيونك واقرأ في كتاب الله وانتفع منه بعد ذلك انظر إلى آياته الكونية وبعد ذلك افعل وافعل وأفعل من أجل أن يصبح علماً.

من أعجب ما مر علي من مواقف كنت في مدينة من مدن المملكة، تعلمون كيف الشباب يكتبون على الجدران، وجدت واحد كتب (ما هو الإيمان؟)!! مائة عاصفة أتت! لماذا يسأل؟! شاكّ؟ عنده ضعف؟ متشتت؟ يريد أن يثير أذهان الناس؟ ماذا يريد؟السؤال هذا يثير عندنا مشاعر أن الناس عندهم مشكلة، هناك أشياء نطالبهم بها ولا نترجمها لهم، نقول لهم: لازم تحبوا ربنا وهم لا يعرفون الله! نقول لهم: لازم تؤمنوا ونحن لا نفهمهم ما هو الإيمان!  نقول لهم لازم تحترموا تكونوا أشخاص محترمين وهم لا يفهمون أن الاحترام إعطاء كل ذي حق حقه مثلاً! هذه علة كل واحد فينا يعرف يقرأ ويكتب لابد أن يعرف أن يعبر، تجتهد في ماذا؟ لابد أن تقضي وقتك في الكتاب الذي لو تمسكت به لا يضل ولا يشقى، أي شيء ثاني لابد أن فيه نسبة من الضلال والشقاء، قلوبنا لابد من تخليتها.

نريد منكم أن تبحثوا عن الكلمات الغريبة التي مقياسها لا تتصوري أنها فقط التي لا تدركيها، الكلمة الغريبة التي تشعر أنك لا تستطيع التعبير عنها، تكرريها ولا تعرفي معناها. مثل الأمس لما تكلمنا عن السدر، وشجرة السدر التي هي معروفة وبالذات أهل الجزيرة العربية، وفي النهاية خرجنا بأننا لا نعرف كلمة نكررها! كأن المطلوب مني تستوقفني كل آية وكل كلمة وأسأل نفسي هذه الكلمة أستطيع أن أفكر وأعبّر عنها أو لا ؟ لكن هذه النقطة الرابعة لا تنتظروا اللقاء من أجل أن نتفاهم فيها اقرأ من أجل أن تغذي نفسك وتأتيك الصورة واضحة عن معنى الكلمة. لأن هذا يسير الجواب عليه. يعني صار ثلاث نقاط ستتابعوها وبعد ذلك نأتي مع بعض ونتفاهم، النقطة الرابعة أنت بنفسك كل كلمة تمر عليك أعطي نفسك فرصة تعبّري عنها تشرحها لأحد، مثال :كلمة تشقى ما معنى كلمة تشقى؟ عكس السعادة. هذه طريقة متأخرة في شرح الأمر أن أشرح الشيء بضده، لازم أشرح ما معنى الشقاء؟ وحتى السعادة كلمة ضائعة على ناس كثيرون لا يعرفون معناها.

ففي النقطة الرابعة المطلوب مني حتى أعرف ما هي النقطة الغامضة علي، أجرب نفسي بأن أشرح هذه الكلمة لأحد ما معنى تضل؟ ما معنى تشقى؟ وما الفرق بينهم؟ غالبًا تجد إجابات سهلة على هذه الأسئلة، في كتب التفسير في كتب اللغة في المعاجم إلى أخره. ستجد نفسك أعملت عقلك، ففي السابق كان هناك تعطيل، وسنأتي إلى هذه النقطة، نقول نحن قلوبنا امتلأت صورًا ومشاغل غير القرآن! لذلك مما يدمِّر قلوب الخلق: كثرة مخالطتهم للخلق، بالذات أقوله للشباب، كثرة مخالطتهم بدنيًا وكثرة مخالطتهم بما يتابعونه في وسائل الإعلام! طيلة ما هم يقلبوا في هذه القنوات ويرون فيها فلان وعلان حتى القنوات التي نسميها إسلامية وصالحة حتى هذه القنوات، المسألة تحتاج لشيء من الاتزان لا تقلب على نفسك الصور وتنتقل من هنا إلى هنا وتجد لنفسك مشتتاً، يجب أن تضع لنفسك خطة وتعرف أنت أين مكانك؟ أما من يتابع المسلسلات والبلاءات فلا تسأل عن قلوبهم! هؤلاء يصلون وهم يفكرون في نهاية هذا المسلسل الذي يرونه، انظري للحرب التي تحدث علينا عندما يقترب رمضان، انظري كيف القنوات ترمينا بأسهم الشيطان، انظري للشباب كيف يجدون أنفسهم لا استعدوا لرمضان بالإيمان ولا لما أتى رمضان استطاعوا أن يخلوا قلوبهم للإيمان. بعد ذلك يقول لك ما فيها شيء بعد ذلك أنا أرى وبعد ذلك أذهب للصلاة، قلبك مكان واحد إما يخلو لذكر الرحمن أو يكون بيت للشيطان، لا حل ثالث. لذلك كلما قلّبت من أجل أن ترى، كلما تقلّب قلبك الذي أصله يتقلب، قلبك اسمه قلب لماذا؟ لأنه يتقلب.

ونحن في مجالس الذكر ونحن نتعلم ولا نستطيع أن نمسك قلوبنا! كيف وقلوبنا تتقلب وينظر إلى هذا وإلى هذا ويتابع هذا والناس اليوم مسلسلات بالمائة حلقة وثمانين حلقة ! هذا كله عبث بقلوب الأبناء، عبث بقلوب النساء، عبث بقلوب شباب الأمة، عبث، صور صور صور مليئة في قلوبهم وطيلة الوقت يفكر هذا ماذا سيفعل وهذا ماذا كان، كل هذا أكيد سيشغل القلب عن الرحمن أكيد ! وقد مضت سنين طويلة كان الناس يظنون أنهم يمكن أن يجمعوا بين الإيمان والشيطان! لكن لابد أن نتنبّه أنه لا يمكن!

ثم إن لذّة تجدها في القرآن والله ستشفيك، لكن أنت فقط توسل إلى الملك العظيم أن يحبب إلى قلبك الإيمان ويزينه ويبغض إلى قلبك كل ما هو فسق، هذا الفعل ليس من فعل الخلق إنما هو حقًا من فعل الرب لمن كان صادقاً، فإن كنت حقاً صادقاً تريد السعادة وطرد الشقاء (ترى من تابع الذكر لا يضل ولا يشقى أبداً يقينًا)
نختم اللقاء بالكلام مرة أخرى حول أسباب زيادة الإيمان ونقول: سنقبل على موسم عظيم نسأل الله أن يبلغنا إياه، وإذا ما بلغناه بأعمارنا نسأل الله أن نبلغه بقلوبنا، نريد أن نعيش أياماً قادمة ينظر الله إلى قلوبنا فيجد شوقاً إلى الأيام الفاضلة.
·                  وهذا الشوق بنفسه موطن من مواطن الأجر
·                  الشوق لا تعرفه إلا لما تعرف الحرم، الشوق لا تعرفه إلا لما تعرف رمضان
·       الشوق لا تعرفه إلا لما تعرف الحج هذا الشوق، عاصفة تمر بالقلب نفسك تكون موجود، تسمع الأذان في الحرم فتشعر عاصفة من المشاعر تودّ أن تنتقل إلى ذلك المكان! ومثله في رمضان، ومثله في الحج.

المقصود: ينظر الله إلى قلبك وأنت تذكر هذه الأيام الفاضلة، فيرى شوقاً لطاعته، فإذا كان هناك شوق للطاعة ستلين القلوب, ما الذي يشوقنا للطاعة؟
·                  قلة عنايتنا بالدنيا
·                  أخذنا بأسباب زيادة الإيمان
 لا تنشغلوا عن القرآن لا تنشغلوا عن الرحمن لا تنشغلوا بالدنيا، رأس كل خطيئة: حب الدنيا، التعلق بها، الطمع! كن طمِعاً في رحمة الله ، كن طمعاً في رضاه، اطمع أن ينظر الله إليك فينزل رحماته عليك.

أسأله سبحانه وتعالى بمنّه وكرمه وهو القادر على كل شيء أن يشرح صدورنا بالإيمان أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا أن يكره لنا ويبغض لنا الكفر والفسوق والعصيان وأخص بذلك الشباب، أسأل الله أن ينزل عليهم رحماته، أسأل الله أن يحبب إليهم الإيمان حبًا جمًا، ويبغض إليهم الكفر والفسوق بغضًا جمًّا، اللهم آمين.







[1] "صحيح مسلم" ( كتاب الحج / باب فِى فَضْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ / )
[2] "صحيح البخاري" ( كتاب الإيمان / باب تَطَوُّعُ قِيَامِ رَمَضَانَ مِنَ الإِيمَانِ / 37 ) ، "صحيح مسلم" ( كتاب صلاة المسافرين / باب التَّرْغِيبِ فِى قِيَامِ رَمَضَانَ وَهُوَ التَّرَاوِيحُ / 1815 ) .
[3] "صحيح البخاري" ( كتاب الإيمان / باب صَوْمُ رَمَضَانَ احْتِسَابًا مِنَ الإِيمَانِ / 38 ) ، "صحيح مسلم" ( كتاب صلاة المسافرين / باب التَّرْغِيبِ فِى قِيَامِ رَمَضَانَ وَهُوَ التَّرَاوِيحُ : 1817 ) .
[4] سورة الفتح: 4.
[5] سورة المدثر:31.
[6] أخرجه الحاكم ( 1 / 4 )، وحَسَّنَه الألباني (السلسلة الصحيحة، 4/ 113).
[7] "صحيح البخاري" (كتاب الإيمان/ بَابٌ أُمُور الإِيمَانِ/ 9)، "صحيح مسلم" (كتاب الإيمان/ باب شُعَبِ الإِيمَانِ/ 161).
[8] سورة آل عمران:18.
[9] سورة الملك:1.
[10] سورة يونس:25
[11] سورة الإسراء:9.
[12] سورة التوبة: 11
[13] سورة الأحزاب:70
[14] سورة الأنعام:122
[15] سورة آل عمران:191
[16] سبق تخريجهما ص6.
[17] سورة الروم: 48.
[18] سورة النمل: 62.
[19] سورة الأنعام: 122.
[20] الإسراء:82
[21] سورة يونس:57
[22] سورة التوبة:24.
[23] سورة العنكبوت:2،1.
[24] سورة العنكبوت:69.
[25] سورة الإسراء:9.
[26] سورة النجم:32.
[27] سورة الشورى:52.
[28] سورة الأنعام:122.
[29] سورة التوبة:46.
[30] سورة الفاتحة:2.
[31] سورة الناس:3،2،1.
[32] سورة يوسف:86.
[33] سورة الأنبياء:81.
[34] سورة القصص:24.
[35] سورة العنكبوت:43.
[36] سورة إبؤاهيم:24.
[37] سورة فاطر:10.
[38] سورة إبراهيم:26.
[39] سورة اليقرة:26.
[40] سورة اليقرة:195.
[41] سورة البقرة:190.
[42] سورة الإنسان:9.
[43] سورة الأنبياء:37.
[44] سورة النساء:28.
[45] سورة الإسراء:83.
[46] "رواه البخاري" (كتاب أحاديث الأنبياء/ باب قَوْلُهُ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ...}/ 3435).
[47] سورة الواقعة:28.
[48]سورة الأعراف:175.
[49] سورة الأعراف:206.
[50] الأعراف201
[51] الأعراف204
[52] "صحيح البخاري" (كتاب الأدب/ باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره/ 6018)، "صحيح مسلم" (كتاب الإيمان / باب الْحَثِّ عَلَى إِكْرَامِ الْجَارِ وَالضَّيْفِ وَلُزُومِ الصَّمْتِ إِلاَّ مِنَ الْخَيْرِ وَكَوْنِ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الإِيمَانِ / 182).
[53] سورة الإسراء:27.
[54] رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
[55] الأعراف175
[56] سورة الأعراف:176.
[57] سورة الليل:6،5.
[58] سورة الليل:9،8.
[59] سورة الرعد:17.
[60] "رواه البخاري" (كتاب النكاح/ باب الوصاة بالنساء/ 5185).
[61] سورة الملك:2،1.
[62] سورة البقرة:2،1.
[63] سنن ابن ماجة وشعب الإيمان للبيهقي عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ فَتَعَلَّمْنَا الإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا ».
[64] لقمان 16
[65] سبق تخريجه ص66.
[66] سورة القصص:3.
[67] سورة القصص:5.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.